أزمـ ـة مياه وكهرباء واتصالات تخـ ـنق دمشق وريفها
السلطة الجديدة لم تنفذ وعودها.. الأزمات تتفاقم

تشهد العاصمة دمشق وريفها أزمـ ـة متفـ ـاقمة في خدمات المياه والكهرباء والاتصالات، وسط ارتفاع حاد في الأسعار وتردي الوضع المعيشي لسكان المنطقة.
وتعاني أغلب الأحياء من تقنين شديد في تزويد الكهرباء، إذ لا تتجاوز ساعات التزويد ساعة واحدة مقابل انقطاعات تصل بين 5 إلى 9 ساعات حسب اليوم والمنطقة، فيما يشكو الأهالي من عدم التنسيق بين قطع الكهرباء والمياه، ما يحرمهم من إنجاز أبسط الأعمال المنزلية، خصوصاً ملء خزانات المياه، مما دفع الكثيرين إلى الاعتماد على شراء مياه الصهاريج رغم ارتفاع تكلفتها.
وتُعد موجة الجفاف التي تضرب سوريا في ذروتها خلال أغسطس/آب هذا العام أحد العوامل الرئيسية وراء الأزمة، إذ سجلت كمية الأمطار في نبع الفيجة – المصدر الرئيسي للمياه في دمشق وريفها – أقل من 30% من المعدل السنوي، وهو أدنى مستوى منذ أكثر من ستة عقود. هذا النقص الكبير في الموارد المائية، إلى جانب قلة الوقود اللازم لتشغيل مضخات المياه، وأعطال متكررة في شبكات التوزيع، تسبب في انقطاعات متكررة وصعبة في المياه.
ورغم وعود الحكومة الانتقالية عند توليها السلطة في دمشق بتحسين الأوضاع خلال ثلاثة أشهر، فإن الواقع يختلف كثيراً، حيث لم يلمس السكان أي تحسن، بل تفاقمت الأزمات، وزادت أعباء الحياة اليومية.
ويُعزى هذا الفشل إلى أسباب كثيرة منها عدم وجود الخبرة لدى هذه الحكومة بعد فصل غالبية الموظفين القدامى واعتمادها على موظفين جدد موالين لها، إلى جانب تركيزها على مواضيع أخرى لفرض سلطتها بالقوة الأمنية وإهمال الجانب الخدمي، وانعدام السيولة لديها وتخصيص ما يتوفر لديها لتقديم رواتب العناصر الأمنية اللازمة لحماية نظامها.
ويؤكد العاملون في مؤسسة المياه في دمشق وريفها، أن هناك خطط طوارئ لإعادة تأهيل الآبار وصيانة شبكات المياه، ولكن تنفيذ هذه المشاريع الاستراتيجية طويلة الأمد يتطلب موارد مالية وبشرية ضخمة غير متوافرة في الوقت الراهن وهو ما يجعل إيجاد حل للأزمات بعيداً.
وفي سياق آخر، تعاني الأسواق من شح المواد الأساسية، وتزداد معاناة السكان بفعل استمرار انقطاع طرق رئيسية مثل طريق دمشق – السويداء، الذي يمنع وصول الإمدادات، ويزيد من حالة الاحتقان والقلق وسط السكان.
ومن جهة أخرى، يستمر تقنين الاتصالات مما يزيد من العزلة على السكان ويؤثر على التواصل والاقتصاد المحلي.
وسط هذا الواقع الصعب، بات الكثير من سكان دمشق وريفها يلجأون للمصادر البديلة مثل شراء مياه الصهاريج للمرة الأولى، في مؤشر خطير على تدهور الأوضاع الخدمية التي لطالما اعتُبرت من الأساسيات.
ومع استمرار موجة الجفاف وارتفاع الطلب على الخدمات، لا تزال التحديات قائمة، وتبدو الحاجة ملحة لاتخاذ حلول جذرية ومستدامة تضمن حياة كريمة لسكان العاصمة ومحيطها.