منذ أن سيـ ـطرت تركيا ربيع عام 2018 على منطقة عفرين، ومسلسل الجـ ـرائـ ـم والانتـ ـهـ ـاكات لم يتوقف يوماً على يد الاستـ ـخـ ـبارات التركية وفصـ ـائل الجيـ ـش الوطني المـ ـوالـ ـية لها، وكان آخرها الجـ ـريـ ـمة البـ ـشـ ـعة التي ارتـ ـكـ ـبها فصـ ـيل “العـ ـمـ ـشـ ـات” في قرية كاخرة في ناحية معبطلي (موباتا).
تعود القصة إلى يوم 14 أيلول الجاري، عندما قام عناصر فصيل سليمان شاه المعروف باسم “العمشات” التي يتزعمها محمد حسين الجاسم المعروف باسم “أبو عمشة” وقائد الشرطة العسكرية التابعة لتركيا، باعتقال شخص من قرية كاخرة بناحية معبطلي (موباتا) التابعة لمدينة عفرين، يدعى إدريس علي عبو.
وغالباً ما تتم عمليات الاختطاف والاعتقال من قبل عناصر الجيش الوطني، بهدف الابتزاز وتحصيل فدى مالية من المعتقلين وذويهم. وفي هذا السياق، طالب فصيل العمشات بفدية مالية قدرها 5 آلاف دولار أميركي للإفراج عن المواطن إدريس.
في اليوم التالي، أي بتاريخ 15 أيلول وفي حوالي الساعة الخامسة والنصف عصراً، أجبر فصيل العمشات جميع قاطني قرية كاخرة على حضور اجتماع عقده الفصيل في القرية من أجل فرض إتاوة عليهم مع قرب حلول موسم جني الزيتون في المنطقة.
وبحسب مصادر من القرية فأن الفصيل فرض إتاوات باهظة على سكان القرية، حيث تم فرض إتاوة قدرها 9 دولار عن شجرة زيتون في القرية سواء كانت مثمرة أو لا، إلى جانب فرض إتاوة قدرها 100 دولار عن كل منزل في القرية، و100 دولار على عائلة تربي المواشي، و10 دولار لكل عائلة تربي الدجاج.
ونتيجة هذه الإتاوات التي شملت كل شيء في القرية وبشكل يفوق دخل المواطنين، عبر المواطنون عن امتعاضهم عن فرض هذه الاتاوات واحتجت النساء أمام جامع القرية ضد قرارات فصيل العمشات على سكان القرية، فقام عناصر الفصيل بإدخال النساء بقوة السلاح والضرب إلى داخل المسجد واعتدوا عليهن داخل المسجد بأخمص السلاح والعصي والركل ما أدى لإصابة غالبية نساء القرية بجروح مختلفة وكسور وأجبروهن على البقاء داخل المسجد.
ومن بين النساء اللواتي تعرضن لإصابات بليغة أثناء الاحتجاج:
جيهان محمد عيسو التي تعرضت لكسور في الأرجل واليدين، وتعرضت لضرب مبرح ومنع عناصر الفصيل نقلها إلى المشفى لتلقي العلاج، وتم احتجازها في مشفى القرية.
المواطنة صديقة حنان عمو، وهي أيضاً تعرضت لكسور في الأرجل واليدين، كما تعرضت لضرب مبرح وتم منع نقلها إلى المشفى واحتجازها في جامع القرية.
المواطنة نجاح ريزان عيسو، وهي أيضاً تعرض لجروح وتم احتجازها في جامع القرية، ومنعوا نقلها إلى المشفى لتلقي العلاج.
كما تعرض عدد من مواطني ومواطنات القرية لإصابات مختلفة ومن بينهم: حنيفة علي عبو، عائشة حسين عبو، محمد عيسو عيسو، حسن رشيد حنان، حمودي فايق مصطفى، مصطفى فايق مصطفى، حمودة مصطفى مصطفى، إدريس حج علي عبو، زمزوم مصطفى حسن زوجة المواطن محمد.
وبالتزامن مع هذا الفعل الشنيع ضد النساء، قام عناصر فصيل العمشات باعتقال جميع رجال القرية حتى الفتيان والأطفال ونقلوهم إلى مقراته في المنطقة واعتدوا عليهم بالضرب المبرح، وبعد تعذيبهم بشدة، نقلوهم على بطانيات إلى القرية ومنعوا إسعاف أي أحد منهم إلى خارج القرية من أجل تلقي العلاج.
ورغم كل هذا، قام فصيل العمشات، بإرسال تعزيزات من ناحية شيه قوامها 500 عنصر من الفصيل، حيث تمت محاصرة القرية من جميع جوانبها، وبدأ عناصر الفصيل بإطلاق النار على منازل القرويين من جميع الاتجاهات، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من أبناء القرية.
وبحسب المعلومات الواردة، فأن ثلاثة أشخاص قتلوا خلال الاحتجاج وإطلاق النار، عرف منهم المواطنة نازلي شيخ خليل زوجة المواطن عارف خليل.
كما قام مختار القرية المدعو أحمد قاسم، وعبر مكبرات جامع القرية، بإعلان فرض حظر للتجوال في القرية ومنع الدخول أو الخروج منها.
وفي حوالي الساعة الثامنة مساء، أرسلت الشرطة العسكرية تعزيزات إلى فصيل العمشات في قرية كاخرة، وبالتزامن مع ذلك قام فصيل العمشات بقطع الانترنت عن عموم القرية بين الساعة السابعة والتاسعة والنصف مساء، من أجل منع خروج أي معلومات من القرية وحتى لا يسمع أهالي المنطقة بما ارتكبه عناصر الفصيل من أعمال شنيعة بحق النساء والأطفال في القرية.
هذا ويواصل فصيل العمشات فرض الحصار على القرية ويمنع خروج أي معلومات عن الجريمة البشعة التي ارتكبها.
هذا وفرضت وزارة الخزانة الأميركية في منتصف آب عام 2023 عقوبات على فصيلين وقيادات في الجيش الوطني السوري المقرب من تركيا، بسبب مسؤوليتهم عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في شمال سوريا.
وقالت الخزانة الأميركية في بيان صحافي إنها فرضت عقوبات على “لواء سليمان شاه” المعروف باسم “العمشات” وكذلك “فرقة الحمزة” المعروفة باسم “الحمزات” لضلوعهما في “ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان” ضد السوريين و”مشاركتهما بشكل مباشر أو غير مباشر بتلك الانتهاكات”.
وطالت العقوبات ثلاثة قياديين بارزين في الفصائل وهم: محمد حسين الجاسم الملقب بـ(أبو عمشة) قائد العمشات، وليد حسين الجاسم وهو الأخ الأصغر لأبو عمشة والذي يشغل أيضاً دوراً قيادياً في العمشات، وسيف بولاد أبو بكر وهو قائد الحمزات، إضافة إلى شركة (Al-Safir Oto) لتجارة السيارات التي يتشارك أبو بكر وأبو عمشة في ملكيتها.
فيما أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش، في 29 شباط 2024، تقريراً يوثّق عمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني، بما في ذلك تلك الواقعة على الأطفال، والعنف الجنسي، والتعذيب من قبل الفصائل المختلفة في الجيش الوطني السوري، والشرطة العسكرية والاستخبارات التركية، في مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة تركيا، حمل عنوان “كل شيء بقوة السلاح. الانتهاكات والإفلات من العقاب في مناطق شمال سوريا التي تحتلها تركيا”.