الأخبار تركيا سوريا

الزلـ ـزال فرصة جديدة لتركيا والإخوان المسلمين لاستمرار التغيير الديموغرافي في عفرين

مع سيطرة القوات التركية رفقة فصائل الجيش الوطني السوري على منطقة عفرين في آذار / مارس 2018، وبفعل العملية العسكرية هذه تم تهجير نحو 300 ألف مدني كوردي من المنطقة الذين توجهوا صوب منطقة الشهباء بريف حلب الشمالي، ومدينة حلب إضافةً إلى مناطق شمال شرقي سوريا، ليتبقى حينها نحو 35 ٪ من سكان المنطقة (الكورد).

ومع عملية التهجير الجماعية بدأت تركيا بشكل مباشر العمل على تغيير ديمغرافية المنطقة من خلال نقل الأهالي من مختلف المحافظات السورية، فضلاً عن عوائل فصائل الجيش الوطني السوري، إضافةً إلى نقل اللاجئين السوريين من تركيا إليها، وبدأت الماكينة الإعلامية التركية الترويج بأن الجيش التركي حرر المنطقة ليعيدها إلى سكانها الأصليين، ومثالاً على ذلك نشرت قناة TRT التركية الناطقة بالعربية خبرًا قالت فيه أن اسطنبول تحتضن حفل وداع لعائلات سورية قررت العودة إلى عفرين، مدعيةً بأنهم سكان عفرين الأصليين إلا أن الحقيقة منافية لذلك تمامًا.

تسعى تركيا تحت مسمى إعادة اللاجئين السوريين والتي تأخذ شكل المشروع الإستيطاني بتمرير سياساتها وتشكيل حزام عربي تركماني بعد طردها السكان الأصليين من تلك المنطقة عبر عمليات يتداخل فيها النشاط الأمني والتجاري والثقافي واللغوي والسكاني والخدمي.

التغيير الديموغرافي يتكرر في يومنا بعفرين

في عام 1939 احتلّ أتاتورك لواء إسكندرون السورية بعد تسويات سياسية مع الفرنسيين، وما يزال اللواء محتلاً حتى الآن تحت اسم يمسح هويته الأصلية واستبدالها بهوية أخرى وهي “هاتاي” التركية ولعل تجربة قبرص ماثلة للعيان أمام الجميع، فهي موجودة هناك منذ عام 1974 بحجة أمنها القومي، حيث قسمت قبرص إلى دولتين وتعترف هي لوحدها بالشطر الذي تسيطر عليه. وفي بحر إيجة، لا يتوقف الجيش التركي عن التحرّش بالقواعد العسكرية اليونانية فوق الجزر الإيجية.

فاليوم تمتلك تركيا قواعد عسكرية كبيرة في شمال العراق، ولعل هذا ما يفسر التصريحات التركية الصريحة حول حقوق تركية التاريخية في الموصل العراقية مقروناً بعمليات عسكرية بحجة محاربة حزب العـمال الكوردستاني.

وعملت السلطات التركية في المناطق الخاضعة لنفوذها في سوريا والتي تدار من قبل فصائلها المسلحة على تغيير معالمها وهويتها المدنية شملت أسماء المدن والساحات والقرى، وقامت برفع علمها في تلك المناطق، فضلاً عن تغييرها السجل المدني للسكان، والحث على تداول الليرة التركية، والسعي لتغيير المناهج الدراسية، وفرض اللغة التركية، حيث فرضت تركيا فور سيطرتها على مدينة عفرين منذ عام 2018 ومناطق أخرى مثل إدلب وأرياف حلب، اللغة التركية على المناهج الدراسية وبدأت بفتح فروع لجامعاتها، وجلبت فروعا للمؤسسات الحكومية والتعامل بالليرة التركية إلى جانب الدولار الأمريكي.

