سوريا

محللين ومختصين: “قمة طهران لن تسمح لأنقرة بشن عملية عسكرية في سوريا”

استبعد باحث سياسي مختص بالشأن التركي محمد ربيع الديهي، حصول تركيا على موافقة إيرانية وروسية لشن عملية عسكرية جديدة في شمالي سوريا، وذلك خلال القمة التي ستعقد في طهران، فيما يرى المحلل السياسي خورشيد دلي أن قمة طهران تحمل رسالة واحدة، وهي التأكيد على الدور الإقليمي لهذه الدول، والقدرة على اللعب خارج ما تريده واشنطن من وراء قمة جدة، لكن أبعد من هذه الرسالة تبدو التناقضات في أجندة هذه الدول، كفيلة بعدم الخروج برؤية موحّدة إزاء القضايا الخلافية، وعلى رأسها الأزمة السورية.

فالعاصمة الإيرانية طهران على موعد يوم غدٍ الثلاثاء، مع قمة روسية تركية إيرانية، في إطار تفاهمات آستانا، وستكون الأزمة السورية القضية الأهم على الطاولة الثلاثية، وسط توقعات بأن تواصل فيها تركيا مساعيها للحصول على الضوء الأخضر لشن عملية عسكرية.

لكن المساعي التركية قد تصطدم برفض روسي وإيراني، في ظل الظروف الدولية الحالية، وفقاً لتحليل الباحث السياسي المختص بالشأن التركي، محمد ربيع الديهي الذي تحدث لوكالة نورث برس المحلية.

بينما يرى المحلل السياسي خورشيد دلي في مقالاً له على الوكالة ذاتها، أن ” بين موسكو وطهران وأنقرة، ثمّة قضية أو أزمة جامعة هي الأزمة السورية، في ظلّ انخراط الأطراف الثلاثة في هذه الأزمة، لكن الثابت أن أجندتهم مختلفة ومتناقضة، فموسكو وطهران تصطفّان خلف النظام، وتعملان لإعادة المناطق الواقعة خارج سيطرته إليه، فيما أنقرة تتمسّك بنفوذها وسيطرتها على المناطق التي احـ.ـتلتها، وتسعى جاهدة إلى توسيع نفوذها عبر عملية عسكرية تنشدها منذ نحو شهرين، لذا ذهبت الصحافة التركية إلى القول: إن المهمة الأساسية لأردوغان في قمة طهران هي الحصول على موافقة روسية وإيرانية للعملية العسكرية التركية، لكن المهمة التي وضعتها تركيا نصب عيونها تبدو صعبة إن لم نقل مستحيلة، خاصة في ظلّ التصعيد الجاري في شمال غربي سوريا على وقع الحشد الإيراني على الأرض هناك، وتزايد وتيرة القصف الروسي لمواقع الجماعات المسـ.ـلحة التابعة لتركيا”.

ويرى “الديهي” أن “تنفيذ عملية عسكرية تركية، بات أمراً في غاية الصعوبة لأسباب عديدة، أبرزها الأزمة الأوكرانية التي لم تكن في صالح تركيا حتى وإن حاولت الأخيرة استغلال الأزمة لتحقيق مصالح مزدوجة مع الغرب من جهة ومع روسيا من جهة أخرى”.

وفي ظل الحديث عن ابتعاد روسيا عن الساحة السورية “قليلاً” بسبب انشغالها بالعملية العسكرية على أوكرانيا، يرى الباحث أن “دمشق على ما يبدو عززت الفراغ باتخاذ مواقف أشد وتيرة من السابق حيال فكرة شن عملية عسكرية تركية”.

والجمعة الفائت، أعلن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي أنه في ضوء مباحثات مع روسيا، انتشرت قوات حكومية سورية إضافية في مناطق تتعرض للتهديدات التركية.

ودعا عبدي موسكو وطهران إلى كبح جماح أنقرة، فيما اعتقد أن اجتماع طهران لن يسمح لتركيا بتنفيذ هجومها.

