انتخابات مجلس الشعب: مسرحية انتقالية أم إعادة إنتاج للنـ ـظام السابق؟

لجان الطعون تتصرف دون أي بيئة قانونية

تستعد سلـ ـطة دمشق لإجراء انتخابات مجلس الشعب في 5 تشرين الأول، وسط جـ ـدل واسع حول طابعها غير المباشر الذي يغلب عليه التعيين، ويثـ ـير الشـ ـكوك حول جـ ـدية هذه العملية التي يفترض أن تكون الديمقراطية. فقد احتدم التنافس على المقاعد، لكن الاستـ ـبعاد الانتـ ـقائي للمرشحين في عدة مناطق كشف عن استخدام الطـ ـعون كـ ـأداة للتـ ـصـ ـفية السياسية. مرشحون محسـ ـوبون على المعـ ـارضة يواجهون اتهـ ـامـ ـات بالخيـ ـانة، بينما يُستـ ـبعد من سبق له التعبير عن مواقف مؤيـ ـدة للنـ ـظام السابق، ما يعـ ـكس ازدواجية المعايير وسيـ ـطرة المحسـ ـوبيات على العملية الانتخابية.

ففي بلدة عين التينة بريف دمشق، تم إلغاء مقعدين بعد طعن بالمرشحين واستبدالهما، ثم الطعن مجدداً بالبدلاء، ما أدى إلى حرمان البلدة من أي تمثيل حقيقي، رغم وجود بدلاء أكفاء.

ويصف الحقوقيون هذه الطعون بأنها “أداة لتصفية المنافسين”، مؤكدين أن لجان الطعون تتصرف دون أي بيّنة قانونية، مع حرمان المستبعدين من حق الدفاع أو الاطلاع على الملفات.

العملية الانتخابية تعكس تكرار نهج النظام السابق، حيث تهدد المحسوبيات والمصالح الشخصية عدداً من المرشحين وتضع الهيئة الناخبة في مواجهة الاستبعاد التعسفي، كما شهدت سقبا وريفها تهديدات بالانسحاب احتجاجاً على هذه التجاوزات.

واستُكملت المأساة باغتيال المرشح الدكتور حيدر شاهين في طرطوس، ما يبرز المخاطر الأمنية والتهديدات المتكررة للمشاركين.

ومن أحد أبرز أوجه الخلل الأخرى هو ما يتعلق باستبعاد مناطق كاملة من العملية الانتخابية بحجة “عدم الاستقرار الأمني”، على الرغم من أن مناطق الحسكة والرقة والسويداء تتمتع بدرجة عالية من الاستقرار مقارنة بمناطق سلطة دمشق. ويوضح هذا القرار أن السلطة تسعى لتهميش المناطق التي ترفض الأحادية والسيطرة المطلقة للسلطة، وتمنع مشاركتها الفعلية في صنع القرار، بغية إعادة إنتاج نفس أساليب التهميش والمركزية التي أثبتت فشلها على مدى سنوات الحرب.

وفي ظل هذه الممارسات، يظل الترشيح محكوماً بالعوامل العائلية والمناطقية والارتباط بالسلطة الجديدة، ما يعيد إنتاج السلطة القديمة دون أي ضمانات لتمثيل حقيقي للمجتمع السوري.

المرسوم الرئاسي رقم 66 يحدد توزيع المقاعد بين الانتخاب والتعيين إذ يعين رئيس سلطة دمشق أحمد الشرع 70 عضواً من أصل 210، لذا تبدو الانتخابات كرنفالاً انتخابياً أكثر من كونه عملية ديمقراطية، في حين يبقى المواطن السوري خارج أي دائرة حقيقية لصنع القرار.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى