تحولت فصـ ـائل الجيش الوطني إلى مجموعة من المـ ـرتـ ـزقـ ـة لدى تركيا يقـ ـاتـ ـلون من أجل مصالحها وأهدافها في مختلف أصقاع العالم، هؤلاء من كانوا يقولون إنهم يقـ ـاتـ ـلون من أجل إسقـ ـاط الحكومة في دمشق، ولكن يبدو أن إسقـ ـاط هذه الحكومة يمر عبر النيجر وليبيا وأذربيجان.
منذ أن بدأت الثورة في سوريا، تدخلت تركيا وعدد من الدول الخليجية وفي مقدمتها قطر، في هذه الثورة، ومدوها بالسلاح والذخيرة والأموال، وأرسلوا إرهابيين من مختلف أنحاء العالم إلى هذا البلد، وحولوا الثورة إلى العسكرة من أجل إسقاط الحكومة السورية. ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفن الرئيس التركي وأمير قطر.
وبعد التدخل الإيراني والروسي القوي إلى جانب الحكومة السورية، وكذلك دفاع قوات سوريا الديمقراطية عن أجزاء من شمال وشرق سوريا، بوجه هجمات داعش وغيرها من المجموعات المسلحة التي كانت تدعمها تركيا، انهار مشروع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإعادة أمجاد الخلافة العثمانية البائدة. فغيّر أردوغان من استراتيجيته في سوريا، من إسقاط الحكومة السورية إلى القضاء على الشعب الكوردي.
ولذلك، استخدمت تركيا، فصائل الجيش الوطني التي شكلتها وقدمت لها الدعم والسلاح وخصوصاً الفصائل التركمانية، من أجل تحقيق مصالحها في سوريا وكذلك في خارجها، حيث استخدمتهم وسيلة لاحتلال الأراضي السورية، ونتيجة التوازنات الدولية وعدم قدرتها على احتلال المزيد من الأراضي السورية، حاولت تركيا الاستفادة لأكبر درجة ممكنة من هؤلاء المسلحين، فحولتهم إلى مرتزقة يقاتلون من أجل مصالحها خارج سوريا.
في البداية أرسلتهم إلى ليبيا من أجل القتال إلى جانب المجموعات الإسلامية التي تدعمها أنقرة، ومن أجل حماية القواعد التركية هناك ولاحقاً لحماية آبار النفط التي تستثمرها تركيا. وبعد ذلك أرسلتهم إلى أذربيجان من أجل القتال إلى جانبها ضد أرمينيا في إقليم ناغورني/قره باغ. وقتل عشرات المرتزقة السوريين هناك.
وأخيراً في العام الفائت، بدأت تركيا بإرسال الآلاف من المرتزقة السوريين إلى النيجر في أفريقيا. حيث تم إرسال المرتزقة من مناطق شمال غرب سوريا إلى داخل الأراضي التركية ليخضعوا لتدريب سريع ومن هناك يجري نقلهم بطائرات خاصة عبر شركة سادات التركية إلى النيجر التي تقع على الحدود مع ليبيا.
وخلال الفترة الماضية، تسربت معلومات على غرف الأخبار في مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالجيش الوطني السوري، عن تعاقد فصائل الجيش الوطني مع شركة سادات الأمنية التركية عام 2020، وبحسب الاتفاق فأن فصائل الجيش الوطني ملزمة بإرسال العناصر من أجل القتال أينما تطلب منهم خارج سوريا، ولكن بعد فرار بكر سادات مدير الشركة الأمنية التركية، تولى حزب العدالة والتنمية الإشراف بشكل مباشر على الشركة عبر الاستخبارات.
ويستخدم حزب العدالة والتنمية فصائل الجيش الوطني للقتال كمرتزقة عبر هذه الشركة ويحصل على مبالغ مالية طائلة من ورائهم ويستخدم هذه الأموال في تمويل الحزب ومخططاته بالمنطقة، ويقدم القليل من تلك الأموال لقادة فصائل الجيش الوطني من أجل إغرائهم لإرسال عناصرهم للقتال خارج سوريا، كما يستخدم هذا الحزب عناصر الجيش الوطني السوري للقتال من أجل مصالحه في الخارج.
هذا وكانت معرفات تابعة للمعارضة السورية كشفت سقوط مئات القتلى في صفوف عناصر الجيش الوطني في النيجر، وسط مناشدات لمن تبقى على قيد الحياة بالضغط على تركيا وتحريك الشارع في شمال سوريا من أجل إعادتهم إلى المنطقة.
وذكرت المعرفات نقلاً عن عنصر من فصائل الجيش الوطني ممن يتواجد حالياً في النيجر أنَّه ومن أصل دفعة ضمت 450 عنصراً لم يبقَ سوى 70 عنصراً فقط وأن بعضهم ما زال مفقوداً، مضيفاً أن أغلب العناصر الذين قُتلوا هم من فصيلي “السلطان مراد وسليمان شاه / العمشات”.
وأشار العنصر أن تركيا نقلتهم من شمال سوريا إلى حوار كليس ومنها إلى النيجر عبر طائراتها، لافتاً أن وفور وصولهم إلى هناك تم وضعهم في قاعدة روسيّة يتواجد فيها ضباط روس مع حراسة أمنية مشددة.
وأشار العنصر أنهم يُمنعون من الخروج من القاعدة الروسية في النيجر إلا لمقاتلة جماعة بوكو حرام.
في حين أشارت مواقع إعلامية تابعة للمعارضة السورية أن 50 جثة لعناصر فصائل الجيش الوطني متواجدة في حوار كليس ضمن برادات وأغلبها مقـطوعة الرأس، إلا أن تركيا تتحفّظ عليها ولم تقم بتسليم أيّاً منها لعائلاتهم حتى يكتمل عدد العناصر المرتزقة المطلوبة للتوجه إلى النيجر.
وفي منتصف أيار، توجهت عوائل 12 عنصراً في فصائل الجيش الوطني إلى قاعدة الغزل التابعة للقوات التركية في مدينة إعزاز بريف حلب، وأطلقوا الشتائم لتركيا وقواتها وتساءلوا عن سبب إرسال تركيا لأولادهم إلى النيجر وعدم إرسال جنودها، كما تساءلوا عن سبب وجود أبنائهم في النيجر وقتالهم هناك، ولكنهم تعرضوا لمعاملة سيئة من القوات التركية وجرى طردهم خارج القاعدة.
فصائل الجيش الوطني وقاداتها، دائماً ما يتبجحون بأنهم ثوار وأنهم يقاتلون من أجل إسقاط الحكومة السورية، ولكنهم تحولوا إلى مرتزقة لدى تركيا، وكأن إسقاط الحكومة السورية يمر عبر النيجر وليبيا وأذربيجان. فقد بات العرب السنّة عبارة عن مرتزقة لدى قادة الفصائل التركمانية الذين يجلسون في منازلهم ويرسلون العرب السنة ليقتلوا خارج سوريا ومن أجل مصالح تركيا، في حين تترك عوائلهم تحت رحمة قصف قوات الحكومة السورية والطيران الحربي الروسي.
ومؤخراً صعدت روسيا وقوات الحكومة السورية من هجماتها على إدلب، وبالمقابل فأن تركيا التي ترسل هؤلاء كمرتزقة إلى خارج البلاد، ظلت صامتة حيال القصف وتركت عناصر الجيش الوطني يتولون مهمة الدفاع عن قواعدها، فمثلما تستخدمهم في النيجر وليبيا وأذربيجان، فهي تستخدمهم من أجل مصالحها أيضاً في سوريا وفي أول لقاء تطبيع لها مع الحكومة السورية فأنها ستتخلى عن هذه الفصائل من أجل ضمان مقعد للتركمان في الحكومة السورية، وستضحي بهم كما ضحت من قبل بالإخوان في مصر، ولكن هل يتعظ هؤلاء قبل فوات الأوان.