سوريا

احتجاجات وتظاهرات في السويداء .. نموذج الإدارة الذاتية هو الحل الأمثل

شهدت محافظة السويداء خلال الأيام الماضية احتجاجات متواصلة ضد سياسات الحكومة السورية التي لا تعير أي اهتمام لهذه المحافظة التي يعيش فيها الدروز وسط مطالبات من الأهالي بتطبيق نموذج الإدارة الذاتية لإدارة مناطقهم بعيداً عن السلطة الأمنية.
وعلى مدى الأيام الماضية شهدت محافظة السويداء احتجاجات سلمية ضد سياسات الحكومة السورية، وتضييقها على المواطنين وعدم تقديمها أي خدمات لهم.
وأغلق المحتجون الطرق الفرعية والرئيسية في المحافظة، منها الطريق الواصل من دمشق إلى السويداء، كما تجمعوا بأعداد كبيرة بينهم رجال دين وسط مدينة السويداء عند ساحة السير، وندد المحتجون بتدهور الأوضاع المعيشية، محمِّلين الحكومة السورية المسؤولية، وسط مطالبات بتطبيق نموذج الإدارة الذاتية.
وأغلقت الدوائر الحكومية في مدينة السويداء، ومنها مجلس مدينة السويداء، ومبنى مالية السويداء، وبعض المراكز القريبة من مناطق الاحتجاجات، أبوابها بعد أن طالب محتجون بذلك خلال احتجاجات يوم الاثنين.
وتعاني المحافظة من ظروف معيشية صعبة وسط إهمال متعمد من الحكومة، فالحكومة قطعت الدعم عن آلاف العائلات في المحافظة، ولم توفر لهم المحروقات، في حين تتفاقم أزمات الخبز والمياه وارتفاع أسعار السلع الغذائية مقابل أجور متدنية تقدمها الحكومة تصل إلى 100 ألف ليرة سورية وهي لا تكفي لتغطية احتياجات عائلة مؤلفة من 4 أفراد لعدة أيام فقط.
ولإيقاف هذه الاحتجاجات قدمت السلطة السورية وعوداً للمحتجين عبر التواصل مع رجال الدين، وكذلك إرسال رسائل على هواتف المواطنين باستلام كمية 50 ليتر من مازوت التدفئة، وتشغيل 5 آبار مياه، لكن المواطنين سرعان ما اكتشفوا كذب الحكومة وتحايلها عليهم من أجل إيقاف الاحتجاجات، فالمواطنين الذين استلموا رسائل المازوت اكتشفوا في الصباح بأن محطات المحروقات مغلقة لعدم توفر المازوت، كما أن الآبار التي تم تشغيلها هي 5 آبار من أصل 25 بئر معطلة توفر المياه للمدينة، علاوة على بقاء أسعار المواد الغذائية مرتفعة وعدم حصول أي جديد فيها.
والمعروف عن السويداء بأنها محافظة حافظت على حياديتها خلال سنوات الأزمة، إذ تم تشكيل وحدات للحماية تتحرك بأوامر من شيوخ العقل في المحافظة (شيوخ الطائفة الدرزية) كما شكلوا وحدات مكافحة الإرهاب بعد أن تعرضت المحافظة لهجوم لتنظيم الدولة الإسلامية في عام 2018 أدى لمقتل ما يزيد عن 200 شخص في المحافظة بعد أن سهلت قوات الحكومة السورية وصولهم إلى المحافظة التي تدير نفسها بشكل يشبه الإدارة الذاتية.
ومع تطور نموذج الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وتوفيرها لاحتياجات المواطنين، تزداد المطالب في السويداء لتطبيق هذا النموذج في هذه المحافظة أيضاً بحكم أن الحكومة السورية لا تقدم لهم الخدمات ولم تستطع حمايتهم من هجمات تنظيم الدولة الإسلامية.
وتمتلك السويداء مقومات الإدارة الذاتية، ففيها قوى سياسية تدعو وتنظم الشعب وتدعو لتشكيل إدارة ذاتية، ومن هذه القوى منظمة السويداء أولاً، حزب اللواء السوري، التجمع الوطني الديمقراطي وهو تجمع للمثقفين، والتيار المواطن، شباب السويداء ينتمون لحزب السلام السوري، وكما يوجد في السويداء منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوقية خارج النطاق الحزبي مثل منظمة حماية البيئة وتعد منظمة ناجحة، وبالإضافة إلى منظمة حقوق الإنسان، وهناك تيارات سياسية عديدة وتنظيمات جميعها ترغب بتطبيق نموذج الإدارة الذاتية في المنطقة.
ولكن ما ينقص هذه الأطراف هو عدم تمكنها حتى الآن من تشكيل ائتلاف يجمعها، وأمام المطالبات الشعبية فأن هذه الأطراف مطالبة بالاجتماع بسرعة وتشكيل ائتلاف يتولى إعلان الإدارة الذاتية في المحافظة وينشأ جهازها الإداري لإدارة المنطقة بعيداً عن ذهنية الحكومة السورية الأمنية التي تريد فرض سطوتها على الجميع دون أن تقدم لهم أي حق من الحقوق المشروعة.
إن الإدارة الذاتية هو النموذج الوحيد القادر على تخليص الشعب السوري من الأزمة التي يعيشها منذ 10 سنوات، فالحكومة السورية أفلست ولا تقدم أي حل للأزمة، وتراهن على الوقت لفرض سيطرتها بدعم روسي وإيراني على البلاد، كما أن المعارضة أفلست عندما أصبحت تابعة لتركيا وقطر وغيرها من الدول وتعمل على تحقيق مصالحهم على حساب مصلحة الشعب السوري وعندما تحولت إلى مجموعات مسلحة مرتزقة تقاتل من أجل تركيا في ليبيا وقره باغ وتركب الدبابات التركية لاحتلال أجزاء من الأراضي السورية التي يعيش فيها الكورد.
وحدها الإدارة الذاتية استطاعت أن تظهر كإدارة عصرية متمدنة متأثرة بتجارب الشعوب الأخرى، واستطاعت أن تدير شؤون المواطنين دون تدخل في شؤونها واخرجت مناطق شمال وشرق سوريا من الفوضى والصراعات الداخلية التي سعت الحكومة السورية وتركيا لنشرها في المنطقة.
وجنبت هذه الإدارة مناطق شمال وشرق سوريا من الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تعيشها باقي المناطق السورية سواء الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية أو جماعات المعارضة المسلحة، كما استطاعت أن تحافظ على الأمن والأمان في مناطقها وأن توفر الخدمات للجميع دون استثناء.

مشاركة المقال عبر