آراء وتحليلات العالم والشرق الاوسط

ما أشبه اليوم بالأمس… قـ ـتل وتهـ ـجير في عفرين وغزة والغـ ـزاة تركيا وإسرائيل

أحمد خليل

ما أشبه اليوم بالأمس، مقولة نسمعها كثيراً، وفي منطقة الشرق الأوسط التي تعج بالدكـ ـتاتوريين المجـ ـرمين، تتكرر الأحـ ـداث لدرجة أنها تتشابه كثيراً من حيث مشاهد القـ ـصف والدمـ ـار والتهـ ـجير القـ ـسري والمـ ـؤلم في الأمر أنه ما زال هناك من يصفق لهؤلاء الديكـ ـتاتوريين عندما يتحدث عن أزمـ ـتهم دون أن يدركوا أن من يقـ ـتل شعباً لا يمكن أن يكون صديقاً لشعب آخر يقتـ ـلهم ديكـ ـتاتور مثله.

اليوم يعيش قطاع غزة مأساته في يومها التاسع بعد أن شنت حركة حماس هجوماً دموياً على إسرائيل، فتح أبواب جهنم على نحو مليونين و200 ألف فلسطيني يعيشون في غزة المحاصرة أصلاً منذ 14 عاماً… هذا الهجوم الذي تفاخرت به حركة حماس والعديد من مشغليها ومموليها من الديكتاتوريين في الشرق الأوسط دون أي مراعاة لمصير الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى في هذا القطاع الذي ما زال يقاوم من أجل ضمان حقوقه بوجه إسرائيل مثلما يقاوم الشعب الكوردي في سوريا وتركيا وإيران بوجه الديكتاتوريين لضمان حقوقهم.

في 9 أيام، نزح نحو مليون فلسطيني عن منازلهم المدمرة أو المهددة بالقصف الإسرائيلي في غزة، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة يوم الأحد، في حين يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لاجتياح بري للقطاع. حيث أدت الأيام الـ 9 من القصف المتواصل إلى تسوية أحياء بالأرض وفقدان ما لا يقل عن 2670 شخصا في قطاع غزة لحياتهم، وإصابة 9600 آخرين، غالبيتهم من المدنيين.

ويوم الجمعة الماضي، طلب الجيش الإسرائيلي من سكان شمال قطاع غزة الإخلاء السريع قبيل هجوم بري محتمل، والتوجه نحو الجنوب، لكن هذا الجيش قام باستهداف قوافل النازحين الفارين وأدى ذلك لفقدان 70 فلسطينيا، بينهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 200 آخرين.

ما ذُكر من مأساة الفلسطينيين في قطاع غزة الآن على يد إسرائيل، سبق وأن عاشه أبناء الشعب الكوردي في مدينة عفرين الواقعة شمال غرب سوريا على يد تركيا وفصائلها السورية.

المشهد هنا واحد، ديكتاتور تركي وآخر إسرائيلي يمتلك الطائرات والمدافع والدبابات ويهاجم شعباً أعزل يقاوم من أجل حقوقه التي كفلته لها الشرائع السماوية والقوانين الدولية، وفصائل سورية وأخرى فلسطينية تدّعي المقاومة من أجل حقوق السوريين والفلسطينيين ولكنها تخدم أجندات خارجية وتفتح أبواب الجحيم على شعوب المنطقة، ففصائل الجيش الوطني امتطت الدبابات التركية وهاجمت الكورد السوريين وقتلتهم وهجرتهم من ديارهم، وحركة حماس الفلسطينية التي قصفت بصواريخ حصلت على تقنياتها من أطراف خارجية هي في حرب مع إسرائيل على الهيمنة في الشرق الأوسط وفتحت بذلك أبواب السعير على شعب يعيش في بقعة جغرافية محاصرة كلياً تكاد إسرائيل تمنع عنهم حتى الهواء.

مشاهد الدمار هي نفسها، طائرات ومدافع ودبابات إسرائيلية تفتك بقطاع غزة وطائرات ودبابات ومدافع تركية فتكت بمدينة عفرين. فصورة الجندي التركي الذي رفع العلم التركي فوق أنقاض بناء في ناحية راجو بعفرين وكتب عليها: لا أعرف من أحرق روما، ولكن راجو نحن من أحرقناها” لا تزال تعج مواقع التواصل الاجتماعي. مشاهد همجية المهاجمين والافتخار بقتل الشعب الأعزل واحدة.

ومثلما يقتل الفلسطينيون اليوم، قتل قبلهم العفرينون حيث فقد أكثر من ألفي عفريني حياتهم، ومثلما ينزح الفلسطينيون في قوافل الآن سبقهم في ذلك العفرينيون.. الصور التي تنشر اليوم عن قوافل المهجرين الفلسطينيين يشاهدها العفريني والدموع تنهمر من أعينهم لأنها تذكرهم بمأساتهم وتهجيرهم.

ومثلما تقصف إسرائيل قوافل المهجرين في قطاع غزة، فعلت تركيا الأمر ذاته بقصف قوافل العفرينيين الذين هجرتهم طائراتها ودباباتها ومدفعيتها. ومثلما يتهجر مليون فلسطيني من أرضهم ومنازلهم، هجرت تركيا 400 ألف كوردي من عفرين. اليوم تكاد عفرين تخلو من الكورد بسبب جرائم تركيا وفصائلها السورية، وأغلب الظن أن قطاع غزة سيخلى من سكانه الفلسطينيين في حال الاجتياح البري لإسرائيل.

واليوم يتباكى الديكتاتور أردوغان على الفلسطينيين ولكنه سبق نتنياهو بسنوات في ارتكاب المجازر، وما زال أردوغان يواصل جرائمه بقصف البنى التحتية في المناطق الكوردية بسوريا، وسيواصل نتنياهو الأمر ذاته بحق الفلسطينيين. ولكن ما يؤلم العفريين الآن، هو أن بعض الجمعيات المحسوبة على الفلسطينيين ترسل الأموال إلى تركيا لتبني المستوطنات في عفرين لتغيير ديموغرافيتها، وهم بذلك يبررون بناء إسرائيل للمستوطنات في أراضيهم.

الديكتاتوريون كُثر في الشرق الأوسط، والوقوف مع أحد الديكتاتوريين ضد أحد الشعوب يعني وقوفك ضد الديكتاتور الذي يرتكب المجازر بحقك. لذا على شعوب المنطقة أن تتحد معاً وتقف بوجه جميع الديكتاتوريين وأن تعارض دوماً أي مجزرة أو جريمة ترتكب بحق أي شعب كان، فالشعوب باقية والديكتاتوريون إلى زوال، هذا ما يخبرنا به التاريخ دوماً. فلا عشب يبقى تحت الحجر وكل زيتونة ستنجب عفرينياً وكل ليمونة ستنجب فلسطينياً ومحال أن ينتهي الزيتون والليمون.

ليس بالضرورة أن تعبر المقالة عن رأي الموقع

صورة أثناء تهجير أهالي عفرين

صورة لتهجير أهالي قطاع غزة

مشاركة المقال عبر