سوريا

تركيا تبني بيوت غير صالحة للعيش البشري في شمال سوريا للتخلص من اللاجئين ومخاوف من استمرار التغيير الديمغرافي

تواصل السلطات التركية بناء عشرات الآلاف من منازل الطوب في عدة مناطق شمالي سوريا بدعم من المنظمات الإغاثية الدولية ومنظمات كويتية وقطرية وبالتنسيق مع هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية أفاد كخطة تركية بديلة لإنقاص عدد السوريين في تركيا خاصة مع اقتراب الانتخابات المزمع إجراؤها عام 2023.

ومع إعلان الرئيس التركي أردوغان في شهر أيار المنصرم من هذا العام، بإعادة نحو مليون ونصف لاجئ سوري الى بلادهم بشكل طوعي حسب تعبيره، منوهاً بالقول  “نحن ندعم استراتيجيتنا المتمثلة في إبقاء الهجرة عبر الحدود بمشاريع تدعم العودة الطوعية، خاصة عبر دعم مشاريع المنازل المنشأة حديثاً، والتي سنقوم بتنفيذها مع المجالس المحلية في 13 منطقة مختلفة، لا سيما في اعزاز وجرابلس وتل أبيض ورأس العين، وهي مشاريع واسعة للغاية، حيث ستحتوي على كل احتياجات الحياة اليومية، من المسكن إلى المشافي، والبنية التحتية اللازمة، وسنبذل جهداً كبيراً من أجل تهيئة الأرضية اللازمة للعودة”.

وجاء بعد ذلك تأكيد لوزير الداخلية التركي سليمان صويلو حول متابعة تركيا والبدء الفعلي بإنشاء منازل الطوب في المناطق الواقعة تحت نفوذ السلطات التركية، مشيراً بالقول “أنه وفق ما أعلنه الرئيس التركي، سيجري إنشاء 240 ألف منزل بالتعاون مع منظمات دولية، في مدن جرابلس، والباب، واعزاز وعفرين في ريف حلب، بالإضافة إلى مدينة تل أبيض، ومدينة رأس العين ومدينة إدلب”.

وكانت أولى خطواتها في الـ 15 من تشرين الثاني لعام 2018، إنشاء مجمع استيطاني باسم “القرية الشامية” نسبة لفصيل الجبهة الشامية الموالي لتركيا، وذلك شرق مدينة عفرين.

خطة “عودة طوعية أم عودة قسرية” للسوريين وفق مراحل حددتها السلطات التركية

  1. مباشرة السلطات التركية في سعيها لتغيير ديمغرافية تلك المدن الخاضعة لنفوذها، بتكليف تجار وسماسرة في تلك المدن لشراء أراضٍ عقارية وزراعية تعود ملكيتها للسكان الأصليين من الكرد بأسعار مغرية جداً.
  • ستبدأ خطة الترحيل من المدن الكبرى المكتظة بالسوريين، مثل أنقرة وإسطنبول وقونية وأضنة وغازي عنتاب، والتي بدأت فعلياً الأجهزة الأمنية التركية بملاحقة اللاجئين السوريين، خصوصاً الذين غيروا مناطق إقامتهم، والذين يراجعون السلطات من أجل تمديد إقامتهم، في مدن إسطنبول وغازي عنتاب وميرسين وأنقرة.
  • يتم الترحيل الى المناطق الخاضعة لنفوذ السلطات التركية، حيث ستسهم المجالس المحلية المنشأة من قبل السلطات التركية في 13 منطقة مختلفة في المشروع، خاصة المجالس الموجودة في اعزاز وجرابلس والباب وتل أبيض ورأس العين.
  • بتنسيق من إدارة الكوارث والطوارئ التركية “AFAD”، ستقوم 12 منظمة مجتمع مدني مثل “İHH” والهلال الأحمر التركي، بإنشاء مساحات جديدة لبناء منازل الطوب.

شكل منازل الطوب

تبلغ المنازل بمساحة 24 مترا مربعا، حيث يضم كل منزل غرفة ومطبخا مع حمام صغير وهي صغيرة جداً، مبنية من حجارة الطوب (البلوك/اللبن) بشكل أفقي وعامودي تعد بديلاً عن السكن في الخيام إلا أنها لا تصلح لأن تقوم مقام المنازل العادية.

الإنشاء والتوزع

من المزمع أن يعيش في تلك المنازل قرابة مليون ونصف نازح سوري، على أن تتوزع على بقية المناطق الشمالية الواقعة تحت نفوذ السلطات التركية في مدن بريف حلب (اعزاز- جرابلس- عفرين- الباب) مدينتي تل أبيض ورأس العين، إضافة لمدينة إدلب.

