جبـ ـهة السويداء مشتـ ـعلة.. توتـ ـر في دمشق ومخططات تركية لشـ ـن هجـ ـمـ ـات على شرق الفرات

قسد ترفع الجاهزية للتصدي لأي هجمات محتملة

تشهد محافظة السويداء منذ أيام تصـ ـعيداً عسـ ـكرياً غير مسبوق، بعد أن شـ ـنت قـ ـوات تابعة لوزارة الدفاع لدى الحكومة السورية المؤقتة والأمـ ـن العام التابع لهـ ـيـ ـئة تحـ ـريـ ـر الشـ ـام، هجـ ـمـ ـات على مناطق عدة من المحافظة، ذات الغالبية الدرزية، في خطوة وُصفت بأنها انتهـ ـاك واضح لحقوق الطـ ـائـ ـفة ومحاولة لإخـ ـضـ ـاعها بالقـ ـوة.

هجوم ممنهج على السويداء وانتفاضة درزية

الهجمات بدأت بحجة فض الاشتباكات بين البدو الذين شنوا هجمات على قرى وبلدات درزية، ولكن تبين أن قوات وزارة الدفاع استخدمت البدو كأداة من أجل فرض سيطرتها على السويداء بالقوة العسكرية.

ورافق الهجمات حملات اعتقال ومداهمات عشوائية وعمليات قتل وأفعال منافية للأخلاق الإنسانية وتصرفات طائفية كحلق شوارب الشيوخ ورجال الدين، ما أثار غضباً واسعاً بين أبناء الطائفة الدرزية الذين خرجوا في احتجاجات غاضبة، رافضين ما اعتبروه “محاولة لإذلال السويداء وقمع صوتها الحر”.

وفي خضم ذلك، أطلق الشيخ حكمت الهجري، المرجع الروحي الأبرز للدروز، مناشدات إلى المجتمع الدولي للتدخل العاجل لحماية المدنيين، محذراً من ارتكاب “مجازر بصمت دولي”.

وبعد نداء الشيخ الهجري، بدأ الدروز في كل من لبنان وإسرائيل بالتحرك، وسط تهديد الدروز في الجيش الإسرائيلي من الانسحاب من غزة إن لم تتدخل إسرائيل، وعليه تدخلت الأخيرة.

إسرائيل تدخل على خط التصعيد

بالتزامن مع الهجمات المستمرة على السويداء، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات على مواقع عسكرية في دمشق وريفها، بالإضافة إلى مناطق في درعا والسويداء، مستهدفة مخازن أسلحة وتحركات لقوات وزارة الدفاع لدى الحكومة المؤقتة، بينها قيادة الأركان في دمشق ومحيط القصر الجمهوري.

وأعلنت إسرائيل رسمياً مسؤوليتها عن تلك الغارات وهددت بالمزيد إن لم تنسحب قوات السلطة من السويداء. فيما تدخلت وساطات من أجل إيقاف الهجمات الإسرائيلية، التي ما تزال مستمرة حتى إعداد هذا التقرير.

توتر داخل القصر الجمهوري في دمشق

وفي تطور لافت، كشفت مصادر مطلعة عن توتر داخلي في قصر الرئاسة بدمشق، مساء اليوم، بين قيادات ومسؤولين في الحكومة الانتقالية المؤقتة، إثر خلافات حادة بشأن التعامل مع أحداث السويداء.

الخلافات، التي تحولت إلى مشادات علنية، تمحورت حول قرار سحب القوات من المدينة، حيث دعمت بعض الأطراف فكرة الانسحاب تحت ضغط دولي، في حين أصرت أخرى على مواصلة الهجوم.

المصادر نفسها أكدت أن ضباطاً إسرائيليين متواجدين في فندق الفورسيزون بالعاصمة يمارسون ضغوطاً مباشرة على رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، في مسعى لتوجيه مجريات الأحداث بما يخدم ترتيبات إقليمية أكثر تعقيداً.

مخاوف الأمهات واعتقالات لنساء طالبن بأبنائهن

وفي مشهد يعكس حجم المأساة، اعتقلت هيئة تحرير الشام نحو 50 امرأة من محافظات إدلب، حلب، وحمص، على خلفية مطالبتهن بإعادة أبنائهن، الذين تم الزجّ بهم في المعارك الدائرة في السويداء والتضحية بهم من أجل مخططات لا تخدم السوريين.

وقالت مصادر محلية إن بعض الشبان جرى نقلهم من معسكرات تدريب في الشمال إلى جبهات القتال في السويداء، في إطار صفقات مشبوهة بين قوى داخلية وخارجية تخدم أجندات خاصة.

مخطط تركي جديد.. مساعي لشن هجمات على شرق الفرات

وفي تطور خطير، كشفت معلومات مسربة عن استعدادات تركية لنقل عناصر من فصائلها المسلحة إلى خطوط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية في الرقة ودير الزور.

ووفقاً للمصادر، فإن تركيا تخطط لشن هجوم على مناطق شمال وشرق سوريا من أجل امتصاص الغضب المكون العربي السني بعد وقوف أنقرة متفرجة على الطائرات الإسرائيلية وهي تقصف الحكومة السورية التي تتلقى الدعم من أنقرة واكتفاءها بإصدار بيانات فقط.

وبحسب ما كشفت عنه المصادر، فأن تركيا أرسلت ذخيرة وعتاد لفصائلها وأعزت لها بإرسال تعزيزات إلى المناطق المحاذية لشمال وشرق سوريا، من أجل فتح معركة ضد قوات سوريا الديمقراطية فور حسم الوضع في السويداء سواء حصل ذلك عسكرياً أو سياسياً.

وأكدت المصادر أن تركيا تسعى لاستغلال الفوضى والتوتر لفتح جبهة جديدة تعزز نفوذها وتعيد خلط الأوراق في المشهد السوري لأن الوصول إلى حل في سوريا لا يخدم أجنداتها.

وبحسب ما نقلته المصادر، أرسل بعض العناصر رسائل لأقاربهم في مناطق شرق الفرات يحثونهم فيها على المغادرة تحسباً لتدهور أمني وشيك.

قسد ترفع الجاهزية

بالمقابل، رفعت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من مستوى جاهزيتها في مناطق شمال وشرق سوريا، تحسّباً لأي هجمات محتملة قد تشنها الفصائل المدعومة من تركيا في ظل التصعيد الإقليمي المتسارع. وأفادت مصادر عسكرية أن “قسد” كثّفت من انتشار قواتها في محيط الرقة ودير الزور وتل تمر وعين عيسى، وعززت مواقعها بالتحصينات والعتاد، إلى جانب رفع وتيرة الدوريات والمراقبة تحسباً لأي اختراق أو تسلل. وأكدت القيادات الميدانية استعدادها الكامل للتصدي لأي عدوان يستهدف استقرار المنطقة، مشددة على أن أي هجوم سيقابل برد حازم وشامل، وأنهم لن يسمحوا بتحقيق مخططات تهدف إلى زعزعة أمن سكان شمال وشرق سوريا.

يبدو أن ما بدأ كتصعيد أمني في السويداء تحول إلى أزمة وطنية وإقليمية، تتداخل فيها مصالح القوى المحلية والدولية. وفي حين يواجه الدروز في الجنوب نيران القصف والانتهاكات، تحشد تركيا فصائلها من أجل شن هجمات على شمال وشرق سوريا خدمةً لأجنداتها وسط صمت دولي وشعبي ثقيل يخيّم على المشهد السوري المعقد.

 

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى