طبخة جديدة.. ضـ ـباط أتراك يجتمعون مع ضـ ـباط نظـ ـام الأسد في بيروت.. ما هو دور روسيا؟

كشفت مصادر أمـ ـنية رفيعة من دمشق أن اجتماعاً سـ ـرياً عُقد في العاصمة اللبنانية بيروت خلال الأيام الأخيرة من الشهر الفائت، بين عدد من ضبـ ـاط الاستـ ـخبـ ـارات التركية (MİT) وضبـ ـاط سابقين في جيـ ـش النـ ـظام السوري البـ ـائد، بحضور اللـ ـواء كمال حسن، رئيس شعبة الاستـ ـخبـ ـارات العسـ ـكرية في زمـ ـن بشـ ـار الأسد.
وبحسب المصادر، فقد وصل الوفد التركي برئاسة مسؤولين من جهاز الاستخبارات (MİT) قادمين من أنقرة، وبرفقتهم اللواء كمال حسن، الذي لعب دور الوسيط بين الجانبين. وقد التقى هؤلاء بضباط سوريين في نظام الأسد فرّوا إلى لبنان عقب انهيار النظام، وكانوا يتولون قيادة مفاصل أمنية حساسة في أجهزة الاستخبارات الجوية والعسكرية وأمن الدولة في عهد الأسد الابن.
تفاصيل الاجتماع
وشهد الاجتماع، وفقاً للمصادر، تقييماً شاملاً لأوضاع ضباط النظام السابق والفارين من البلاد بعد سقوط الأسد، حيث قام ضباط المخابرات التركية بتسجيل أسمائهم، ووضع إشارات حمراء إلى جانب أسماء المتورطين في جرائم قتل وانتهاكات بحق المدنيين خلال الحرب السورية. كما تم توجيه اتهامات مباشرة لعدد منهم بالمشاركة في عمليات تصفية ميدانية.
ورغم ذلك، وعد ممثلو الاستخبارات التركية هؤلاء الضباط بأن أسماءهم ستُشطب من قوائم المطلوبين لسلطة دمشق الجديدة، في خطوة اعتُبرت تمهيداً لإعادة دمجهم في بنية سلطة دمشق الجديدة التي تعتبر تابعة لأنقرة، شريطة التزامهم بالتوجيهات التركية.
أما الضباط غير المتورطين في الجرائم، فقد طُلب منهم البقاء في لبنان وعدم مغادرته، بانتظار نقلهم إمّا إلى تركيا أو إلى قاعدة حميميم الروسية على الساحل السوري، وفق ما قد يتفق عليه الجانبان التركي والروسي لاحقاً.
وطلبت الاستخبارات التركية من المجتمعين إنشاء قناة اتصال مباشرة مع اللواء كمال حسن لتلقي التعليمات وتبادل المعلومات، كما شددت على إبقاء عائلاتهم في لبنان مؤقتاً، على أن يتم نقلهم لاحقاً إلى مواقع جديدة بعد اكتمال عملية “إعادة التنظيم”.
تحذيرات وتوجيهات استخباراتية
وخلال الاجتماع، وجّهت الاستخبارات التركية تحذيرات واضحة لضباط النظام السابق من أي تواصل مع مناطق شمال وشرق سوريا أو السويداء، أو إقامة علاقات مع أي أطراف لا توافق عليها أنقرة. كما تم تحذيرهم بشكل صريح من التواصل مع إيران أو حزب الله في لبنان.
كما أبلغت الاستخبارات التركية الضباط الفارين بأنه سيتم تخصيص رواتب رمزية لهم “لضمان العلاقة الرسمية”، رغم امتلاكهم وضعاً مالياً جيداً، مؤكدة أن الجانب الروسي سيتولى إدارة هذا الملف المالي والإداري.
أبعاد الخطة التركية – الروسية
وتؤكد المعلومات أن هذا الاجتماع يندرج ضمن خطة مشتركة بين تركيا وروسيا لإعادة هندسة النفوذ العسكري والأمني في سوريا، عبر استخدام الضباط المنشقين السابقين كأداة للتغلغل داخل مؤسسات الدولة الجديدة في دمشق، وإعادة تشكيل أجهزة الأمن بما يتماشى مع المصالح المشتركة لأنقرة وموسكو.
ويرى مراقبون أن أنقرة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى تحييد الضباط السابقين عن أي تقارب محتمل مع قوات سوريا الديمقراطية أو قوى السويداء، بينما تهدف موسكو إلى تأمين نفوذها في الساحل السوري عبر هؤلاء الضباط الذين سيتم نقلهم إلى محيط قاعدة حميميم.
دور إسرائيلي غير معلن
وتشير التحليلات الاستخباراتية إلى احتمال وجود تنسيق غير مباشر بين موسكو وتل أبيب، يهدف إلى منع إقامة علاقات بين هؤلاء الضباط وإيران، ومنع حزب الله من توظيفهم لخدمة مصالحه الأمنية والعسكرية.
وبذلك، يمكن القول إن هذا الاجتماع في بيروت يمثل بداية مرحلة جديدة من إعادة الاصطفاف الأمني في سوريا، يجري فيها تقاسم الأدوار بين موسكو وأنقرة، وسط غياب تام لأي تمثيل سوري فعلي أو إرادة وطنية مستقلة.