آراء وتحليلات الرئيسية

العودة الآمنة إلى عفرين استجرار إلى مصيدة الابتزاز والاختطاف والأتاوات

بالتزامن مع الذكرى السنوية السادسة لما يسمى عملية “غصن الزيتون” وسيطرة القوات التركية والفصائل السورية الموالية لتركيا على منطقة عفرين في ريف حلب. تتوارد تقارير حقوقية أممية ومحلية حول استمرار الانتهاكات بحق أهالي عفرين، إضافة إلى استمرار أزمة النزوح بالنسبة لمئات الآلاف من السكان ممن اضطروا للفرار من بطش القوات التركية والفصائل الموالية لها، بحسب التقارير الحقوقية.

ورغم العديد من التقارير والمؤشرات والأحداث اليومية التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المناطق التي تسيطر عليها القوات التركية وبشكل خاص منطقة عفرين ليست منطقة آمنة لعودة مئات الآلاف من النازحين ممن يعيشون منذ 6 سنوات في المخيمات، إلا أن السلطات التركية وعبر أذرعها العسكرية والمدنية لا تتوانى عن دعوة الناس للعودة، في محاولة لتبييض صورتها وصورة الكيانات المدنية التي شكلتها لإدارة المنطقة.

حيث تشير تقارير إعلامية وكذلك يتحدث نشطاء محليين عن أن المخابرات التركية تدير شبكة من عناصر ما يسمى بالشرطة العسكرية بالإضافة إلى كورد موالين للمجلس الوطني الكردي، مهمتهم التواصل مع أهالي عفرين النازحين قسراً من منازلهم ممن يعيشون منذ سنوات في المخيمات أو في قرى ريف حلب الشمالي، وكذلك ممن يعيشون في مدينة حلب أو مدن الجزيرة. ويدعونهم للعودة إلى عفرين، والعمل على “تعديل أو تصحيح أوضاعهم” لدى السلطات التركية والفصائل الموالية لها.

وبحسب النشطاء فإن أولئك الأشخاص يقطعون الوعود للأهالي بعدم الاعتراض لهم، وسيتم منحهم وثائق تسمح لهم بالعبور إلى المنطقة دون اعتراض من أحد.

في المقابل يؤكد بعض الأهالي ممن تم التوصل معهم من قبل أفراد هذه الشبكة، أن عناصر الشبكة يطلبون من الأهالي مبالغ مالية كبيرة مقابل ما يسمى بـ “تعديل الوضع” فيما يشبه الأتاوات ومبالغ الفدية التي تفرضها الفصائل على الأهالي المقيمين في عفرين بشكل متكرر.

يدعي عناصر الشبكة أن الوضع سيكون آمنا بالنسبة للعائدين إلى منازلهم. إلا أن “الماء تكذب الغطاس” كما يقول المثل الشعبي. لأن الأهالي الكورد الذين لم يخرجوا من منازلهم أصلاً، ولا يحتاجون إلى تعديل الأوضاع، لا زالوا يعانون الويلات بشكل يومي على يد عناصر وقيادات الفصائل، حيث يتعرضون بشكل يومي للابتزاز في أرزاقهم وفي مواسم جني الزتيون، كما يتعرضون الاختطاف والحجز والسجن لأسباب وذرائع واهية، وتفرض عليهم أتاوات ومبالغ فدية كبيرة مقابل الإفراج عنهم.

ويكفي أن دماء الطفل أحمد معمو الذي قتل بوحشية قبل على يد مستوطنين مقربين من الفصائل العسكرية، ورميت جثته في بئر، لم تجف بعد، دون محاسبة الفاعلين. ولا ننسى أن يوم غد الـ 20 من شهر آذار يصادف سنوية مقتل 5 أشخاص بينهم 4 من عائلة بيشمرك في جنديرس نفسها على يد مسلحين من فصيل أحرار الشرقية الموالي لتركيا، فيما لم يتم حتى الآن محاسبة الفاعلين.

في نهاية شهر شباط الفائت حملت منظمة هيومن رايتس ووتش  السلطات التركية وما أسمته بالجماعات المحلية التي تدعمها مسؤولية ارتكاب جرائم حرب.

في ظل كل هذه المعطيات فإن ما يتم الترويج له حول عودة أهالي عفرين النازحين إلى منازلهم، يكاد يكون بمثابة الاستجرار إلى مصيدة. مصيدة المزيد من الابتزاز ونهب وسلب الأموال، والمزيد من الخطف وطلب الفدية وفرض الأتاوات.

مشاركة المقال عبر