المجلس الوطني الكوردي يقدم دراسة حول الإعلان الدستوري في سوريا

قدمت الهيئة القانونية للمجلس الوطني الكوردي في سوريا ENKS، مساء الأحد، دراسة حول الإعلان الدستوري في سوريا، ودعت إلى إعادة صياغة الديباجة بحيث تتضمن اعترافا واضحا بالواقع المجتمعي السوري الذي يتصف بالتعددية القومية والدينية وتؤكد على ضمان حقوق جميع المكونات بما فيها حقوق الشعب الكوردي الذي يعيش على أرضه التي توارثها عن الآباء والأجداد منذ الازل كسائر الشعوب الأصلية في العالم وله الحق في تقرير مصيره كسائر الشعوب المماثلة، استنادا للقانون الدولي وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب.
وفيما يلي نص الدراسة كاملة:
المقدمة:
يعد الإعلان الدستوري في سوريا الصادر بتاريخ ١٣ آذار عام ٢٠٢٥خطوة مهمة نحو رسم مستقبل البلاد، إلا أنه يحمل العديد من المخاوف لدى الشعب السوري، والتي تستوجب الدراسة والنقاش.
تشمل هذه الدراسة الجوانب القانونية والسياسية المتعلقة بالإعلان الدستوري- كون الدستور مسألة قانونية وسياسية أيضاً- مع التركيز على ضرورة تحقيق العدالة والمساواة بين مختلف المكونات السورية، واحترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، أفراداً وجماعات.
وتهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على المآخذ القانونية التي تشوب نص الإعلان الدستوري، وعلى المآخذ الجوهرية التي تبدأ من ديباجته التي لم تعكس تنوع المجتمع السوري، مرورا بالمواد التي تحتاج إلى التعديل والمراجعة.
وحيث تتناول الدراسة عدة محاور رئيسية تشمل مراجعة الديباجة، وتقييم النصوص المتعلقة بتسمية الدولة، ونظام الحكم، والحقوق الأساسية وضرورة تكريس مبدأ المواطنة المتساوية، والفصل بين السلطات، وتعزيز المشاركة السياسية لجميع المكونات دون إقصاء، كما تتطرق الدراسة إلى القضايا المتعلقة بالقضاء والسلطة التشريعية، والضمانات الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لضمان تحقيق انتقال سياسي سلس، يؤسس لدولة ديمقراطية عادلة.
أولاً: المآخذ على الديباجة والحلول المقترحة
تشكل ديباجة الإعلان الدستوري جزءا جوهريا من الوثيقة إذ تعكس الأسس التي تقوم عليها الدولة، غير أنها جاءت قاصرة ولم ترتقِ إلى مستوى نضالات وتضحيات جميع مكونات الشعب السوري من عرب وكورد وسريان آشور وتركمان وغيرهم …،
وفيما يلي بعض الإشكالات الأساسية في الديباجة:
1- الادعاء بأن الإعلان الدستوري ناتج عن مؤتمر الحوار الوطني، والحقيقة أنه لم يتم تمثيل جميع المكونات في هذا الحوار بشكل حقيقي وفعلي مما يجعله غير معبر عن إرادة كافة السوريين.
2- اسم الجمهورية الوارد في دستور 1950 كانت الجمهورية السورية وليس وفق ما تطرق إليه الإعلان الدستوري في ديباجته بأنه مستوحاة من دستور الاستقلال لعام 1950، وأن اعتماد اسم الجمهورية العربية السورية يربط هوية الدولة بمكون واحد، ويتجاهل الهوية الجامعة التي تشمل كافة القوميات والأديان.
3- غياب التأكيد على التنوع القومي والديني وضرورة الإقرار بالتعددية كركيزة أساسية في بناء الدولة وإنصاف المكونات السورية، ليكون الإعلان عاملا إيجابيا في استقرار الدولة وسبباً في تقدّم وتطور البلاد.
4- عدم الإشارة إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان ووجوب احترامها وخاصة الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
5- تجاهلت الديباجة حق المرأة السورية ودورها الهام على كافة الصعد.
الحلول المقترحة:
1- إعادة صياغة الديباجة بحيث تتضمن اعترافا واضحا بالواقع المجتمعي السوري الذي يتصف بالتعددية القومية والدينية وتؤكد على ضمان حقوق جميع المكونات بما فيها حقوق الشعب الكوردي الذي يعيش على أرضه التي توارثها عن الآباء والأجداد منذ الازل كسائر الشعوب الأصلية في العالم وله الحق في تقرير مصيره كسائر الشعوب المماثلة، استنادا للقانون الدولي وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب.
2- الإشارة إلى التزام الدولة بالمواثيق والشرعة الدولية الخاصة بحقوق الإنسان أفراد وجماعات.
3- التأكيد في الديباجة على دور الشعب السوري في صنع ورسم سياسة الدولة.
4- ضمان مشاركة المجتمع المدني في صنع القرار.
