العودة إلى الد.مار بثمن الغربة.. النـ ـازحون يبيعون منازلهم بأبخس الأثمان في إدلب

تشهد مناطق الشمال السوري، ولا سيما في محافظة إدلب والمخيمات المحيطة بها، ركوداً حاداً في سوق العقارات، مع تفـ ـاقم الأزمـ ـة الاقتصادية وعودة العديد من المهـ ـجّرين إلى قراهم المـ ـد.مّرة. هذه العودة، التي يُفترض أن تمثل بارقة أمل بعد سنوات من النـ ـزوح، تحوّلت إلى مـ ـأزق اقتصادي جديد، حيث وجد كثير من النـ ـازحين أنفسهم مضـ ـطرين إلى بيع ممتلكاتهم بأسعار زهيدة، لا تتجاوز في بعض الأحيان ربع قيمتها الحقيقية.

ويُعزى هذا الانهيار في قيمة العقارات إلى ازدياد العرض مقابل تراجع كبير في الطلب، مع اعتماد كثير من العائدين على بيع ممتلكاتهم لتأمين تكاليف إعادة ترميم منازلهم الأصلية، التي تهدمت بفعل سنوات الحرب والقصف. في الوقت نفسه، برزت ظاهرة الاستغلال من قبل بعض التجار والمكاتب العقارية التي تستفيد من حاجة السكان الماسة للسيولة.

وكانت هذه المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السابق قد شهدت في سنوات الحرب نشاطًا عقاريًا ملحوظًا، مدفوعًا بظروف النزوح والبحث عن الأمان بعيداً عن خطوط الجبهات. غير أن انتهاء العمليات العسكرية وسقوط النظام السابق غيّر المعادلة تمامًا، لتتحول حركة البيع والشراء إلى صفقات خاسرة للنازحين الذين يحاولون اليوم طيّ صفحة ست سنوات من الشتات والمعاناة.

شهادات متعددة وثّقها المرصد السوري لحقوق الإنسان، أفادت بأن بعض المنازل، التي كلف بناؤها مبالغ تتراوح بين 10 إلى 20 ألف دولار، بيعت بما لا يزيد عن 2000 إلى 5000 دولار فقط، وسط غياب الرقابة وغياب أي تدخلات تضمن الحد الأدنى من العدالة في التقييم أو التسعير.

ويشمل الركود أيضًا الأراضي الزراعية والبساتين، التي كانت تمثل مصدر دخل أساسي لكثير من العائلات، لكنها اليوم تباع بأسعار متدنية أو تبقى دون مشترين، بسبب ضعف القدرة الشرائية العامة، واستمرار حالة عدم الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.

هذا الواقع يكشف عن أزمة مركبة يعيشها النازحون والعائدون في آن معًا، تتقاطع فيها الأزمات الاجتماعية والاقتصادية مع غياب الأطر التنظيمية والرقابية، ما يُنذر بمزيد من الإفقار والتهميش لفئات واسعة من السكان في شمال سوريا، ما لم تُطرح حلول إسعافية حقيقية لدعم الاستقرار والسكن.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى