حقائق تكشف زيـ ـف الادعـ ـاءات التركية: مشاريع KAAN وALTAY وTOGG وHÜRJET ليست محلية بالكامل
مشاريع تخدم أهدافاً إعلامية وانتخابية داخلية

تتبختر الحكومة التركية بإنجازات صناعية ودفاعية “محلية”، لكن فحوص الواقع تكشف اعتماداً واسعاً على تقنيات ومكونات أجـ ـنبية، مما يضع هذه المشاريع في موقف هـ ـشّ أمام ضغوط وسياسات دولية. المشاريع محل الفحص: الطائرة المقـ ـاتلة KAAN، وطائرة التدريب/الهجـ ـومـ ـية HÜRJET، والدبـ ـابة ALTAY، والسيارة الكهربائية TOGG. المعـ ـارضة والنواب وحتى بعض مسؤولي الصناعة يقرّون بأن الطرح الرسمي عن “الاستقلال التكنولوجي” لا يطابق الحقيقة.
KAAN: طائرة من دون محرك محلي — إنتاج مهدّد بوقف التصدير الأميركي
تُروَّج KAAN كمنتج مقاتل وطني قادر على ملء فراغ الـF‑16، لكن مشكلة المحركات تبقى العقبة الرئيسية. مشروع المقاتلة يعتمد على محركات أميركية (نماذج F110 في الطائرات التجريبية)، ومع تعليق تراخيص التصدير أو تأخر موافقات الكونغرس تصبح قدرة الإنتاج التسلسلي والاعتمادية التكتيكية محل شك. رغم تصريحات متفائلة من إدارة TAI حول قدرات الطائرة، إلا أن غياب مصدر محرك مستقل يجعل KAAN رهينة لقرار واشنطن.
HÜRJET: صفقة محرك أميركي تُخفف الفجوة مؤقتاً
جاءت إشارة مسؤولي الصناعة التركية إلى حصول تصريح مبدئي من الكونغرس الأميركي لتوريد محرك F404 لطائرة التدريب/الهجوم الخفيفة HÜRJET كخبر مطمئن لأنقرة. تصريحات فخر الدين أوزتورك (رئيس مجلس إدارة TUSAŞ) أن إجراءات تصريح HÜRJET اكتملت تعطي دفعة للمشروع، بينما استمرار العمل على موافقات محركات KAAN يبيّن أن المشكلتين تُعالَجان بتدرّج — اعتماد أميركي مباشر قد يُبقي هذه المشاريع “محلية” اسمياً لكنها عمليةً خاضعة لسياسات واشنطن.
ALTAY: دبّابة بأداء مرتبط بمحرك ألماني وملكية مصنع مسارات قطرية
مشروع ALTAY واجه رفضاً لتوريد المحرك الألماني المخطط له، ما أبطأ تقدم الإنتاج. كما أثار نقل ملكية مصنع مسارات الدبابات في صقاريا إلى طرف قطري لنحو 25 عاماً سلسلة تساؤلات حول التحكم الوطني في سلسلة التوريد والقدرة التصنيعية.
TOGG: أيقونة كهربائية بمكونات أجنبية كاملة
الطموح المحلي لصناعة سيارة كهربائية وطنية، TOGG، اصطدم بحقيقة أن نواة المنتج — المحرك، البطاريات، الشاسيه، التصميم والتجميع — تعتمد على شركات عالمية (Bosch ـ Siro ـ Mira ـ Pininfarina ـ Edag). النتيجة؛ سيارة معتمدة على شبكات توريد عالمية أكثر منها ابتكاراً محلياً شاملاً.
صفقات تصدير وترويج إعلامي: ضجيج إعلامي بلا غِلاف تقني كامل
وأُعلن عن صفقات تصدير لـKAAN إلى إندونيسيا في يوليو/2025 بحضور مسؤولين رفيعي المستوى، لكن الإعلان أثار علامات استفهام لوجستية عندما تبين أن الطائرة لا تمتلك بعد محركات إنتاجية مُصرحاً بها للإنتاج التسلسلي. مثل هذه الصفقات تسهم في تسويق الصورة أكثر من أن تكون دليل قدرة صناعية مكتملة.
تداعيات الاعتماد الخارجي على المشاريع التركية
يعاني القطاع الصناعي الدفاعي في تركيا من تداعيات حادة نتيجة الاعتماد الكبير على مكونات حساسة مستوردة، مثل محركات الطائرات، البطاريات، والأنظمة الإلكترونية. هذا الاعتماد يعرّض المشاريع للابتزاز السياسي، ويجعل أي تأخر أو توقف في تصاريح التصدير الناتجة عن توتر العلاقات الدولية بمثابة تهديد مباشر لاستمرار الإنتاج.
بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترويج لهذه المشاريع على أنها “وطنية” قبل إحكام سلاسل الإمداد والسيطرة الكاملة على مكوناتها إلى هشاشة الاستقلال الاستراتيجي. فالقوات المسلحة التركية والقدرة السياسية الوطنية تصبحان في موقف ضعيف أمام الضغوط الخارجية، مع محدودية خيارات التصرف في حال حدوث أي انقطاع في التوريد.
كما تخدم هذه المشاريع أهدافاً إعلامية وانتخابية داخلية، إذ تستخدم كأداة لتسويق صورة تقدم تكنولوجي وصناعي وطني، لكنها في الواقع لا تعالج الثغرات التقنية الحقيقية ولا تسهم في نقل المعرفة أو تطوير صناعات محلية مستدامة على المدى الطويل.
كما أن الاعتماد على موردين خارجيين يطرح مخاطر لوجستية وتجارية واضحة، إذ يمكن لأي توقف في تزويد مكوّن حيوي أن يؤدي إلى توقف كامل لخط الإنتاج، كما حدث أو لوحظ في ضغوط واشنطن والجهات الأوروبية على مشاريع تركيا الدفاعية سابقاً.
بين الدعاية والاعتماد
ما تظهره الأدلة أن أنقرة تسعى إلى بناء سرد وطني للصناعات الدفاعية والكهربائية المحلية، لكن الواقع يبيّن أن هذا السرد لا يزال يعتمد على شبكات توريد أجنبية حساسة — أميركية، ألمانية، صينية، إيطالية، بريطانية — ما يجعل “الاستقلال” محدوداً وجزئياً.