مخاوف التغيير الديمغرافي ومحاولة إرضاء المعارضة التركية

وتأتي هذه الخطوة بهدف توطين مئات آلاف السوريين الذين تنوي أنقرة ترحيلهم من أراضيها إلى تلك المنازل التي يراها سوريين أنها تأتي في إطار التغيير الديمغرافي وجعل النازحين ينسون منازلهم التي هجروا منها قبل سنوات نتيجة سيطرة قوات الحكومة السورية عليها باتفاق مع تركيا.

وتتهم منظمات محلية ودولية تركيا بالسعي لتغيير ديموغرافي شمالي سوريا من خلال توطين موالين لها بهدف ترسيخ توسعها في المنطقة، بعضها بدعم قطري وكويتي لتوطين عائلات الفصائل الموالية لتركيا.

فيما تجتمع آراء سكان والنازحين في تلك المناطق على أن المناطق التي تعتزم تركيا توطين نحو مليون لاجئ سوري حاصلين على إقامة مؤقتة في تركيا، بأنها “غير آمنة” وهي معرضة للقصف من قبل أطراف النزاع المختلفة في سوريا.

ويرى المراقبون إلى أن هدف هذا المشروع هو “تهدئة الشارع التركي والمعارضة التركية التي تطالب باستمرار بترحيل السوريين لا سيما قبل فترة الانتخابات التركية”.

ويلفت المراقبون بأن اللاجئين السوريين تعرضوا في الآونة الأخيرة الى تصريحات عنصرية من قبل المسؤولين والمواطنين الأتراك ووجودهم في تركيا.

ويعتبرون أن طرد أشخاص ومواطنون من بيوتهم وأرضهم وجلب آخرين ليحلوا محلهم، بمثابة تشكيل خطورة في المستقبل على المنطقة بشكل عام وخاصة على التعايش فيما بين مكونات المنطقة.

حيث تجبر السلطات التركية اللاجئين على توقيع ورقة ما تسمى “العودة الطوعية”، ولكنها تخيّرهم فيما بين التوجه إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية أو عفرين، لتأكدها من أن اللاجئين لا يستطيعون العودة إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية خشية الملاحقة الأمنية، وبالتالي تجبرهم على التوجه إلى عفرين من أجل استكمال مخططها لتغيير ديموغرافية عفرين.

كما بدأت السلطات التركية فعلياً بملاحقة اللاجئين السوريين، خصوصاً الذين غيروا مناطق إقامتهم، والذين يراجعون السلطات من أجل تمديد إقامتهم، في مدن إسطنبول وغازي عنتاب وميرسين وأنقرة.

وأشارت المصادر أن الوضع في مخيمات مرعش التي اكتظّت بالمحتجزين تعسفيّاً، سيء للغاية ولم تسلم النساء ولا الأطفال تلك المخيّمات، علماً أنّ مدة الاحتجاز ربّما تصل إلى ستة أشهر والضغط عليهم لإرغامهم على العودة القسرية تسميها السلطات التركية العودة الطوعية. واي شخص يحاول الهرب يتم ضربه من الامن التركي.

ولم تتوقف الإجراءات التركية إلى هذا الحد فقط، وإنما شهد اللاجئون السوريون حالات قتل متعمد من قبل المواطنين الأتراك في عدد من المدن التركية، إضافة لحالات التوبيخ والنظرة العنصرية تجاههم، إضافة لنية حكومة حزب العدالة والتنمية استثمار ملف اللاجئين لخدمة مصالحها فقط واليوم هناك تحشيد عنصري ضد اللاجئين وما يؤكد على ذلك ازدياد الاعتداء على اللاجئين السوريين بهدف ترهيبهم وجعلهم أمام طريقين احلاهما مر الاول السكن في بيوت طوب لا تصلح للسكن ما يعني نسيان منازلهم والثاني التوجه لمناطق الحكومة أو ان يكونوا وجها لوجه أمام اعتداءات مكثفة من قبل الأتراك.

بجانب اللاجئين السوريين من سيقطن تلك المنازل أيضاً؟

تقول المصادر المحلية أن اللاجئين الذين يتم ترحيلهم من تركيا مع عائلاتهم من مناطق حمص، حماة، ديرالزور، الغوطة الشرقية وإدلب حيث سيتم توطينهم في منازل المدنيين الأصليين.

