آراء وتحليلات الأخبار تركيا سوريا شمال وشرق سوريا

ضدّ مصلحة السوريين كالعادة.. الجولة الـ21 لأستانة تضع مناطق الإدارة الذاتية في مرمى استهدافها مجدداً

انتهى اليوم الخميس أعمال الاجتماع الدولي حول سوريا بصيغة أستانا 21 في العاصمة الكازاخية بمشاركة وفود من الدول الضامنة «تركيا وروسيا وإيران» والمعارضة والحكومة السورية، إلى جانب حضور الأمم المتحدة، والأردن ولبنان والعراق كبلدان مراقبة.

فعلى غرار عشرون جولةٍ مضت، لم تُقدّم الجولة الـ21 من اجتماع أستانة أي جديد يخدم مصلحة الشعب السوري، بعكس ذلك تسعى هذه الدول – الضامنة – الحصول على مكتسبات وفرض أجندتها من خلال تأجيج الصراع في المنطقة وإطالة أمد الأزمة المستمرة منذ نحو 13 عاماً.

حيث جاء في البيان الختامي التأكيد على استقلال سوريا ووحدة وسلامة أراضيها، وضرورة خفض التصعيد في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وضرورة الحفاظ على الهدوء في المنطقة، رغم أن الدول «الضامنة» أي “أنقرة وموسكو وطهران” لا يحترمون سيادة سوريا ولا سلامة أراضيها أو حتى الحفاظ على الهدوء في المنطقة حيث يشنون الهجمات على مناطق متفرقة من سوريا وتتوزع الأدوار بينهم.

ومنذ العام 2017 تدعي الدول الضامنة بأنها تسعى لحل الأزمة السورية وإنهاء الصراع، ولكن في حقيقة الأمر عملت هذه الأطراف معاً على تقسيم سوريا وفقاً لمصالحها بحيث بدأ كل طرف بقتل السوريين وتهجيرهم من أرضهم وتوطين آخرين بدلاً منهم في مسعى وخطة ممنهجة لعملية التغيير الديمغرافي.

فتركيا تقصف البنى التحتية والمنشآت الحيوية وتستهدف المدنيين في شمال وشرق سوريا، بينما إيران تستهدف القواعد الأمريكية إلى جانب زعزعة استقرار المناطق الخاضعة تحت سيطرة قسد في دير الزور عبر دعم مجموعات مسلحة تحت اسم قوات العشائر لشن الهجمات عليها إلى جانب فرض عمليات الشيّع بشكل رهيب، أما روسيا فيتركّز قصفها على ادلب دون سواها من المناطق التي تسيطر عليها تركيا والفصائل الموالية في سوريا في مؤشر خطير عن اتفاق بين الدول الضامنة لشرعنة التواجد التركي في أغلب الشريط الحدودي.

كما تطرق البيان إلى ما أسموه بـ «التصدي للمخططات الانفصالية في سوريا» في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية التي لا تحمل لا في برنامجها السياسي أو على الأرض أي مؤشر أو نيّة للانفصال عن سوريا، بالعكس من ذلك يؤكد محللون سياسيين ومختصون بالشأن السوري أن الأخيرة هي الوحيدة التي تحمل في جعبتها مشروعاً حقيقياً
للحل السلمي لإنهاء الصراع في سوريا ولكنه يتعارض مع مخططات هذه الدول اللاهثة وراء أطماعها في سوريا والتي تقف عائقاً أمامها لهذا يرى مراقبون أن إطلاق تسمية “الانفصال” على مشروع الإدارة الذاتية هو الأنسب لتبرير مخططاتهم وزيادة هجماتهم.

ففي العشرين والحادي والعشرين من حزيران العام الفائت، عُقدت الجولة العشرين من سلسلة اجتماعات أستانا حول سوريا، وكانت المرة الأولى التي تحضر فيها الحكومة السورية بعد غيابها عن 19 جولة، وظهر جليّاً في البنود العريضة للاجتماع الاتفاق على وضع مناطق شمال وشرق سوريا والإدارة الذاتية في مرمى الاستهداف عبر إلصاق توصيفات بعيدة عن الحقيقة من قُبيل الانفصال وسرقة ثروات سوريا بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وذلك لشرعنة المخطط الذي يحاك ضد المنطقة ومحاولة خلق رأي عام يناهض حكم الإدارة الذاتية.

وسنحت الفرصة لهذه الأطراف عندما بدأ مجلس دير الزور العسكري بعزل أحمد الخبيل الملقب بـ “أبو خولة” من قيادة المجلس بعد ضلوعه ومقربين منه في عمليات تهريب المخدرات وضرب أمن واستقرار المنطقة وإهانة العشائر العربية في المنطقة، حيث أرسلت هذه الأطراف مسلحيها على اختلاف مسمياتها لقتال قوات سوريا الديمقراطية تحت اسم “جيش أو قوات العشائر” رغم أن العشائر العربية بريئة من هذه المجاميع المسلحة التي نهبت وسلبت أملاك المواطنين والمؤسسات ووضعتها في قوارب ونقلتها إلى الضفة الغربية.

كما حاولت هذه الأطراف كعادتها اللعب على الوتر الطائفي والقومي والسعي لاستخدام العرب السنّة كورقة من أجل خلق فتنة عربية كوردية، لا يستفيد منها سوى الحكومة في دمشق والنظامين الإيراني والتركي والروسي الذين يريدون القضاء على العرب السنة عبر التشيّع والتتريك.

في حين أن تدخل تركيا في سوريا كانت من إحدى الأسباب الرئيسية لتأزم أوضاع السوريين وكانت لها اليد الطولى في المقتلة السورية عبر ادعائها في بداية الأزمة بأنها حامي الحمى وأنها تعتبر مدن حماة وحمص وغيرها خطوط حمر لا يمكن لقوات الحكومة السورية تجاوزها، ليتضح للسوريين أنها مسرحية أرادت من خلالها تركيا تمكين التركمان المقربين منها والسيطرة على مناطق حدودية وذلك على حساب استغلال السوريين خدمة لنواياها الاستعمارية، كما لم يسلم اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا من هذه السياسة الخبيثة التي لطالما استخدمتهم حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم كورقة تلعب بها يميناً وشمالاً للوصول إلى مآربها، إلى جانب الاتفاق على توكيل تركيا لشن هجمات بالطائرات الحربية والمسيرة وبالمدفعية ضد مناطق شمال وشرق سوريا مستهدفة المنشآت الحيوية والمرافق الخدمية حيث كان آخرها تلك التي حصلت منتصف كانون الثاني الجاري.

ليس بالضرورة أن تعبر المقال عن رأي الموقع

مشاركة المقال عبر