سوريا

الدفاع التركية تدعي «العودة الطوعية» للاجئين السوريين ولكن ما هي الحقيقة؟

أعلنت وزارة الدفاع التركية اليوم، عودة أكثر من مليون سوري إلى بلادهم بشكل طوعي وآمن، بينهم أكثر من 470 ألفاً عادوا إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، ولكن كيف عادت كل تلك العوائل؟ هل كما تدعي تركيا “عودة طوعية” أم أنها “قسرية وعشوائية”…؟!

عدا هذا وذاك العوائل التي تعود جميعها لا تنتمي للمدن التي تسيطر عليها تركيا والفصائل الموالية لها، بل هناك الكثير من العائلات من مختلف محافظات سوريا تم ترحيلهم قسراً من تركيا إلى مناطق سيطرة تركيا في سوريا، وهذا مبتغى تركيا تغيير ديمغرافية المناطق السورية التي تسيطر عليها.

اعتقال وترحيل قسري

وبذات الصدد كشفت العديد من منظمات حقوق الإنسان وفي مقدمتها “هيومن رايتس ووتش” عن عمليات الترحيل القسري التي تقوم بها تركيا، وكانت قد قالت “هيومن رايتس ووتش” في تقريراً لها في 24/10/2022م إن السلطات التركية اعتقلت واحتجزت ورحّلت بشكل تعسفي مئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين إلى سوريا.

قال سوريون مرحّلون لـ هيومن رايتس ووتش إن المسؤولين الأتراك اعتقلوهم من منازلهم وأماكن عملهم وفي الشوارع، واحتجزوهم في ظروف سيئة، وضربوا معظمهم وأساءوا إليهم، وأجبروهم على التوقيع على استمارات العودة الطوعية، واقتادوهم إلى نقاط العبور الحدودية مع شمال سوريا، وأجبروهم على العبور تحت تهديد السلاح.

قالت نادية هاردمان، باحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: “في انتهاك للقانون الدولي، اعتقلت السلطات التركية مئات اللاجئين السوريين، حتى الأطفال غير المصحوبين بذويهم، وأجبرتهم على العودة إلى شمال سوريا. رغم أن تركيا قدمت حماية مؤقتة لـ 3.6 مليون لاجئ سوري، يبدو الآن أن تركيا تحاول جعل شمال سوريا منطقة للتخلص من اللاجئين”.

وكانت قد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات هاتفية أو شخصية داخل تركيا مع 37 رجلا وصبيا سوريا تم تسجيلهم للحماية المؤقتة في تركيا. قابلت هيومن رايتس ووتش أيضا سبعة أقارب للاجئين سوريين ولاجئة رحّلتهم السلطات التركية إلى شمال سوريا خلال هذه الفترة.

أرسلت هيومن رايتس ووتش رسائل تتضمن استفسارات ونتائج إلى “المفوضية الأوروبية” و”المديرية العامة للهجرة والشؤون الداخلية” التابعة للمفوضية الأوروبية وإلى وزارة الداخلية التركية. تلقت هيومن رايتس ووتش ردا من برنارد برونيه، من “المديرية العامة لمفاوضات الجوار والتوسع” في الاتحاد الأوروبي. تم تضمين محتوى هذه الرسالة في القسم الخاص بمراكز الترحيل.

“رحّل المسؤولون الأتراك 37 شخصا ممن قابلناهم إلى شمال سوريا. قال جميعهم إنهم رُحّلوا مع عشرات أو حتى مئات آخرين. قال الجميع إنهم أُجبِروا على التوقيع على استمارات إما في مراكز الترحيل أو على الحدود مع سوريا. قالوا إن المسؤولين لم يسمحوا لهم بقراءة الاستمارات ولم يوضحوا ما ورد فيها، لكن جميعهم قالوا إنهم فهموا أن الاستمارات تؤكد موافقتهم على العودة الطوعية إلى سوريا.

قال البعض إن المسؤولين غطوا بأيديهم جزء الاستمارة المكتوب بالعربية. قال معظمهم إنهم رأوا السلطات في مراكز الترحيل هذه تتعامل مع سوريين آخرين بنفس الطريقة، قال كثيرون إنهم رأوا مسؤولين أتراك يضربون رجالا آخرين رفضوا التوقيع في البداية، لذا شعروا أن ليس لديهم خيار آخر. قال رجلان احتجزا في مركز ترحيل في أضنة إنهما خُيرا بين التوقيع على استمارة والعودة إلى سوريا أو احتجازهما لمدة عام. اختار كلاهما المغادرة لأنهما لم يستطيعا تحمل فكرة قضاء عام في الاحتجاز وكانا بحاجة إلى إعالة عائلاتهما”.

العفو الدولية تُحذّر

ومن جهتها كانت قد حذرت منظمة العفو الدولية من الخطر المحدق باللاجئين السوريين الذين ترحلهم تركيا قسراً إلى مناطق تسيطر عليها في سوريا، ووصفتها “بمناطق النزاع” وفي الـ25/10/2019 قالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها، إن “تركيا ترحّل لاجئين سوريين إلى منطقة النزاع قسراً قبل اكتمال منطقتها الآمنة شمال شرقي سوريا”.

وأشارت المنظمة إلى أن زعم تركيا بأن “اللاجئين يختارون العودة مباشرة إلى منطقة النزاع، أمر خطير وغير نزيه… بل إن الاستطلاعات التي أجريت في المنطقة تظهر أن الناس يتعرضون للخداع والتضليل أو يجبرون على العودة”.

التقرير كشف أيضاً أن تركيا أمضت الأشهر التي سبقت عمليتها العسكرية في شمال شرقي سوريا، في ترحيل اللاجئين قسراً إلى سوريا، وذلك قبل محاولة إقامة “المنطقة الآمنة”.

ممثلو المنظمة وبحسب التقرير، التقوا مع لاجئين قالوا إن الشرطة التركية اعتدت عليهم بالضرب، أو هددتهم بالتوقيع على وثائق تفيد بأنهم كانوا يطلبون العودة إلى سوريا، بينما كانت تركيا في الواقع تجبرهم على العودة إلى منطقة حرب، وتعرض حياتهم للخطر.

ومن دون وجود إحصاءات رسمية، أشارت المنظمة إلى أنه “من الصعب تقدير عدد عمليات الترحيل القسري، ولكن تقديرات منظمة العفو الدولية تشير إلى أنه من المحتمل أن يكون الرقم بالمئات خلال الأشهر القليلة الماضية، في حين تزعم السلطات التركية أن ما مجموعه /315000/ شخص قد غادروا إلى سوريا على أساس طوعي تماماً”.

مشاركة المقال عبر