وبحسب الإحصائيات التي نشرتها منظمة حقوق الإنسان-سوريا، فإن عدد اللاجئين الذين تم توطينهم بلغ 450 ألف نسمة من مختلف سوريا، بينهم تركمان ينتشرون على خط الحدود، و500 عائلة فلسطينية جلبتها المنظمات الاخوانية الفلسطينية، استوطنت 200 عائلة منها ضمن مدينة عفرين و300 عائلة بين قرية دير بلوط وآطمة.

فيما أفادت مصادر محلية عن ترحيل تركيا دفعة اللاجئين السوريين من تركيا ٳلى مدينة تل ٲبيض والبالغة عددهم /1191/  خلال شهر تموز المنصرم عبر البوابة الحدودية، تم توزيعهم في منازل المهجرين الكرد في الأحياء الشمالية من المدينة، وبالتحديد حيي “زوراﭬـا” ٲو ما يعرف بحي الليل، والاسكان ٳلى حين توطينهم في المستوطنات التي تبنيها السلطات التركية بأموال الدول المانحة، بعد استملاك ٲراضي المهجرين الكرد من قبل عبر السماسرة والتجارة.

وبذلك بلغ عدد المرحّلين قسراً من تركيا نحو الأراضي السورية خلال ستة أشهر نحو 4181 شخصاً.

المنظمات والجهات الممولة للمستوطنات

إلى جانب الجمعيات الكويتية والقطرية الداعمة لمشروع المستوطنات في عفرين، تحدثت تقارير كثيرة عن جمعيات فلسطينية تدعم المستوطنات بالمناطق الخاضعة للسلطات التركية، وبحسب معلومات فأن معظم هذه الجمعيات تتركز داخل إسرائيل. بينها ما عُرف بجمعية “العيش بكرامة”، وجمعية الإغاثة 48 وجمعية “القلوب الرحيمة وغالبيتها، تنتمي بشكلٍ أو بآخر للأحزاب الإسلامية بإسرائيل ولها إيديولوجية إخوانية.

وتقوم إسرائيل بتسهيل عملية جمع الأموال ونقلها لتركيا عبر بنوكها. وهو الأمر الذي يوضح الانخراط الإسرائيلي بالمسألة.

أما في مناطق رأس العين وتل أبيض يتم إنشاء المستوطنات بدعم من جمعيتي أنصار الخيرية(الباكستانية) وبيت المال التي تعمل كمؤسسة إغاثة وطنية(باكستانية) العاملة في تل أبيض ومنظمة أفاد.

المنازل التي تم تسليمها حتى الآن

أنهت منظمة” الهلال الأحمر التركي إنشاء 2189 منزل “طوب” في إدلب، و272 في منطقة اعزاز بريف حلب، إلى جانب افتتاح مدرسة لتعليم الأطفال “ضحايا الحرب” في إدلب. حيث سلمت 901 منزل “طوب” لعائلات سورية نازحة في محافظة إدلب خلال المرحلة الثانية من المشروع الاستيطاني، بمراسم حضرها مساعد والي هاتاي، أوغوزهان بينجول.

وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو في تغريدة في “تويتر” يوم أمس السبت أنه “تم الانتهاء من بناء 62 ألف و145 منزل طوب في إدلب، من أجل العودة الآمنة والطوعية والكريمة لأشقائنا السوريين”.

وأضاف أنه “من المقرر الانتهاء من بناء 100 ألف و603 منازل بحلول نهاية العام الجاري”.

وكما من المقرر أن يواصل “الهلال الأحمر” مشروع بناء ثلاثة آلاف و200 منزل طوب في المرحلتين الثالثة والرابعة بإدلب، و272 مثلها في المرحلة الخامسة باعزاز.

وقال سليمان صويلو “إن بلاده بصدد تنفيذ مشاريع بناء تجمعات سكنية، على مساحة الأرض المخصصة للمشروع في مدينة تل أبيض تبلغ 1200 دونم، حيث سيتم في المرحلة الأولى بناء عشرة آلاف وحدة سكنية، وأن يعيش فيها حوالي 64 ألف شخص، لافتًا إلى إمكانية تملّك سكان هذه البيوت، وهم العائلات العائدة من تركيا، المنزل بعد فترة من الزمن”.

مشيرًا إلى أن بعض المنظمات الإنسانية بدأت مشروعًا لبناء ألف وحدة سكنية في مدينة جرابلس، بريف حلب الشمالي.

مشاركة المقال عبر