آراء وتحليلات الرئيسية

استغلال السوريين المجنسين في الانتخابات التركية ستشعل موجة جديدة من العداء ضد اللاجئين السوريين

صالح عبد القادر

مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية في تركيا والمزمع إجراؤها نهاية شهر آذار الجاري، تعود قضية اللاجئين السوريين في تركيا إلى الواجهة. ومع تصاعد حدة الخلاف والمنافسة بين أحزاب السلطة والمعارضة من المتوقع أن يزداد منسوب العداء العنصري ضد اللاجئين السوريين خاصة مع استماتة الحزب الحاكم في جر السوريين المجنسين إلى الصراع الانتخابي لصالحه.

تركيا التي حولت الأراضي السورية إلى ساحة حرب واقتتال من خلال دعمها المباشر لمجموعات مسلحة متطرفة، وساهمت في تدمير سوريا، لم تتوانى أيضاً في استثمار واستغلال تداعيات هذا الاقتتال والدمار سواء لصالح مشاريعها التوسعية أو لصالح تحقيق أهدافها الطويلة الأمد المتمثلة بتغيير التركيبة السكانية في المناطق التي تسيطر عليها والتي تستهدف المناطق الكوردية بشكل خاص، أو لصالح سياسات داخلية.

وليس بخاف على أحد كيف فتحت تركيا حدودها أمام اللاجئين الفارين من هول الحرب والاقتتال الداخلي وأنشأت عشرات المخيمات داخل الأراضي التركية، وتمكنت من خلال ورقة إيواء اللاجئين من استجرار مليارات الدولارات لصالح الخزينة التركية. كما استخدمت ورقة للاجئين بشكل مستفز ضد أوروبا والدول الغربية للحصول على مكاسب دبلوماسية وسياسية.

وخلال سنوات اللجوء عملت السلطات التركية على تجنيس أكثر من ربع مليون سوري. أصحبوا فيما بعد سلعة انتخابية تتجه إليها أنظار الحزب الحاكم بشكل خاص، الأمر الذي أثار بطبيعة الحال نقمة وغضب أحزاب المعارضة التي أطلقت توجهات معادية للاجئين السوريين، خاصة بعد أن كانوا ورقة انتخابية مهمة في الانتخابات الرئاسية أواسط شهر أيار من العام المنصرم. الأمر الذي أدى إلى تصاعد حدة العداء العنصري ضد السوريين تمثلت في حالات اعتداء وقتل وإحراق منازل ومحال تجارية، بالإضافة إلى ضغط سياسي على الحكومة التي اضطرت إلى تسيير حملات موسعة للتهجير القسري للاجئين السوريين.

وبحسب بيانات وزارة الداخلية، بلغ عدد السوريين المجنسين الذين تجاوزت أعمارهم 18 عاماً، 156 ألفاً و987 شخصاً. وهؤلاء جميعاً يحق لهم التصويت في الانتخابات المحلية التي تشهد منافسة شرسة في اسطنبول وأنقرة.

وحتى أواخر عام 2023 الماضي، بلغ إجمالي عدد المجنسين السوريين في تركيا خلال السنوات الأخيرة التي تلت الحرب السورية، 238 ألف و55 لاجئاً.

ومع اقتراب موعد الانتخابات المحلية بدأت سلطات الحزب الحاكم في تركيا بالتحرك مرة أخرى اتجاه اللاجئين السوريين المجنسين حتى خارج حدود تركيا. حيث أفادت المعلومات أن والي محافظة أورفة التركية زار بتاريخ 18 آذار الجاري مدينة رأس العين في ريف محافظة الحسكة التي تسيطر عليها القوات التركية والفصائل الموالية لها، واجتمع مع قادة الفصائل المسلحة وكذلك مع المجالس المحلية في المدينة، وطلب منهم العمل على إشراك كل من يحمل الهوية التركية في الانتخابات المحلية لصالح الحزب الحاكم. بالتوازي مع طرح جملة من الإغراءات المادية في ظل حالة الفقر التي يعيشها سكان تلك المناطق.

سيحاول حزب العدالة والتنمية تحقيق مكاسب انتخابية عبر جر السوريين المجنسين للتصويت لصالحه، لكن ذلك من شأنه أيضاً تسعير وتصعيد حالة العداء اتجاه اللاجئين السوريين بشكل عام سواء المجنسين أو غير المجنسين، وستشهد تركيا موجة أخرى من الاعتداءات ضد السوريين.

مشاركة المقال عبر