بعد المحروقات… سـ ـرقة في وزارة الاقتصاد تكشف عمق فسـ ـاد سلـ ـطة دمشق
الثروات العامة تحولت إلى مصدر إثراء غير مشروع لقلة من المتنفذين

في الوقت الذي يعـ ـاني فيه السوريون من أزمـ ـات معيشية خـ ـانـ ـقة، وانهـ ـيار مستمر في قيمة الليرة، تتكـ ـشف فضـ ـائح جديدة داخل مؤسسات سلـ ـطة دمشق، تكشف عن شبـ ـكات فسـ ـاد متـ ـشـ ـعبة تسـ ـتنزف ما تبقى من موارد البلاد، رغم أن هذه السلـ ـطة لم يمـ ـضي عليها سوى ثمانية أشهر فقط.
صفقات قمح مشبوهة
وفي السياق، نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مصدر في المؤسسة العامة للحبوب، أن عمليات استيراد القمح ما تزال تجري بطرق مشبوهة، رغم محاولات وزير الاقتصاد التدقيق في الصفقات.
وأوضح المصدر أن التاجر المعروف (هـ. خ)، وبالتنسيق مع أعوانه، يتولى توريد شحنات قمح رديئة الجودة وبأسعار مضخمة عبر أسماء مستعارة، ما كلف خزينة الدولة ملايين الدولارات. والأخطر – بحسب المصدر – أن هذه العمليات تتم بإشراف مباشر من نائب وزير الاقتصاد، ما يعكس وجود حماية رسمية تجعل من وقف هذا النزيف المالي أمراً بالغ الصعوبة.
النفط المسروق: حلقة أخرى من الفساد
ولم تكن فضائح القمح الأولى من نوعها؛ فقد سبق للمرصد أن كشف عن استيلاء جهات نافذة مرتبطة بسلطة دمشق على نحو 1500 برميل نفط خام يومياً في شمال محافظة حلب، دون إدراج هذه الكميات في السجلات الرسمية.
ووفق المعلومات، يتم نقل النفط بواسطة صهاريج خاصة إلى منطقة ترحين حيث تُعالج الكميات بطرق بدائية لإنتاج مادتي البنزين والمازوت، قبل طرحها في الأسواق بشكل غير قانوني.
هذه العمليات – بحسب المرصد – تجري تحت إشراف مباشر من أحد معاوني وزير الطاقة، إضافة إلى شيخ يُدعى (ن. ر)، بما يتيح جني أرباح يومية تقدر بعشرات آلاف الدولارات لصالح المتنفذين، بعيداً عن أي رقابة أو محاسبة.
اقتصاد ينهشه الفساد
وتكشف هذه الوقائع عن منظومة فساد مزدوجة تضرب قطاعي الطاقة والاقتصاد معاً، وتؤدي إلى استنزاف موارد الدولة المالية عبر صفقات قمح غير شفافة. وتهريب النفط الخام وتحويله إلى سوق سوداء تتحكم بها مجموعات محدودة مرتبطة بهيئة تحرير الشام. وزيادة هشاشة الاقتصاد المحلي، وحرمان الخزينة العامة من إيرادات أساسية.
انعكاسات على المواطن
المحصلة النهائية لهذه السرقات لا تقتصر على الخسائر المالية، بل تنعكس مباشرة على حياة السوريين. فاستيراد القمح الرديء يؤثر على جودة الخبز، بينما تهريب النفط وتكريره بطرق بدائية يؤدي إلى ارتفاع أسعار المحروقات وتفاقم التلوث البيئي.
وفي ظل غياب أي مساءلة حقيقية، يبدو أن الفساد بات السمة الأبرز لإدارة الموارد في سوريا، حيث تتحول الثروات العامة إلى مصدر إثراء غير مشروع لقلة من المتنفذين، بينما يبقى المواطن العادي هو الخاسر الأكبر.