الأخبار شمال وشرق سوريا

التحالف الدولي يتحضر لإعادة افتتاح قواعده في عين عيسى والرقة وكوباني

شهدت مناطق شمال وشرق سوريا مؤخراً تحركات متزايدة لقوات التحالف الدولي وزيارات إلى مناطق انسحبت منها عام 2019، وسط الحديث عن تحضيراتها لإعادة افتتاح قواعدها في ريف عين عيسى وكوباني والرقة.

وتشهد الساحة السورية منذ زلزال السادس من شباط تحركات مكثفة من مختلف الأطراف في هذا البلد الهام الذي يقع على يتربع على منطقة جغرافية تعتبر مدخلاً إلى العديد من المناطق في القارات الآسيوية والأفريقية والأوروبية، فسوريا التي تقع على البحر الأبيض المتوسط، تعتبر مدخلاً إلى الأردن والعراق والخليج العربي، كما تعتبر بوابة إلى شمال إفريقيا، وفي ذات الوقت تعتبر مدخلاً إلى الأناضول وكيليكيا -تركيا الحالية- وهذا الموقع الجغرافي الهام يظهر حجم الصراع العالمي والإقليمي عليها، وهذا هو أحد أسباب ما يعانيه الشعب السوري منذ عام 2011، فمن يسيطر على سوريا يستطيع أن يتمدد باتجاه المناطق الأخرى ويؤثر عليها.

بداية التحركات كان من قبل الدول العربية التي سارعت لتقديم المساعدة الإنسانية والتي أصبحت مدخلاً لإعادة الحكومة السورية إلى الجامعة العربية في الـ 17 من آذار الفائت وتطبيع العلاقات العربية معها، وذلك في مساعٍ عربية لوضع حد للسيطرتين الإيرانية والتركية على سوريا ومنع هاتين الدولتين من تطبيق مخططاتهما في المنطقة والتي تبدأ من سوريا.

التحرك الثاني كان من قبل تركيا وروسيا اللتان تعيشان شهر عسل في الوقت الحالي بفضل العلاقة الحميمة التي تجمع بوتين وأردوغان وحاجة كل منهما إلى الآخر في الملفات الإقليمية والدولية على ضوء مساعي تركيا للقضاء على الشعب الكوردي في سوريا والإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وهي تدرك تماماً أن ذلك غير ممكن إلا بموافقة روسية كونها حليفة للحكومة في دمشق وتتواجد على الأرض السورية بفعالية، أما روسيا فهي تريد استغلال الهدف التركي هذا في خلخلة حلف الناتو عبر إبعاد تركيا عن الحلف وكذلك استخدام تركيا في الالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة عليها في ظل تدخلها العسكري في أوكرانيا منذ نحو 16 شهراً.

ولذلك تسعى روسيا لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق مستفيدة من عداء الطرفين المشترك للكورد والإدارة الذاتية، حيث تعتبر موسكو الإدارة الذاتية سبباً لوجود القوات الأمريكية والغربية في سوريا، وتعتقد أنه بالقضاء على الإدارة الذاتية سترحل القوات الأمريكية، ولكنها لا تدرك أن القوات الأمريكية لم تأتي لمساعدة الكرد ولا تدافع عنهم بديل أن تركيا سيطرت على عفرين ورأس العين وهذه المناطق كوردية، ثم أن القوات الأمريكية ليست موجودة في الشريط الحدودي الذي يقطنه الكورد والذي تسعى تركيا للسيطرة عليه وطرد الكورد منها بل على العكس فالقوات الروسية هي الموجودة هناك، أما القوات الأمريكية فهي موجود في شرق سوريا وبشكل خاص أرياف الحسكة ودير الزور على الحدود مع العراق.

ومن جانبها إيران، بدأت تسارع بخطواتها لتقوية نفوذها في سوريا مستفيدة من المستنقع الأوكراني الذي وقعت فيه روسيا وتركيزها على حديقتها الخلفية أوكرانيا بدلاً من سوريا البعيدة عن حدودها، واستفادت إيران من تطبيع علاقاتها مع السعودية برعاية صينية التي بدأت تتدخل هي الأخرى رويداً رويداً في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر تنظر إليها أمريكا وبريطانيا وفرنسا بأنها منطقة نفوذ لها.

وأمام هذه التحركات المكثفة من مختلف الأطراف في هذه المنطقة الغنية بالثروات الباطنية والغاز والمياه، بدأت قوات التحالف الدولي وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا التي انفكت عن الاتحاد الأوروبي مؤخراً بتكثيف نشاطها هي الأخرى في سوريا.

حيث زارت دوريات أمريكية وللمرة الأولى منذ انسحابها من العديد من المناطق في تشرين الأول عام 2019، عدداً من مدن المنطقة، إذ زارت قوات أمريكية رفقة قوات بريطانية كل من الرقة وعين عيسى والرقة، ظاهرها كان زيارة السجون التي تأوي عناصر تنظيم الدولة الإسلامية والاطلاع على الحواجز الأمنية في المنطقة، ولكنها تخفي تحركات ومساعي من التحالف الدولي لإعادة التموضع في القواعد التي انسحبت منها.

فالتحالف الدولي يدرك الطبخة الروسية والتركية وتحركاتهما في سوريا والتي تعادي أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي بشكل أساسي، ولذلك بدأ هو الأخر بالتحرك، ومن أجل ضمان أن يكون القول الفصل له في حل الأزمة السورية، يجب عليه أن يقطع الطريق أمام المخططات الروسية والتركية في المنطقة ويعيدها إلى وضعها الطبيعي وذلك من خلال إعادة التمركز في المناطق التي انسحب منها، مستفيداً من القبول الشعبي لها بعد أن أثبتت روسيا بأنه لا يمكن الوثوق بها لأنها تعادي الشعب السوري وتريد تحقيق مصالحها مع تركيا الساعية للسيطرة واحتلال الأراضي السورية.

وسبق لقوات التحالف الدولي أن استخدمت قاعدة خراب عشق في ريف كوباني بتنفيذ عملية إنزال في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا والتي استهدفت قيادات من تنظيم الدولة الإسلامية، ومؤخراً زارت عين عيسى والرقة، كما كثفت من إرسال التعزيزات العسكرية إلى المنطقة.

فخلال آخر 24 ساعة، أرسل التحالف الدولي قافلتين من المعدات العسكرية إلى المنطقة، ضمت 75 شاحنة محملة بمدرعات وصهاريج وقود ومعدات عسكرية ولوجستية وصناديق مغلقة، دخلت عبر معبر الوليد مع إقليم كوردستان العراق.

هذه الأرتال توجهت إلى قواعد “التحالف الدولي” في ريف الحسكة، من أجل توزيعها في المنطقة، حيث تعتبر الحسكة نقطة وصل يوصل قواعد التحالف الدولي في الحسكة ودير الزور بالقواعد الجديدة التي تنوي إعادة تفعيلها في الرقة وعين عيسى وكوباني.

 

مشاركة المقال عبر