ويعتبر “الديهي” أن شن تركيا أي عملية عسكرية “ستكون محفوفة بالكثير من المخاطر لم تكن موجودة سابقاً، وهي أن الإدارة الأميركية الحالية ليست هي كما قبل أعوام”، حيث أنها (إدارة بايدن) تتمسك بالشرق الأوسط، على عكس إدارة ترامب الذي قلل حضوره في المنطقة.

وأضاف: “ناهيك عن أن الأمم المتحدة أدانت العمليات التركية السابقة، وقالت إنها ترقى إلى جرائم حرب، لن يقبل بايدن أن تتكرر هكذا عملية، لأنه وفي هذه الفترة يشدد على التماسك في حلف الناتو الذي ربما قد يضربه تباين بالمواقف إزاء العملية كما فعلت فرنسا وهي أولى الدول المنددة بالعمليات التركية السابقة”.

وشدد الباحث على اعتقاده بأن القمة في طهران “لن تتكلل بالموافقة على عملية عسكرية بالمعنى الشامل كالتي حصلت في أعوام 2016 و2018 و2019. بل ربما سيكون ثمة نوع من التنسيق والتنظيم لأدوار سعياً لتهدئة الأزمة، كتلك الدوريات المشتركة مع روسيا على سبيل المثال في بعض مناطق شمال شرقي سوريا”.

وقال “الديهي” إن “الطرفين الروسي والإيراني لا يجدان لهما مصلحة في قضم المزيد من الأراضي السورية من قبل تركيا”

وأشار الباحث إلى قضايا جوهرية يتوقع أن تكون محاور أخرى مهمة في الاجتماع الثلاثي وهي تتعلق بالتعاون الثلاثي في مجال الطاقة، كنقطة جوهرية بالنسبة للدول الثلاث، ولا سيما أن ذلك يأتي بالتزامن مع قمة جدة التي أيضاً بحثت هذا المجال في منطقة الشرق الأوسط.

وبدوره أشار خورشيد بالقول ” من دون شك، هذه الأجندة المتناقضة للأطراف الثلاثة، تدفع بهم إلى البحث عن مساحات مشتركة كي لا تكون القمة الثلاثية قمة تفجير التناقضات بينهم، وعليه فإن المصالح الاقتصادية والتجارية بين هذه الدول تقفز إلى الواجهة في إطار السياسة البراجماتية المُتبعة من قبل طهران وأنقرة، وعند هذه النقطة تظهر قضية كيفية تعامل القمة مع المسعى التركي لشنّ عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، إذ الثابت أن روسيا وإيران قالتا لا لهذه العملية”.

وحول الوساطة الإيرانية للتقريب بين أنقرة ودمشق، لفت خورشيد إلى هذه الوساطة فرصة لإبعاد العملية العسكرية التركية، وفتح الطريق أمام مفاوضات بين الجانبين السوري والتركي بوساطة إيرانية ودعمٍ روسي” وقال “ومع أن لا مؤشرات توحي بنجاح هذا المسعى في ظلّ تباعد مواقف وشروط كل من دمشق وأنقرة، إذ كيف يمكن لدمشق أن تقبل بمصالحة مع دولة تحـ.ـتل مناطق واسعة من أراضيها، ومتورطة حتى النخاع في دعم الجماعات الإرهـ.ـابية والمسـ.ـلحة ضدها ؟ في المقابل كيف يمكن لأردوغان أن يُقدم على مصالحة تشترط عليه سحب قواته من مناطقٍ تحت سيطرته ويعدُّها نفوذاً وإنجازاً له؟ من دون شك لا تبدو المقدمات متوفرة لمثل هذه المصالحة”. وهو ما يدفع إلى الاعتقاد أن قمة طهران لن تخرج بقرارات نوعية بخصوص الأزمة السورية، سوى الحديث عن استمرار مسار أستانا في إطار الحرص على عدم اعلان وفاة العملية السياسية، خاصة بعد الإعلان عن تجميد أعمال اللجنة الدستورية”.

مشاركة المقال عبر