سوريا

الحكومة السورية تقف ضد الحل السياسي في سوريا من أجل مصالحها وحلفائها

تعاني سوريا منذ أكثر من 10 أعوام من أزمة خانقة تحاصر البلاد من كل نواحي الحياة ومنها الاقتصادية، حيث أن الحكومة السورية لا تقبل أي حل سياسي للتخلص من هذه الأزمة، بل بقيت متمسكة بسياساتها التعسفية، لأن الحل السياسي سيقتضي بتغيير النظام السياسي في سوريا، وهذا ما يجعل الرئيس السوري “بشار الأسد” يقف بوجه كل الحلول السياسية، بل فرط بسوريا وجعل روسيا وإيران الحليفتان للحكومة السورية صاحبتا القرارات في سوريا، حيث تمتلك روسيا قواعد عسكرية برية وجوية وبحرية على شواطئ البحر المتوسط، وامتلكت القرار السوري الخارجي وصارت عرّابة المصالحات وتغلغل جنودها في المدن والقرى السورية، وهذا ما جعل روسيا أيضاً تقف أمام الحل السياسي في سوريا، حيث أن كل حل سيكون ضد مصالحها ويحد من نفوذها وستفقد ورقتها الرابحة في سوريا، ولهذا لا تضغط على حليفتها “الحكومة السورية” للقبول بالحل السياسي وتماطل من أجل الحفاظ على وجودها في سوريا.

روسيا وإيران لاعبان في الساحة السورية

استولت روسيا 180 مليون دولار كانت قد دفعتها السعودية والإمارات لسوريا من أجل مكافحة المخدرات تحت بند الديون، كما بدأت الشركات الروسية بالشروع في تنفيذ العقود والاتفاقات الاستثمارية التي وقعتها مع الحكومة السورية وخاصة في مجال التنقيب عن الغاز والنفط في المياه الإقليمية السورية بالبحر المتوسط.
وادليت تصريحات من قبل روسيا والحكومة السورية عن البدء في التنقيب عن الغاز، وكان أول إعلان رسمي، في 6 من تموز عام 2018، من قبل وزارة الطاقة الروسية التي أوضحت أن شركات “زاروبيج نفط” و”زاروبيج جيولوجيا” و”أس تي غه انجينيرينغ” و”تيخنوبروم أكسبورت” باشرت بتنفيذ أعمال التنقيب الجيولوجي لاستكشاف موارد الطاقة في البر والبحر بسوريا، وهذا ما يعني أن الحكومة السورية باعت موارد سورية الطبيعية بشكل علني لروسيا، وليس هذا فحسب، بل باعتها أيضاً المطارات والفوسفات.

أما إيران فقد استنجدت الحكومة السورية بإيران واستطاعت الأخيرة التغلغل في نسيج المجتمع السوري ونشر التشيع في المدن والقرى، ولأن الحكومة أفرغت الخزينة العامة فقد استنجدت بإيران التي تمدها بالخطوط الائتمانية وتكبلها بالاتفاقيات التي تجعلها سيدة القرار الداخلي في البلاد، وجلبت إيران معها إلى سوريا مجموعاتها التي تقاتل بإشارة من المرشد دون وعي، وتستغل إيران الوضع السوري وتغدق الأموال على الناس لنشر المذهب الشيعي وتبذل جهوداً كبيرة في تغيير ثقافة البلاد، وهي أيضاً تقف مع الحكومة السورية ضد الحل السياسي سيُفقدها كل هذه الميزات لذلك تستمر في دعم الحكومة وأظهرت وثائق أن إيران تحصل على اليورانيوم من الأراضي السورية، التابعة للحكومة السورية لتزويد معاملها النووية لتخصيب اليورنيوم، وفق ما نقل موقع “إيران إنترناشينول” وقال الموقع، إنه “حصل على وثائق سرية تكشف أن طهران تشتري اليورانيوم، من مناجم الفوسفات في سوريا لصنع الكعكة الصفراء”، ووفقا للوثائق السرية، طلبت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية من الحكومة السماح للوكالة، باستيراد 800 ألف طن من الفوسفات من المناجم الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية في سوريا.

نهب المساعدات وزيادة الفقر

وكل هذه الأموال الطائلة تذهب لجيوب فئة من السوريين بينما تزداد نسبة الفقر في سوريا يومياً في الجانب الأخر، حيث ارتفع سعر الدولار مقابل الليرة السورية بشكل جنوني، وذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مؤخراً أن نحو 90% من السوريين يعيشون اليوم تحت خط الفقر، وأكثر من 15 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وأوضح المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط باللجنة فابريزيو كاربوني أن “على المجتمع الدولي أن يواجه الحقيقة الصعبة التي تؤكد أن الوضع في سوريا لا يُحتمل، وأن عدم التحرك سيترك تداعيات خطيرة على جميع المعنيين، وسيعيق أي احتمالات للتوصل إلى تعافٍ مستدام”.

وتنتشر السرقة والخطف من شدة الحاجة والجوع في مناطق الحكومة السورية بكثرة، إلى جانب انتشار الآفات الاجتماعية بالمجتمع هناك بشكل واسع بسبب تفشي البطالة والفقر المدقع والقرارات الحكومة التي تصدر لكسر الشعب لا لمساندته.