5- التأكيد على أن سوريا دولة تقوم على مبادئ الديمقراطية والتعددية والمواطنة المتساوية.
6- ضمان حق المرأة السورية في المساواة مع الرجل في بناء سوريا.
ثانياً: مراجعة المواد الدستورية الأساسية
تسمية الدولة:
المادة: (1) ينص الإعلان الدستوري على تسمية الدولة بــ الجمهورية العربية السورية وهو ما يتعارض مع مبدأ المواطنة المتساوية حيث يربط هوية الدولة بمكون واحد، لذا فإن التسمية الأنسب هي الجمهورية السورية لتعكس تعددية المجتمع السوري ويعبر عن التنوع القومي والديني ما يضمن حقوق الجميع.
نظام الحكم وفصل السلطات:
المادة (2) رغم أن الإعلان الدستوري لم يحدد صراحةً طبيعة النظام السياسي إلا أن بعض المواد الأخرى تثبت أنه نظام رئاسي، مما يضعف مبدأ الفصل بين السلطات، لذلك، يقترح أن ينص صراحةً على أن النظام السياسي ديمقراطي تعددي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن فيما بينها.
دين الدولة ودين رئيس الجمهورية
المادة ( 3) الفقرة ” 2 و الفقرة ” 3 ” ينص الإعلان الدستوري على أن دين رئيس الجمهورية هو الإسلام، مما يقيد تولي الرئاسة بمكون ديني معين، ويتناقض مع مبدأ المواطنة المتساوية، كما أن جعل الفقه الإسلامي مصدرا رئيسيًا للتشريع يمنح الدولة طابعًا دينيًا، بدلًا من أن تكون محايدة دينيًا، لذا يُقترح: عدم تحديد دين رئيس الجمهورية ليكون المنصب مفتوحا لجميع المواطنين اعتبار الفقه الإسلامي “أحد مصادر التشريع” وليس المصدر الرئيسي، لضمان التعددية الدينية، كما أن الفقرة الثانية احترمت جميع الأديان السماوية دون الأخرى غير السماوية وكذلك ترك حرية الأديان وأداء الشعائر الدينية بالنظام العام يجعل الباب مفتوحا أمام الحكومة المستقبلية في تقييد هذه الحرية، وأيضا تخلّ بمبدأ المواطنة المتساوية لذلك يجب أن يكون ومن أجل تكريس الحس الوطني، وأن ينحصر حرية الأديان وأداء الشعائر بقانون وليس بالنظام العام.
المادة 🙁 4) لا يعترف الإعلان الدستوري بأي لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، رغم أن الشعب الكوردي يشكل ثاني أكبر قومية في سوريا، لذا يقترح: اعتبار اللغة الكوردية لغة رسمية ثانية إلى جانب اللغة العربية، أو منح لغات المكونات الأخرى الرسمية في مناطقها ذات الغالبية السكانية.
المادة: (5) و (6) يجب أن يشتمل (يشير) نشيد الدولة والعلم والشعار إلى كافة مكونات الشعب السوري بقومياته وأديانه.
المادة: (7) لقد ورد كلمة تجريم دعوات التقسيم والانفصال، أن مثل هذا المصطلح يعود بنا إلى حجج النظام البائد، حين كان يقوم بملاحقة القوى السياسية باستخدام مصطلحات فضفاضة لقمعهم، وعلماً أن هذا ليس من اختصاص الإعلان الدستوري وإنما من اختصاص القوانين الناظمة.
المادة 🙁 8) في الفقرة الثانية التأكيد على العودة الآمنة للاجئين والنازحين والمهجرين قسرياً، وازالة ومعالجة آثار التغير الديمغرافي، وفي الفقرة 3 إضافة جميع أشكال التطرف دون تحديد شكل التطرف.
المادة: (9) إضافة مبدأ المواطنة المتساوية.
المادة 🙁 10) إضافة كلمة “القومية”، بحيث تصبح دون تمييز بينهم في: العرق أو القومية أو الدين أو الجنس أو النسب.
المادة: (11) يجب أن تضاف لها “الضمان الاجتماعي” و”إيلاء المناطق المهمشة والنامية اهتماما بما يحقق التنمية المستدامة”.
الباب الثاني: الحقوق والحريات
المادة: (12) الفقرة (2) إعادة النظر بكافة تحفظات الحكومة السورية السابقة على العهود والمواثيق الدولية لحقوق الانسان، وإزالتها، علماً أن هناك تناقضاً واضحاً بين مواد هذا الاعلان الدستوري، والمواثيق والعهود التي صادقت عليها الدولة السورية.
المادة: (14) اقتراح صياغة هذه المادة وفقاً ما يلي: تصون الدولة حق المشاركة السياسية على أسس ديمقراطية وتشكيل الأحزاب وفق لقانون جديد مع مراعاة التنوع القومي والديني.
المادة: (16) الفقرة 2 يجب أن تتضمن الفقرة تتمة ما يلي “أن تخصص جزء من عائدات الثروات الباطنية لتنمية المناطق التي تستخرج منها”.
