سوريا

العام المقبل أقسى اقتصادياً ومعيشياً على المواطنين في مناطق الحكومة السورية

حذر باحثون من وصول التضخم في الاقتصاد السوري إلى مرحلة التضخم الجامح، وهو الشكل الأكثر ضررا للاقتصاد بسبب الارتفاع السريع والمتواصل في المستوى العام للأسعار، وتزامنت في الوقت ذاته دوريات حماية المستهلك بتنفيذ إجراءاتها القاسية برأيها والمدغدغة للتجار برأي المواطن المنتظر لأي بارقة أمل برفع الرواتب والأجور، حيث أعلنت رئاسة مجلس الوزراء لدى الحكومة السورية، قبل يومين، موازنتها للعام القادم بزيادة 24.2 بالمئة الأمر الذي وجد به أصحاب الشأن الاقتصادي إقرار واعتراف بالتضخم حيث تمت زيادة الموازنة بمقدار التضخم.

وبحسب آخر الدراسات فإن متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية مؤلفة من خمسة أشخاص، شهِد نهاية شهر أيلول/سبتمبر 2022، ارتفاعا بمقدار 563 ألف و970 ليرة سورية، عن التكاليف التي سُجّلت في شهر تموز/يوليو الماضي، لتصل إلى ما يقارب الـ 3.5 ملايين ليرة، ما يعني أن التكاليف ارتفعت بنسبة وصلت إلى 19%، خلال ثلاثة أشهر فقط“.

وسط تحذيرات وتوقعات الخبراء الاقتصاديين الذين أجمعوا بأن التضخم سيصل إلى ذروته في شتاء هذا العام، وأن الغذاء والطاقة سوف يدفعانه نحو الجموح.

وبرأي الخبراء الاقتصاديين، فإن هذه الموازنة ليست سوى أكثر من دليل ملموس على عجز البنك المركزي عن السيطرة على التضخم، واعتراف شفهي من اللجنة الاقتصادية في الحكومة بعجزها عن الخروج بحلول أو بأفكار إبداعية من شأنها أن تساعد في السيطرة على هذا التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار، فضلا عن عجزها على المحافظة على القدرة الشرائية لليرة السورية بالتالي زيادة تراجع قدرة الدخل على الاستهلاك، مايؤثر على التدهور المعيشي في سوريا.

ومن المرجح برأي الخبيرين في اقتصاديات الدخل والمالية العامة في الشرق الأوسط، أن تلجأ الحكومة السورية إلى ثلاثة مقاربات لتمويل خطط الإنفاق الخاصة بها.

أولا، طباعة المزيد من الأموال، وهنا قد يغطي هذا الإجراء الفجوات النقدية، لكنه سيؤدي أيضا إلى زيادة التضخم، وتقويض سُبل العيش، ويزيد من تآكل قدرة الدولة على تمويل الواردات الحيوية.

ثانيا، قد تلجأ دمشق إلى حليفتيها روسيا وإيران، عبر الدعم العيني مثل “خط الائتمان” الإيراني. ومن المتوقع أن تكون التنازلات في قطاعات رئيسية، مثل الطاقة والاتصالات والموارد الطبيعية هي الثمن الذي يجب دفعه مقابل هذا الدعم.

ومن المرجح أن يواجه الدعم الاجتماعي المقدم للمواطنين في سوريا المزيد من التقليص كما حصل هذا العام، خصوصا مع إعلان الحكومة في وقت سابق أنها بصدد الذهاب نحو التقشف وإلى إجراء المزيد من التغييرات على خطط دعم السلع الأساسية مثل الوقود والخبز، والتي هي بالفعل في أزمة، وهذا بدوره قد يؤدي إلى نتائج عكسية ويترك السوريين لمواجهة الفقر بأنفسهم.

السكنات الجامعية

يتكدس عشرات آلاف الطلاب في ظروف مأساوية، وأقل ما يمكن قوله عنها إنّها غير إنسانية بالمطلق، في المدن الجامعية التابعة للجامعات الحكومية الرئيسية في محافظات سورية عدة.

وتزداد معاناة الطلاب كل عام بسبب الازدحام والزيادة المتنامية في أعداد المقيمين في الغرفة الواحدة، الغرفة التي قد يصل شاغلوها الى ما بين ستة وعشرة أفراد وهي بالكاد تتسع لشخصين، تضاف الى ذلك صعوبات جمّة في تأمين الخبز، وفوق ذلك غياب وسائل التدفئة والمياه الساخنة للاستحمام في الشتاء، وانتشار المحسوبيات أثناء التسجيل في المدينة.

