وسط صمـ ـت رسمي.. تهـ ـجـ ـير قسـ ـري من حي السومرية بدمشق وانتهـ ـاكات بالجملة
300 عائلة مهددة بالطرد من منازلها بقرار من وزارة الداخلية

في تطور مقـ ـلق يكشف عن تصـ ـاعد وتيـ ـرة الانتهـ ـاكات بحق المدنيين، أمهـ ـلت سلـ ـطات دمشق، نحو 300 عائلة في حي السومرية غرب العاصمة دمشق فقط 72 ساعة لإخـ ـلاء منازلها بشكل نهـ ـائي، دون تقديم أي تعـ ـويـ ـضات أو بدائل سكنية، وسط تبريـ ـرات أمـ ـنـ ـية غير واضحة، وفي ظل صمـ ـت رسمي مطبق من الجهـ ـات الحكومية.
إجراءات تعسفية وغموض إداري
وبحسب شهادات حصل عليها المرصد السوري لحقوق الإنسان من سكان المنطقة، فقد جاء هذا القرار على لسان من يُعرف في الأوساط المحلية بـ”الأمير”، وهو مسؤول نافذ غير رسمي يُدير الحي بسلطة مطلقة، وهو مدعوم من جهات أمنية عليا.
القرار القاضي بالإخلاء الفوري تضمن منع العائلات من نقل أثاثها أو مقتنياتها الخاصة، ما فُهم على نطاق واسع كنوع من العقاب الجماعي أو الاستيلاء القسري على ممتلكات خاصة.
المرصد حصل على نسخة من إعلان رسمي صادر عن وزارة الداخلية – فرع المسكن الوظيفي، يطلب فيه من قاطني مشروع السومرية (بما يشمل الأبنية النظامية والمخالفة) تقديم براءة ذمة للكهرباء والماء خلال 72 ساعة، وإلا سيتم اتخاذ “إجراءات قانونية” بحقهم، دون تحديد طبيعة هذه الإجراءات أو تقديم توضيحات رسمية.
الإعلان جاء موقعاً باسم “مدير ضاحية السومرية” لكنه خلا من تاريخ واضح أو توقيع رسمي موثّق، مما يزيد من الشكوك حول شرعية القرار وأهدافه.
موجة من الانتهاكات والتضييق
إلى جانب القرار الجائر بإخلاء المساكن، أبلغ سكان محليون عن منع أصحاب المحال التجارية من فتح متاجرهم، وإجبارهم على مغادرة الحي نهائياً دون توضيحات أو أسباب.
ووثقت المصادر اعتداءات جسدية وإهانات طالت عدداً من السكان، من بينهم تاجر تعرض للضرب أمام محله قبل أن يتم تكسيره ومصادرة محتوياته، دون أي تدخل من الجهات المختصة.
أحد الأهالي وصف الوضع بالقول: “نُعامل وكأننا غرباء في بيوتنا. لا أحد يردّ على مناشداتنا. لا نعرف من نتوجه إليه. الأمر تم بين ليلة وضحاها، كأننا غير مرئيين بالنسبة للدولة”.
حالة من القهر والاستفزاز
فيما تزداد حالة الغضب في الحي، يقول السكان إنهم يعيشون تحت تهديد دائم، وسط تجاهل تام للمناشدات التي أُطلقت لإيقاف هذه الإجراءات التي اعتُبرت تهجيراً قسرياً بكل المعايير الدولية.
ولم تصدر حتى اللحظة أي بيانات رسمية عن محافظة دمشق أو وزارة الداخلية، ما يعكس سياسة التعتيم الإعلامي والتجاهل المتعمد لمعاناة المدنيين.
احتجاجات في قلب العاصمة
وفي سياق موازٍ، شهدت أسواق دمشق يوم أمس تظاهرة غاضبة نظمها العشرات من التجار احتجاجاً على القانون الجديد الخاص بتسليم محلات “الفروغ”، معتبرين أن القرار يفتح الباب أمام الاستيلاء المنهجي على ممتلكاتهم، ويهدد قوتهم اليومي في ظل أزمة معيشية خانقة.
المتظاهرون اعتبروا القانون امتداداً لسياسات ممنهجة لتجفيف مصادر الدخل لدى الطبقة المتوسطة، محذرين من أن تطبيقه قد يؤدي إلى إغلاق مئات المحال التجارية، وتسريح آلاف العمال، وازدياد نسب الفقر والبطالة.
دعوات لموقف حقوقي واضح
ومع تصاعد التهجير القسري والانتهاكات الممنهجة، يتساءل كثيرون عن دور المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وعن مدى قدرة السوريين على الصمود أمام سياسات الإخلاء القسري والاستحواذ على الممتلكات التي تطبقها سلطة دمشق، والتي بدأت تتحول إلى نمط مألوف في عدة مناطق من العاصمة، تحت ذرائع متعددة أبرزها “الأمن” و”إعادة التنظيم العمراني”.
وحتى الآن، لا تزال العائلات المهددة بالطرد في السومرية تجهل مصيرها، فيما تتراكم حالات الاحتقان الشعبي والرفض المجتمعي داخل الحي وخارجه، في ظل غياب حلول عادلة تحفظ للناس أبسط حقوقهم في السكن والكرامة.
نداء مفتوح
ودعا الأهالي الجهات الحقوقية، وممثلي المجتمع المدني، والبعثات الأممية إلى التدخل العاجل في حي السومرية، ومطالبة سلطات دمشق بتوضيح خلفيات قرارات الإخلاء، وضمان الحق في السكن والحماية من التهجير القسري، وفقاً للقانون الدولي الإنساني.