انتشار المخدرات

وعلى ذكر المساعدات الإنسانية تقدم دول الخليج مساعدات إنسانية إلى سوريا بوفرة ولكنها أيضاً تسرق من قبل الحكومة السورية ويتم بيعها في السوق السوداء، وعدا هذا تتاجر الحكومة السورية بالمخدرات بشكل علني، وتنتشر المخدرات في مناطق سيطرة الحكومة السورية، حتى ضمن الصفوف المدرسية ومواقع العمل، ويمكن الحصول عليها بكل سهولة حيث الحصول على الحبوب المنشطة أو المخدرات من نوع العدسة وأم هلالين “أسهل بكثير من الحصول على العدس أو ربطة خبز”.

وعن حصول الشباب السوري على المخدرات، كشفت شبكات إعلامية أن الأكشاك في دمشق تبيع الحشيش والكبتاغون، وأن المصدر الرئيس يصل من درعا (فيها معامل) أو من لبنان، ويوزع بدمشق والسويداء، كاشفة أن منطقة جرمانا بريف دمشق الجنوبي “هي المركز” ويباع فيها كيلو الحشيش “كبشة” بنحو 625 ألف ليرة و”مشد الحب” أي 200 حبة كبتاغون بنحو 300 ألف ليرة، ويوجد في سورية عشرات المنشآت لتصنيع المخدرات، ولكن أهمها وأكبرها في منطقة “البصة” بريف اللاذقية غربي سورية، يشرف عليه سامر الأسد، ابن عم رئيس الحكومة السورية، كذلك يأتي معمل “ميديكو” في محافظة حمص، الذي تشرف عليه إيران، كثاني أكبر منشأة، بعدها معمل التضامن التابع للفرقة الرابعة، ومعامل عدة بمنطقة القصير، ويوجد بعض المعامل بمدينة حسياء الصناعية، تنتج حبوب المخدرات لصالح الحكومة السورية، وتتبع لرجال أعمال من مدينة حمص.

وكان مركز تحليل العمليات والبحوث “COAR” قد قدّر بدراسة عام 2020، قيمة صادرات الكبتاغون من سورية، بنحو 3.46 مليارات دولار، موضحاً أن سورية صارت مركزاً عالمياً لإنتاج الكبتاغون، وأنها أصبحت أكثر تصنيعاً وتطوراً تقنياً في تصنيع المخدرات من أي وقت مضى.

أسماء الأسد ومكتبها السري

وكانت قد ذكرت صحيفة “فاينينشال تايمز” الأميركية، في تحقيق مفصّل، أن هناك مجلس تقوده أسماء الأسد من داخل القصر الرئاسي يتولى مهمة الهيمنة والتحكم باقتصاد سوريا، لإثراء عائلة الأسد وتمكين نفوذها إلى جانب تأمين التمويل لعمليات الحكومة السورية. ووفق شهادات أجرتها الصحيفة مع 18 شخصية على دراية بآليات عمل الحكومة السورية، بينهم رجال أعمال ومديرو شركات وموظفون في منظمات إغاثية ومسؤولون سابقون في مؤسسات الحكومة، فإن أسماء الأسد عملت على مدار سنوات طويلة لبناء شبكة محسوبيات واسعة بالاعتماد على المنظمات الخيرية وغير الحكومية التابعة لها، مثل “الأمانة السورية للتنمية”، بينما تحكمت هي شخصياً بتدفق أموال المساعدات الدولية إلى سوريا.

وبالإضافة إلى ذلك، عملت أسماء الأسد على الإطاحة بجميع رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال ممن لا يدينون بالولاء لزوجها، وفككت، بالتعاون مع زوجها وشقيقه ماهر، طبقة التجار التقليدية في سوريا، وابتكرت أساليب جديدة تسمح باستثمار الحرب اقتصادياً لتكوين ثروة شخصية، وبات اسمها رمزاً يشير النظام الاقتصادي الجديد.
وترتكز قوة أسماء الأسد بشكل أساسي على “الأمانة السورية للتنمية”، التي أسستها عام 2007، واستغلت تجربتها في إدارة المنظمات غير الحكومية قبل الحرب، لإنشاء نظام فاسد يهيمن على المساعدات الإنسانية المتدفقة إلى البلاد بعد عام 2011.

ولأن شبكة أسماء الأسد تشغل جوهر هذا النظام المهيمن على المساعدات الإنسانية، لم يكن بإمكان أي منظمة غير حكومية العمل داخل سوريا من دون أن تنسق معها، بل إن أسماء الأسد كانت تجري المفاوضات داخل مكتبها في القصر الرئاسي مع المنظمات الدولية بشأن عقود عملهم في البلاد.

وقيّد النظام الذي فرضته أسماء الأسد وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة، وحوّلتها نحو المجتمعات الموالية للحكومة السورية، وأصرّت على توظيف أقرباء المسؤولين في المنظمات الإنسانية، الأمر الذي ساعدها في استهداف منافسيها في مجال العمل الإنساني لضمان سيطرتها على أموال المساعدات، في حين حققت الشركات المرتبطة بـ”الأمانة السورية للتنمية” أرباحاً طائلة على مدار سنوات، بعد حصولها على مناقصات لمشاريع طرحتها الأمم المتحدة.

على الرغم من كل هذه الأحداث المفجعة التي تمر بها سوريا لا تكترث الحكومة السورية بالأزمة الاقتصادية الطاحنة في البلاد ولا تقبل بالحوار مع الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا، حيث تعتبر هذه المناطق السلة الغذائية لسوريا ومصدر أساسي للنفط، حيث أن الإدارة الذاتية تدعو إلى الحوار وطرحت حلولا سياسية للوقوف في وجه الازمة الاقتصادية في البلاد إلا أن الحكومة ترفض وبشكل قاطع الحوار، مما سيزيد من المشاكل الاقتصادية وستتدهور الأوضاع في سوريا أكثر مما هي عليها الآن.

مشاركة المقال عبر