اقتحم يوم أمس الآلاف من أتباع زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر مبنى البرلمان العراقي، في خطوة يبدو أنها قلبت الطاولة على خصومهم في قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، بعد أقل من يومين على ترشيحهم النائب والوزير السابق محمد شياع السوداني لشغل منصب رئاسة الوزراء المقبل، وهو أمر يرفضه «الصدريون» الذين رددوا داخل البرلمان هتافات مؤيدة لمقتدى الصدر ومنددة بـ«الفساد والفاسدين».
وخرج «الصدريون»، قبل اقتحام الخضراء عصر، أمس (الأربعاء)، بمظاهرات حاشدة في بغداد وبقية المحافظات عنوانها رفض المرشح لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني من قِبل خصومهم في قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية. وتجمع «الصدريون» من مناطق وأحياء مختلفة ووصلوا إلى ساحة التحرير وسط بغداد، قبل أن تتمكن جماعات منهم من عبور جسر الجمهورية المحاذي ودخول «المنطقة الخضراء» التي تضم معظم المقار الحكومية.
وبالتزامن مع اقتحام المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان، غرّد مقتدى الصدر عبر «تويتر» قائلاً، إن «الكثير من الثوار اتخذوا من ثورة الطف أسوة حسنة وأنموذجاً لرفض الباطل والظلم والفساد»، في إشارة إلى معركة الطف في كربلاء ومقتل الأمام الحسين التي سيحيها الشيعة خلال الأيام القليلة المقبلة.
وفي نظر معظم المراقبين، فإن الصدر وأتباعه وجّهوا رسالة واضحة إلى بقية الفرقاء السياسيين، وبخاصة خصومه داخل «الإطار التنسيقي»، مفادها أنهم قادرون على قلب المعادلة حتى مع خروج ممثليهم من البرلمان؛ إذ انسحبت الكتلة الصدرية (73 مقعداً) قبل نحو شهر.
وأبلغ مصدر مقرب من التيار الصدري لصحيفة الشرق الأوسط، أن «التيار أعلن ما يشبه ساعة الصفر لتغيير منظومة الحكم القائمة التي لن ينفع معها أي إصلاح».
وتوقع المصدر «استمرار المظاهرات لحين تحقيق مطالب الشعب العادلة وتشكيل حكومة وطنية بعيدة عن المحاصصة والفساد والتأثيرات الإقليمية والدولية».
وتحدثت منصات خبرية تابعة للتيار الصدري، بأن المتظاهرين تعرّضوا داخل المنطقة الخضراء إلى إطلاق نار وقنابل مسيلة للدموع؛ ما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى.
ورغم انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان العراقي، فإن الأوساط الصدرية تؤكد عزمها على تغيير الأوضاع وعدم السماح لخصومهم من قوى «الإطار التنسيقي» بتشكيل حكومة توافقية. كان «الإطاريون»، اختاروا، قبل يومين، النائب والوزير السابق محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء في الحكومة التي يرغبون في تشكيلها بوصفهم الكتلة النيابية الأكبر داخل البرلمان بعد انسحاب الكتلة الصدرية.
ويرى معظم المراقبين المحليين، أن لدى التيار الصدري القدرة في خلط الأوراق للعملية السياسية والإنطلاق من الصفر، بالنظر لكثرة أتباعه وللشعبية التي يحظى بها بين أتباعه المتحمسين لإطاعة أوامره من دون أي نقاش.
إلى ذلك، أصدر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بياناً أكد فيه حق المواطنين بالتظاهر، ودعاهم إلى «الالتزام بسلميتهم، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم حسب الضوابط والقوانين، والانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء»، طبقاً لبيان صدر عن مكتبه.
وبعد اقتحام «الصدريين» البرلمان، أصدر الكاظمي بياناً آخر دعاهم فيه إلى «الانسحاب الفوري من مبنى مجلس النواب والذي يمثل سلطة الشعب والقانون».