كارثة الزلزال والتغيير الديمغرافي

مع كارثة الزلزال المدمر التي ضربت تركيا وسوريا وكانت لبلدة جنديرس بريف عفرين نصيبًا كبيرًا منها، إلا أنها وفي الوقت نفسه كانت فرصةً لا تعوض بالنسبة لتركيا وقطر والجمعيات الإخوانية المرتبطة بهدف تهجير من تبقى من الكورد من البلدة، وذلك من خلال هدم المنازل المتضررة بشكل جزئي وحتى التي لم تتضرر من الزلزال، تحت مسمى إعادة الإعمار ودعم ومساعدة المناطق المنكوبة، والهدف منها إقامة المزيد من المستوطنات لتوطين اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا المنحدرين من محافظات أخرى بدلاً من السكان الكورد، فبعد سيطرة تركيا على المنطقة ونتيجة لعمليات خطف واعتقال المدنيين وتعذيبهم تقلصت نسبة الكورد من 35٪ إلى ما دون 20٪ بالمئة، في وقت كانت منطقة عفرين كوردية صرفة.

آخر فصول سياسة التغيير الديمغرافي لمنطقة عفرين، عدة مشاريع استيطانية تنفذها قطر بإشراف تركي، الأول يضم مئات المنازل في ناحية “شيخ الحديد” بريف المدينة جرى تشييده بحضور وفد قطري رسمي، بالتزامن مع افتتاح “القرية القطرية الاستيطانية النموذجية” في قرية “جقللي تحتاتي” التابعة لناحية شيخ الحديد بريف عفرين، لتوطين مئتي أسرة من المستقدمين من المناطق الأخرى، في إطار خطة متفق عليها بين تركيا وقطر، حيث جرى افتتاح “القرية الاستيطانية” بحضور قائد المجموعة القطرية الدولية لمجموعة البحث والإنقاذ التابعة لقوات الأمن القطرية مبارك شريدة الكعبي، وقائد فصيل “العمشات” التابع لتركيا المدعو محمد الجاسم “أبو عمشة”.

أما المشروع الاستيطاني الثالث، فجرى الحديث عنه في 12 فبراير 2023، وأعلنت مؤسسة قطر الخيرية عن مشروع جديد لبناء مستوطنة في منطقة عفرين، بعد الزلـ.ـزال الذي ضرب مناطق سوريّة عدة، وأطلقت المؤسسة على المستـ.ـوطنة المراد بناؤها اسم “مدينة الكرامة” تحت حجة إعادة الإعمار.

الجامعة العربية: تركيا تمارس عملية تغيير ديمغرافي

شدد المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية جمال رشدي، خلال ندوة عقدت في يناير 2023 عن التغيير الديموغرافي في سوريا، بمركز الفارابي، بالمنتدى الثقافي المصري، ضمن فعاليات “الموسم الثقافي السادس للعام 2023″، «أن التغيير الديمغرافي ليس نتيجة الحرب، ولكنه عملية ممنهجة وسياسة متبعة.

وأضاف أن النظامين الإيراني والتركي يمارسون سياسة ممنهجة بعد انتهاء الحرب بحيث لو انسحبت القوات الايرانية من سوريا يكون لها تواجد شيعي محيط بالعاصمة دمشق والمدن الرئيسية.

وقال إن هناك نزعة من النظام التركي إلى حل مشكلة اللاجئين السوريين قبيل الانتخابات عبر عملية إحلال عملية إحلال ديمغرافي آخر في الشمال السوري وللأسف الشديد هذا الوضع مؤسف للغاية.

وأشار إلى قرار الجامعة العربية بخصوص التغيير الديمغرافي، حيث أصدرت قرار بشان سوريا ويتم تجديده ويشمل انتقاد أي قرارات بشان هذا التغيير والتأكيد على الرفض الكامل القاطع على كافة تغييرات ديمغرافية بما يشكل خرقًا للقوانين الدولية واعتبار ذلك تهديدًا لوحدة سوريا وتهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة.

مشاركة المقال عبر