المادة: (22) كان من المفترض أن تشير هذه المادة إلى تجريم استغلال الأطفال وسوء معاملتهم، لتصبح كالتالي ” تعمل الدولة على حماية الأطفال وتجريم استغلالهم وسوء معاملتهم”.
المادة: (23) إن هذه المادة هي تقييد لباب الحريات والحقوق تحت مسميات مختلفة وتفرغها من مضمونها، ويجب إلغائها أو تعديلها بما لا يتعارض مع العهود والمواثيق الدولية لحقوق الانسان والمعاهدات.
المادة: (24 حتى المادة 30) بخصوص السلطة التشريعية
الاقتراح والصواب: أن يتم تشكيل اللجنة العليا الخاصة بانتخابات مجلس الشعب بشكل يراعي التعددية القومية والدينية والثقافية في المجتمع السوري، وأيضاً إشراك منظمات المجتمع المدني، وأن يتم كل ذلك بإشراف الأمم المتحدة، ويجب أن ينطبق ذلك على تشكيل كافة اللجان والهيئات الفرعية وبكل الاختصاصات.
الفقرة الثالثة في المادة 24 يتناقض مع مبدأ الفصل بين السلطات، كون تشكيل وانتخاب مجلس الشعب، ليس من اختصاص رئيس الجمهورية، ويناقض أيضاً مبدأ سيادة القانون، وما يزيد من تغول السلطة التنفيذية في السلطة التشريعية، مما يمهد الانفراد بالسلطة واتخاذ القرارات الفردية.
وما يعيب هذه المادة منح رئيس الجمهورية تعين ثلث أعضاء مجلس الشعب وعدم تحديد عدد أعضائه.
المادة 25 إضافة فقرة ثالثة بحيث تتضمن حالة عزل عضو مجلس الشعب مع تبيان أسباب العزل.
الفقرة الأولى والثانية من المادة 26 كان يجب أن يحدد جدول زمني لإعداد الدستور الدائم، وأن تحدد مدة ولاية مجلس الشعب ويقيد بـ “سنتين” فقط دون تجديد.
البند (ج) من الفقرة الأولى من المادة 30 إقرار العفو العام من قبل مجلس الشعب إضافة جملة (على ألّا يشمل ذلك المجرمين الذين ارتكبوا الجرائم بحق السوريين بحيث يتوافق مع مفهوم العدالة الانتقالية).
المادة: (30) بالفقرة الثانية فميا يخص اتخاذ القرارات التي تصدر من مجلس الشعب فيما يخص أحد المكونات، يجب أن يكون على أساس توافقي أو موافقة ثلثي ممثلي المكون في البرلمان، ويجب أن تحدد الأغلبية استناداً الى النسبية (البسيطة) أو المطلقة.
المادة: (33) أن هذه المادة خالية من كلمة “احترام الاعلان الدستوري” (ملاحظة: نقصد بالإعلان الدستوري الذي يجب أن يتضمن حقوق الأنسان أفراداً وجماعات)
المواد: (34 و35 و38) في اختيار نواب الرئيس والوزراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية وغيرها من المناصب السيادية والعليا ويجب مراعاة التعدد القومي والديني والثقافي.
ملاحظة: أغفل الإعلان الدستوري كيفية محاسبة أعضاء السلطة التنفيذية من وزراء ورئيس الجمهورية وتحديد الجرائم التي يحاسبون عليها.
السلطة القضائية:
– لم يتطرق الإعلان الدستوري إلى كيفية تشكيل مجلس القضاء الأعلى وما هي اختصاصاته وعدد قضاته، وكيفية اختيارهم ومدتهم الزمنية حيث كان يجب أن يذكر فيها كل ما ذكر بالتفصيل، وأن يبقى مرجعاً للقضاء.
– المادة: (47) الفقرة * 2 * عند تسمية قضاة المحكمة الدستورية العليا
من قبل رئيس الجمهورية، يجب أن يراعى مبدأ التعدد القومي والديني والتنوع الثقافي والتوزع الجغرافي، ويجب أن يصادق على قرار تعيينهم مجلس الشعب.
– المادة: (52) تحديد مدة المرحلة الانتقالية بما لا تزيد عن أربع سنوات، تماشيا مع التجارب والعرف الدولي.
الخاتمة:
وقد استعرضنا في هذه الدراسة أهم الإشكاليات التي تؤثر سلباً على مستقبل البلاد مع تقديم مقترحات لضمان أن يكون هذا الإعلان أكثر توافقياً ومتضمناً حقوق المكونات بشكل متساوٍ دون تمييز، مراعياً حقوق الإنسان ومبدأ المواطنة المتساوية لخلق وتأمين بيئة وطنية مناسبة بحيث يشعر الجميع بأنهم شركاء في هذا الوطن وشركاء في الحقوق والواجبات.
قامشلو 23 آذار 2025
الهيئة القانونية للمجلس الوطني الكوردي في سوريا