الرئيسية سوريا

مع اقتراب الانتخابات ومحاولات التطبيع مع دمشق .. أردوغان يسعى للتفرد بورقة اللاجئين وإقصاء الأحزاب المعارضة له

بعد فوزه بالانتخابات منذُ أربعة أعوام، أردوغان وحزبه الحاكم “العدالة والتنمية”، عملوا جاهدين للتشبث بمكانتهم الحاكمة في البلاد ووسعوا من تحركاتهم العسكرية والسياسية لخارج حدود تركيا مثل ليبيا وسوريا والعراق .

وتتبدل المواقف التركية بين الفينة والآخرى وفقاً لمصالحها وتوسع غاياتها، ففي عام 2011، ادّعى أردوغان بأنّه الحُضن الآمن للسوريين ، ومؤكداً على ضرورة إقصاء نظام البعث وأن البلاد للشعب لا للسلطة الحاكمة .

بناءً على هذه التصريحات المفترسة لعاطفة السوريين فقد توافد الملايين من اللاجئين لداخل الأراضي التركية، وباللعب على وتر الوطنية وتخليص سوريا من نظامها فقد استغلت تركيا اللاجئين لأهدافها ومصالحها كتشكيل منصات سياسية “الائتلاف”، وتكوين فصائل مسلحة مثل “هيئة تحرير الشام” جبهة النصرة سابقاً، وأحرار الشام وغيرهم العديد من الفصائل الأخرى .

أُرسلت المعارضة بشكلها العسكري لداخل الأراضي السورية لمحاربة قوات الحكومة السورية من جهة وكذلك قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، وبسطت سيطرتها على إدلب شمال غرب البلاد وعفرين ورأس العين وتل أبيض .

وعلى هذا المنوال موُهمة تركيا المعارضة بتحرير بلادهم ووصولهم للحكم والحصول على كافة حقوقهم المسلوبة، استمرت أعمال “الائتلاف” والفصائل المسلحة بانتهاك حقوق المدنيين وسلبهم أراضيهم وتدخل الجمعيات القطريّة والكويتيّة والفلسطينيّة والمدعومة إخوانياً ببناء المستوطنات مكان الأراضي والعقارات المُستولى عليها لتغيير معالم المدن الأصليّة وعلى وجهِ الخصوص عفرين، وهذه الممارسات كانت سبباً بتهجير سكان الغوطة الشرقية بريف دمشق وحلب .

وانقلبت الموازين رأساً على عَقب في آب العام المنصرم حيث دعا وزير الخارجية التركي مولود شاووش أوغلو إلى مصالحة بين النظام والمعارضة في سوريا، وأقرّت أنقرة ودمشق بتواصل على مستوى أجهزة الاستخبارات .

وتوالت الاجتماعات بين الطرفين آخرها اجتماع الثامن والعشرين من شهر كانون الأول الفائت جمع بين وزراء دفاع كل من روسيا، تركيا، ودمشق في موسكو، وخبر الاجتماع هذا انتشر “كالنار في هشيم المعارضة”، لتُعاد مشاهد المظاهرات الأولى إلى الساحة في كل من إدلب، إعزاز، أتارب، الباب، عفرين وغيرها من المناطق التي تنتشر فيها المعارضة تحت راية تركيّة .

أدرك السوريون المعارضون أن الطاولة تنقلب عليها متى شاءت تركيا ووفقاً لغاياتها، فبداية ترحيبها بهم كانت لاستغلالهم على أراضيها وفوز أردوغان بالرئاسة، ومُربحاً كذلك تقاضي مبالغ مالية طائلة مقابل وجودهم على أراضيها من الاتحاد الأوروبي وعدم السماح لهم بالعبور لأراضيهم.

ولكون ورقة اللاجئين هي الأبرز لنجاح حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان في الانتخابات المُقبلة، يسعون للتبروز بقدرتهم على حل مشكلتهم “اللاجئين” وسحب ورقتهم من أيدي الأحزاب المعارضة، للحصول على أعلى نسبة من الأصوات وتجديد حكم البلاد .

وكان أردوغان مطلع آيار العام الفائت أعلن عن إعادة توطين مليون لاجئ سوري وفق ما أسماه “العودة الطوعية”، وعلاوة على هذه العودة التي لا علاقة لها لا بالـ “طوعية” ولا بالـ “الآمنة”، فيتم ترحيل اللاجئين من سكان حلب ودمشق وحمص ودرعا إلى غير مناطقهم وإسكانهم في المستوطنات التي سبق بناؤها في المناطق التي يُسيطر عليها في سوريا خاصة عفرين، في ملامحٍ واضحة لتغيير ديمغرافية المدن وتركيبة سكانها .

ومنذ مطلع العام الجديد 2023 رحلت تركيا 115 لاجئاً سورياً عبر معبري باب الهوى وجرابلس إلى الشمال السوري، كما صل عدد السوريين المرحلين من تركيا إلى سوريا خلال معبر باب الهوى بحسب وفق إحصائيات معبر باب الهوى التي تم نشرها على الموقع الرسمي منذ بداية عام 2022 وحتى نهاية شهر تشرين الثاني الماضي 17 ألفاً و340 شخصاً، ولم تُرد أي إحصائيات دقيقة عن باقي المعابر الحدودية، في حين تستمر حملات المداهمات والاعتقالات داخل تركيا لجمع اللاجئين السوريين وإجبارهم على العودة قسراً .

مشاركة المقال عبر