وتعتبر المدينة الجامعية ملاذاً للطلبة الوافدين من المحافظات البعيدة، بخاصة في ظل تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع إيجارات المنازل التي يعجزون عن دفعها، ما يجعل سبيلهم الوحيد للتمكن من تلقي العلم هو الظفر بشرف الحصول على سرير في غرفة تقاس مساحتها بالأمتار القليلة، وتقاس أيضاً بكمية الأنفاس التي يتقاسمها عدد كبير من قاطنيها، عدد لا يتناسب ومساحتها بأي شكل، إلى جانب إنقطاع الكهرباء بين 16 إلى 20 ساعة يومياً، حين تتعطل المولدات.

ويعاني كلّ طلبة السكن الجامعي، في دمشق وخارجها، على حد سواء، من منظومة خدمات متردية للغاية، فلا المياه الساخنة متوافرة معظم الشتاء، ولا الحمامات نظيفة، وعقود الإصلاح والصيانة لا تنفذ، فتخرج الأساسيات الخدمية عن الخدمة، إلى جانب انتشار الرُشى والمحسوبيات في الحصول على سكن جامعي، فبعض الطلاب دفعوا أموالاً معينة لقاء ذلك، وبعض الطالبات تعرضن لابتـ*ـزاز وتحـ*ـرش يطول الشرح عنه، وفق ما صرح به عدد من الطلاب.

المحروقات… الأزمة التي تخلف الكوارث في مناطق الحكومة السورية

أدت أزمة نقص المحروقات في مناطق الحكومة السورية والتي سببها الأول هو الحكومة إلى انتشار حالات يمكن وصفها بالكوارث لتتعدد وتشمل غلاء المعيشة وظهور حالات تحـ*ـرش داخل وسائل النقل العامة، إلى جانب فقدان العديد من الأشخاص لحياتهم فقط لأنهم أرادوا التنقل من منطقة إلى أخرى.

ومع اقتراب فصل الشتاء ارتفعت أسعار المحروقات الأساسية كالديزل والبنزين إلى جانب الغاز المنزلي، حيث وصل سعر اللتر الواحد من مادة الديزل التي تستخدم كوقود للميكرو باصات ومادة للتدفئة إلى حدود 5500 ليرة سورية بسعر 1210000 ليرة للبرميل، أما البنزين فوصل سعره في السوق السوداء إلى 8000 ليرة للتر الواحد ما أثر سلباً على أسعار المواصلات بالرغم من محاولات الحكومة وضع سقف لأسعار أجرة التكاسي.

وبالحديث عن المحروقات لا بد من ذكر الغاز المنزلي الذي وصل سعره في السوق السوداء إلى نحو 75 ألف ليرة سورية للأسطوانة الواحدة.

قرارات وتسعيرات لا تناسب الواقع

وارتفعت أسعار قطع السيارات بشكل رهيب بعد فرض قانون قيصر على سوريا ما تسبب في نقص العديد من قطع تبديل السيارات واستغلال التجار لهذا الشيء عبر رفع أسعارها وخلق أزمة حقيقية بهذا الصدد مع مشاركة الحكومة في هذه الأزمة عبر اقتسامها الأرباح مع التجار عبر قانون الضرائب، الذي يطبق على بعض الشرائح ويظل حبراً على ورق عند أخرى التي تتمتع بنفوذ في مناطق الحكومة السورية.

وتعمل الحكومة السورية بعد انفلات أمور تحديد تسعيرة التاكسي العمومية إلى دعم قطاع النقل الداخلي الذي يعمل بالديزل إذ يتم توزيع 15 لتراً من مادة الديزل بسعر 1500 ليرة سورية لكل ميكرو باص وتحديد التسعيرة بـ 150 ليرة لتصبح وجهة أغلب الأهالي مع ارتفاع أسعار سيارات الأجرة، وليلجأ أصحاب هذه الوسائل إلى تحميل عرباتهم فوق طاقتها كطريقة لزيادة دخلهم مع الأوضاع المعيشية الصعبة.

طعام وشراب فقط.. كلفة معيشة الأسرة في سوريا تتجاوز مليوني ليرة شهرياً

ويكشف خبير اقتصادي، أن كلفة المعيشة في سوريا بالنسبة إلى العائلة متوسطة العدد أصبحت أكثر من مليوني ليرة شهرياً للطعام والشراب فقط. حيث أصبحت بعض المواد الغذائية “حسرة” على الكثيرين، بسبب ارتفاع الأسعار بشكل كبير، ولم يعد يتناسب مع مستوى الرواتب والمداخيل إطلاقا.

