آراء وتحليلات الرئيسية

سوريا المكـ ـبلة بالديون رهيـ ـنة عقود بيع وتأجير الوطن إلى روسـ ـيا وإيـ ـران

سليمان العلي

بينما ينظر السوريون الذين أنهـ ـكتهم الحـ ـرب بعين الرضى والقليل من الأمل من التطورات المـ ـيدانية في البلاد لجهة تراجع مناطق سيـ ـطرة المعـ ـارضة على حساب سيطـ ـرة القـ ـوات الحكـ ـومة، وهدوء نسبي في نقاط التمـ ـاس مع فصـ ـائل المعـ ـارضة، ويأملون بانعكاس هذه الأوضاع بطريقة ما على الأوضاع الاقتصادية المنـ ـهارة، وفتـ ـح الأبواب أمام مرحلة إعادة الإعمار وإنعاش قطاعات التنمية بما قد يساهم في تخفيف معـ ـاناة الناس جراء ارتفاع الأسعار وتدهـ ـور قيمة الليرة السورية. إلا أن الآمال ما تلبث أن تصـ ـطدم بواقـ ـع مرير جداً، ولا يكاد السوريون يرون أمامهم سوى وطن مؤجر ومباع لقـ ـوى خـ ـارجية.

فالبلد مثقلة بديون الأصدقاء، أصدقاء الحكومة لا أصدقاء الشعب. والأصدقاء يطالبون بديونهم، والحكومة لا تملك ما تسدد به ديونها سوى بيع وتأجير مقدرات البلاد. والأصدقاء هنا هم كل من روسيا وإيران اللتان دافعتا عن السلطة في دمشق ومنعتها من الانهيار التام. والآن باتت أعين روسيا وإيران تتجه إلى أغلب القطاعات الحيوية السيادية في سوريا، لاسيما النفط والغاز والفوسفات والبوتاس والمطارات إضافة إلى الموانئ.

فالحكومة من جانبه تبحث عن مخارج تحول أو تحد التدهور الاقتصادي في سوريا، بعد اعتمدت على مدى عقد من زمن الحرب على الدعم المالي الروسي والإيران. إلا أن إيران لم تعد كما كانت الداعم المالي والعسكري للحكومة، فقد أنهكتها العقوبات الأمريكية، أما الحليف الثاني روسيا فهو أصلاً لا  يستطيع تقديم المساعدة إلا بمقابل، فالحليفان اللذان ساندا الحكومة السورية على مدى السنوات السابقة، يبحثان الآن عن المقابل، قبل الوصول إلى حل ينهي الأزمة السورية. وعليه تحاول كل من إيران وروسيا تثبت أقدامها في سوريا، ما بعد فترة الأزمة، وبناء عليه استأجرت روسيا ميناء طرطوس لنصف قرن قابل للتجديد، وإيران تمركزت في ميناء اللاذقية.

فمنذ عام  2018 دخل عقد استثمار مرفأ طرطوس الموقع مع شركة “ستروي ترانس غاز” (CTG) الروسية الخاصة، حيز التنفيذ، بمدة زمنية تصل إلى 49 عاماً. الأمر الذي يعتبر بمثابة عقد “احتلال” أكثر منه استثماراً أو تأجيراً. ويجري الحديث أيضاً عن تأجير مطار دمشق الدولي لإيران أو لروسيا تحت اسم خصخصة المطار.

وأنشأت موسكو منذ تدخلها في سوريا شركات صناعية إضافة إلى بناء قواعد ومطارات عسكرية خاصةً بها، مقابل الدعم العسكري الذي تقدمه لنظام بشار الأسد.

أما إيران فقد تغلغلت في استثمارات تتعلق بقطاع الكهرباء. وعملت إيران على بناء شركات لتوليد الكهرباء في اللاذقية، حيث حصلت على موفقة الحكومة للبدء في بناء شركة الكهرباء، بقيمة 400 مليون يورو بالقرب من سد 16 تشرين. بالإضافة إلى الحصول على حقوق استثمار ميناء اللاذقية، بعد أن قامت ببناء قاعدة عسكرية هناك. كما سبق لإيران أن حصلت على عقود طويلة الأمد في استثمار مناجم الفوسفات والبوتاس، في مسعى إلى استرداد ديونها التي تتجاوز الـ 60 مليار دولار بحسب تقديرات غير دقيقة.

إذا أضفنا إلى كل هذا، الصراع الروسي الإيراني على تقاسم الكعكة السورية والحصول على امتيازات واستثمارات في مجال إعادة الإعمار، يبدو أن البلاد ستبقى رهينة الديون ومكبلة بعقود البيع والإيجار لمدة نصف قرن على الأقل. مما يجعل آمال الشعب في تعافي البلاد أمراً بعيد المنال. ويبقى أن الشعب السوري المغلوب على أمره يعلم من باع الوطن ويعلم من دفع الثمن.

 

مشاركة المقال عبر