سهل الغاب بين الجفاف والمجـ ـاعة… مزارعون على حـ ـافة الخسارة

يواجه مزارعو سهل الغاب في سورية اليوم واقـ ـعاً صـ ـعباً، إذ باتت أراضيهم الخصبة مهـ ـددة بالجفاف بعد جفاف السواقي وتراجع مياه الري بسبب انخفاض منسوب نهر العاصي، ما يهـ ـدد محاصيلهم باليباس ويضع لقمة عيش عشرات العائلات في خـ ـطر.
ولطالما لعب السهل دوراً محورياً في تأمين القمح والشمندر السكري والخضروات للأسواق المحلية، لكنه في السنوات الأخيرة أصبح عرضة لأزمات مائية متكررة نتيجة التغيرات المناخية وضعف صيانة شبكات الري، ما دفع المزارعين إلى المطالبة باستجرار المياه من سد الرستن كحل إسعافي لإنقاذ الموسم الزراعي.
محمد الأطرش، مزارع خمسيني من ريف حماة الغربي، وصف حال حقله للعربي الجديد بالقول: “لا زرع ولا حصاد”، مشيراً إلى أن البطاطا والشمندر مهددان باليباس وأن جهود أشهر من الحراثة قد تضيع هباءً إذا لم تتوفر المياه. وأضاف أن استمرار أزمة الري لا يعني فقط خسارة الموسم الحالي، بل تهدد استقرار العائلات التي تعتمد على هذه المحاصيل كمصدر دخل أساسي.
كما أشار المزارع مجاهد العبد الله من قرية التمانعة إلى أن تراجع منسوب نهر العاصي جعل الاعتماد على قنوات الري شبه مستحيل، مؤكداً أن القرى الواقعة على ضفتي النهر تعاني عطشاً مضاعفاً للزراعة والاستخدام المنزلي. وقال: “العاصي الذي كان رمز الحياة في الغاب، تحوّل اليوم إلى مجرى شبه فارغ”.
من جانبه، حذر المهندس الزراعي سامر خليل من أن استمرار أزمة الري قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية واسعة، إذ يُعد سهل الغاب من أهم المناطق الزراعية التي تورد كميات كبيرة من الحبوب والخضروات للأسواق المحلية، وأي تراجع في إنتاجه سينعكس مباشرة على أسعار المواد الغذائية والأعباء المعيشية على السكان. واعتبر أن استجرار المياه من سد الرستن هو الحل الأكثر واقعية لإنقاذ الموسم قبل أن تتحول الأراضي الخصبة إلى مساحات بور غير صالحة للزراعة لسنوات.
سهل الغاب بين الوفرة والخطر
سهل الغاب منطقة خصبة تمتد بين جبال اللاذقية غرباً وجبال الزاوية وشحشبو شرقاً، ويبلغ طوله نحو 80 كيلومتراً وعرضه بين 13 و15 كيلومتراً، مع مساحة زراعية تقدر بحوالي 87,162 هكتاراً من أصل 241 ألف هكتار. يمر وسط السهل نهر العاصي وتتفرع فيه شبكات ري شاملة، ما جعله أحد أهم السلال الغذائية لسوريا.
لكن اليوم، ومع تراجع كميات المياه للري، يواجه هذا السهل الخصب خطر العطش، ما دفع المزارعين إلى دق ناقوس الخطر ومناشدة الجهات المعنية التدخل سريعاً لإنقاذ محاصيلهم.