سوريا

تحت مُسمّى «التشاركية»… الحكومة السورية قد تمنح إدارة مطار دمشق لإيران بنسبة 49 %

مع استمرار التدهور الاقتصادي التام في مناطق الحكومة السورية وتهاوي قيمة الليرة ووصولها إلى مستويات قياسية في ظل الرواتب المتدنية التي تساوي أقل من 15 دولار، ورغم أن الحكومة السورية قامت بطرح المرافق والشركات والمرافىء والثروات “تحت الأرض” للاستثمار الخارجي والبيع والتأجير لحلفائه روسيا وإيران، ليؤمن ما يضمن له الاستمرار، بعد الفشل بتأمين موارد للخزينة العامة، إلا أنه ورغم ذلك يعاني من اقتصاد هش.

ومع تعمق العجز الحكومي في مواجهة الانهيار الاقتصادي ونقص السيولة المالية، طرحت الحكومة السورية قبل شهرين إمكانية منح حصة من إدارة مطار دمشق الدولي للقطاع الخاص بنسبة 49%.

وكشفت مصادر إعلامية تابعة للحكومة السورية عن التفاصيل الأولية لمشروع عقد تشاركية في مطار دمشق الدولي، مع شركة خاصة «مجهولة» ستشارك في عمليات استثمار وإدارة وتشغيل المطار بنسبة 49% وفق تقديراتها.

وقدّرت أن الشركة الخاصة ستشارك بإدارة المطار بعملياته الجوية والأرضية بحيث تتوزع الحصص بين 51% لمؤسسة الطيران العربية السورية و49% للمستثمر الشريك المجهول،  بررت ذلك بسبب الظروف الخانقة التي يتعرض لها قطاع الطيران المدني في سوريا.

ولفتت إلى أن الشريك الخاص (شركة لم يفصح عنها) ستتحمل المسؤوليات التي يتيحها القطاع للعمل في الطيران المدني من تنفيذ جميع الأعمال والخدمات المتعلقة بالنقل الجوي للركاب والبضائع وامتلاك وشراء وإيجار واستثمار الطائرات، وتنظيم الرحلات الجوية وخدماتها والخدمات الأرضية.

وبحسب مراقبين فأن الحكومة السورية وتحت مسمى «التشاركية» قد تمنح نصف إدارة المطار لإيران، لا سيّما مع ذكره في البيان بأن العرض للمشاركة مع الدول الصديقة، إذ يمكن اعتبار الصفقة تخلياً ولأمد طويل عن المطار، كما كان التخلي عن مرفأ طرطوس لروسيا واللاذقية لإيران.

ويرى المراقبون إن المسؤولين الإيرانيين أعلنوا أكثر من مرة الاستعداد لتأهيل وتحديث المطارات السورية. حيث ناقشت اللجنة الاقتصادية السورية ـ الإيرانية، في اجتماعاتها الأخيرة في دمشق، زيادة الرحلات الجوية لنقل المسافرين والأمتعة، بالإضافة إلى توفير البنى التحتية اللازمة واختيار شركات الطيران لتشغيل الرحلات. وتم الاتفاق على المعايير ومراكز التدريب والصيانة والخدمات بقطاع الطيران.

ويتعرض مطار دمشق الدولي لقصف إسرائيلي متكرر، كما خرج من الخدمة لمدة أسبوعين في يونيو (حزيران) 2022 ولمدة عدة أيام في يناير (كانون الثاني) 2023.

الأرض مقابل الديون

وكانت الحكومة السورية قد أصدرت القانون رقم 5 لعام 2016 الخاص بالتشاركية بين القطاعين العام والخاص، لإنشاء وصيانة وتأهيل وتشغيل البنى التحتية والمشاريع المملوكة من قبل الدولة.

وفي يوليو عام 2017 كانت وزارة النقل في الحكومة السورية قد عرضت على إيران التعاون في مجالات النقل، وخاصة بناء مطار جديد لدمشق ومرفأ في اللاذقية.

وقال وزير النقل في الحكومة، علي حمود، حينها خلال لقائه سفير إيران في دمشق، جواد تركابادي إن “مشاريع مطروحة بين البلدين والأولوية أن يكون لإيران حصة كبيرة فيها، خاصة أن الحكومة وافقت على دراسة إنشاء مطار ومرفأ جديد”.

ولعلَّ زيارة الرئيس الإيراني إلى سوريا في مايو الماضي والتي تعتبر أول زيارة لرئيس إيراني منذ اندلاع الحرب في عام 2011، حمل معه «عنوان الأرض مقابل الديون» مجدداً، حيث تم توقيع 15 وثيقة بين طهران ودمشق، في مؤشر واضح لترسيخ الهيمنة الإيرانية على الجغرافيا السورية.

تمثّل الاتفاقيات التي فرضتها إيران على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ركيزة أساسية من ركائز الاستحواذ على الاقتصاد السوري، في محاولة منها لقطف ثمار دعم الأسد واستيفاء ديونها، بعد أن قدّمت الدعم الاقتصادي والعسكري لحليفتها سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات السورية، وخاصة بعد الانهيار الحاد الذي عاناه الاقتصاد السوري.

ومع انخفاض وتيرة العمليات العسكرية في سوريا، بدأت إيران تدرك أن حربها في سوريا طويلة الأمد، فراحت تتغلغل ثقافياً واجتماعياً، إضافة إلى تدخلاتها بقطاع الاقتصاد والقطاعات السيادية الحسّاسة، وعلى رأسها الثروات الباطنية التي تعتمد عليها كلياً في تمويل الجانب العسكري والثقافي والسكني في محاولة لشرعنة وجودها، ما يعني انتقالها إلى مرحلة التمكين والاستعمار بعد رسوخ سياساتها التمددية والدينية.

ومع توقيع الحكومة السورية اتفاقيات في مختلف المجالات الاقتصادية مع إيران، يرى مراقبون أن هذه الاتفاقيات تمنح النظام الإيراني سيطرة كاملة على قطاعات الإنتاج والبناء في سوريا.

مشاركة المقال عبر