ما تزال اللحوم بأنواعها خارجة عن قدرة المواطن الشرائية، مع ازدياد الفجوة بين قوة الراتب الشرائية وأسعار اللحوم الرائجة في الأسواق، حيث أكد عدد من المواطنين أنهم تراجعوا عن شراء اللحـوم الحمراء منذ مدة، على حين أوضح أصحاب المحال أن عددا من الزبائن بات يلجأ إلى شراء كميات قليلة تتناسب مع المبلغ الذي يمكن أن يدفعوه.

حيث انخفض الطلب “بشكل واضح” على سوق اللحوم والفروج، بعد عيد الأضحى، وذلك بسبب الأسعار المرتفعة، نتيجة ارتفاع أسعار العلف ومختلف المستلزمات والظروف الراهنة، التي انعكست على استهلاك المادة في ظل وضع دخل المواطن.

وتشير الاحصائيات أن العاصمة دمشق تستهلك يوميا من 1000 لـ 1500 خروف، و70 عجلا إضافة إلى 150 لـ 200 طن فروج، وذلك بحسب تصريح سابق لمشرف على الجمعية الحرفية للحامين، أدمون قطيش، الذي اعتبر أن هذه الكميات تعكس انخفاض الاستهلاك والطلب على اللحوم.

هذا ويعتبر الارتفاع الأخير في أسعار اللحوم جنونيا، فقبل ثلاث سنوات، كان يُباع كيلو لحم الغنم القائم “قبل الذبح” بمبلغ 3000 ليرة، أما الآن فقد ارتفعت الأسعار بمعدل يصل إلى عشرة أضعاف، وهو ما جعل معظم العائلات لا تفكر في الأصل، أو تجرؤ على شراء اللحم.

مع قدوم الشتاء أسعار جنونية للمدافئ

تعاني البلاد من شح كبير، في المواد النفطية، بعد تراجع الإمدادات من إيران، في حين فشلت الحكومة في التغلب على هذه الأزمة، لتأمين المحروقات المخصص للشتاء، المفترض توزيعها خلال هذه الفترة، في وقت وصل فيه سعر اللتر الواحدة من المازوت غير المدعوم إلى نحو 5000 ليرة.

وبسبب ندرة المازوت وارتفاع سعره بأرقام كبيرة، توزع الحكومة السورية 50 لترا من المازوت كدفعة أولى وتتأخر في توزيع الدفعة الثانية أي بعد شهر شباط/فبراير مع اقتراب البرودة من نهايتها، أي لم يعد صالحا.

ارتفاع أسعار المدافئ التي تعمل بالحطب وذات الجودة الجيدة، فهي تصل لأرقام خيالية، حيث بلغ سعر الواحدة منها نحو مليوني ليرة سورية أي ما يعادل راتب موظف لعام ونصف، فالارتفاع القياسي في الأسواق السورية عموما مقارنة بسنوات سابقة سواء كانت مدافئ المازوت أو الحطب وحتى الكهربائية، شهِدت الأسواق السورية تصنيع مدافئ بديلة، أبرزها المدفأة التي تعمل بواسطة مادة الكحول كبديلة عن المازوت، وسط غياب الرقابة على صناعتها وتحذيرات للعديد من الجهات من مدى خطورة تشغيلها في المنزل.

ملابس “البالة” خارج قدرة السوريين الشرائية.. الشتاء يرفع كل الأسعار

الشتاء، الفصل الذي بات يشكل عبئا ثقيلا على السوريين منذ عدة سنوات، فقد أصبح حلوله بمثابة كابوس لدى الغالبية منهم، فهناك نقص في وسائل التدفئة وارتفاع بأسعارها، والخدمات وعلى رأسها الكهرباء، ومع حلوله لا بد من لقائه بلباس مناسب قادر على جلب الدفء، ولكن ارتفاع أسعار الملابس بما فيها المستعملة “البالة” بات فوق قدرة السوريين الشرائية بالتزامن مع الارتفاع في كل الأسعار.

فقد بلغ سعر المعطف للأطفال من النوع العادي 65 ألف ليرة، وكذلك الأمر للنسائي، وهناك أنواع من المعاطف يصل سعرها لنحو 400 ألف ليرة، إذا كانت ثقيلة أو من الجلد الطبيعي، وبالنظر لرواتب الموظفين التي لا تتجاوز 200 ألف ليرة سورية فإن ملابس البالة أيضاً أصبحت خارج القدرة الشرائية.

فيما يأكد عدد من التجار أنهم يشترون الملابس بالعملة الأجنبية، ويدفعون مبالغ كبيرة ليحصلوا على بضاعتهم، مضيفين أن معظم بضاعتهم تصل تهريبا من خارج سوريا، ويضطرون لدفع نفقات وصولها لهم، وهذا يجبرهم على رفع أسعار الثياب المرتبطة أساسا بالدولار.

مشاركة المقال عبر