في الوقت الذي كانت فيه تركيا تعول على مشاركتها في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، في دورته الـ16، في تعزيز الدور العربي على مسار التقارب السوري – التركي، جاء انسحاب الوفد السوري من الاجتماع أثناء كلمة وزير خارجية تركيا هاكان فيدان لتقلب الأوراق وتعيد المسار إلى المربع الأول، في إشارة واضحة إلى حـ ـدة الخـ ـلاف الذي يعصف بمسار “التطبيع”.
ونقلت وسائل إعلام، كما أظهرت مقاطع مصورة مغادرة وفد الحكومة السورية، الذي يرأسه وزير الخارجية فيصل المقداد، قاعة الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية في العاصمة المصرية القاهرة، أثناء بدء كلمة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
وشارك وفد من وزارة الخارجية بدمشق في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، في دورته الـ162، التي انطلقت، الثلاثاء، في مقر الجامعة بالقاهرة، كما شاركت تركيا في هذه الاجتماعات لأول مرة منذ 12 عاماً، فيما كانت التوقعات تشير إلى احتمال أن تسهم مشاركة تركيا في تعزيز الدور العربي على خط التقارب السوري – التركي الذي تقوده موسكو.
وذكر مراقبون أن انسحاب الوفد السوري، أثناء كلمة وزير خارجية تركيا أعطى “إشارات مربكة” لمسار التطبيع بين البلدين، في وقت تعول الدول العربية على هذا التقارب بهدف إيجاد مخارج للاستعصاء السياسي في سوريا عبر الحل العربي، بحسب صحيفة الشرق الأوسط.
انحساب الوفد السوري كرد فعل احتجاجي من قبل الحكومة السورية على مشاركة تركيا في الاجتماع، وتأكيد على موقفها الرافض للتطبيع مع أنقرة، رغم التصريحات المتضاربة في الفترة الأخيرة لمسؤولين سوريين وأتراك. مما أثار أيضاً تساؤلات حول تداعيات مشاركة أنقرة في الاجتماع.
وسبق أن عصفت خلافات كبيرة بمسار التطبيع بين دمشق وأنقرة، مع تمسك الحكومة السورية بشرط انسحاب القوات التركية في المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا، بالإضافة إلى شروط أخرى تتعلق بالفصائل المسلحة التي تدعمها تركيا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ألمح في تصريحات سابقة قبيل اجتماع الجامعة العربية إلى ضرورة تشكيل تحالف لتأسيس محور تضامني يضم تركيا، سوريا، ومصر، لمواجهة التهديدات المشتركة، بحسب أردوغان.
إلا أن رد الحكومة السورية جاء أيضاً على لسان خارجيتها حيث أعاد المقداد التأكيد على أن إعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة إلى طبيعتها مشروطة بتحقيق مطلب انسحاب تركيا من الأراضي السورية التي تسيطر عليها في الشمال ومن المناطق التي تسيطر عليها في غرب العراق.
مقاطعة الوفد السوري لكلمة الخارجية التركية لا يربك فقط مسار التطبيع والتقارب بين دمشق وأنقرة، بل يظهر أيضاً اتساع شرخ الخلاف بين البلدين كما أنه تعبير واضح عن رفض دمشق مشاركة أنقرة في الاجتماع، وأعطى إشارات متناقضة للموقف السوري حيال تطبيع العلاقات مع تركيا.