سوريا

التسويات .. نموذج تصفية جديد لكل المعارضين للحكومة السورية

تستمر الحكومة السورية في مخططها الساعي لتصفية السوريين المعارضين لها عبر ما يسمى التسويات التي تروج لها في كل من دير الزور والرقة ومناطق شمال وشرق سوريا بعد أن فرضت سيطرتها بهذا النموذج الروسي على محافظة درعا في جنوب البلاد.
وبدأت الحكومة السورية في أيلول من عام 2021 وبدعم روسي تنفيذ مخطط جديد يستهدف كل المعارضين للحكومة في الجنوب السوري، عبر إطلاق عمليات ما تسمى “التسوية أو المصالحة”. ودعت فيه جميع الشبان والرجال على حد سواء لتسوية أوضاعهم.
وأطلقت الحكومة السورية على هذا المخطط الجديد اسم “المكرمة” المقدمة من الحكومة للشعب، وكأن الشعب هو المجرم وهو الذي قصف البلاد بالطائرات والمدافع والدبابات وأن الحكومة تصفح عنه وتمنحه حق الحياة.
وللترويج لمخططها هذا بدأت الحكومة السورية في منتصف شهر تشرين الثاني 2021 بنقل النموذج من درعا إلى محافظة دير الزور. وفي بداية عام 2022 نقلت النموذج ذاته إلى محافظة الرقة في الأجزاء الخاضعة لسيطرتها، وبدأت تروج لهذا المخطط الذي يهين السوريين وينظر إليهم على أنهم مجرمون وقتلة والحكومة تتكرم عليهم وتصفح عن جرائمهم.
وللترويج لهذا النموذج تقوم الحكومة السورية بنقل الشبان والموظفين في مؤسساتها والعسكريين لديها بعد إلباسهم اللباس المدني، إلى المراكز التي افتتحتها وتصويرهم على أنهم شبان مقبلون على تسوية أوضاعهم.
وتهدف الحكومة السورية من وراء هذا المخطط القضاء على كل من يخالفها الرأي، ففي جنوب البلاد، اعتقلت عبر التسويات المسلحين المحلين الذين أجبروا على حمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم وارضهم أمام الهجمات التي شنتها قوات الحكومة السورية بدعم من المجموعات الإيرانية التي جاءت من خارج سوريا، وبوجه عمليات التشبيح والتعفيش.
وفي دير الزور، اعتقلت العشرات من الذين أجروا التسويات، وزجت أكثر من ألف في معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء السورية المترامية، وذلك لتخفيف الضغط عن الفرقة الرابعة المعروف بأن 95 % من عناصرها هم من العلويين، وبذلك تدفع الحكومة السورية بالشباب السنة ليقتلوا على يد تنظيم الدولة الإسلامية.
أما نقل هذا النموذج إلى محافظة الرقة فالحكومة السورية تدرك أن شعوب منطقة شمال وشرق سوريا يعلمون مخططاتها جيداً في إذلال السوريين وإعادة القبضة الأمنية إلى المنطقة، لذلك تحاول عبر بعض بعثييها في المحافظة الترويج لهذا النموذج من أجل ضرب نسيج المنطقة المتنوع وزعزعة الأمن والاستقرار فيها.
وخسرت الحكومة السورية طيلة سنوات الأزمة واستنزفت طاقاتها وفقدت قواتها وتعاني من نقص كبير في أعداد المقاتلين، لذلك فهي تعتمد على مقاتلين شيعة من العراق وإيران وأفغانستان ولبنان، وهؤلاء يكلفون خزينة الحكومة كثيراً لقاء دفع رواتبهم وتأمين متطلباتهم، لذلك فهي تسعى بهذا النموذج استدراج الشبان ليقعوا في فخها، لتتبعها لاحقاً خطوة الزج بهم في جبهات القتال، وهو ما حصل مع أكثر من ألف شخص ممن أجروا التسويات في دير الزور.
ورغم الترويج لهذا النموذج إلا مدناً مثل الرقة والطبقة وريف دير الزور شهدت وقفات احتجاجية وتظاهرات وإصدار بيانات من قبل شيوخ العشائر العربية الرافضة لهذا النموذج المذل للسوريين.
ويرى المراقبون أن نموذج التسويات هو نموذج روسي الهدف منه مساعدة الحكومة السورية لفرض سيطرتها على المنطقة من جديد والعودة بها إلى ما قبل عام 2011، والترويج للحكومة سياسياً أمام المجتمع الدولي بأن الشعب يقبل بها.
ويؤكد المتابعون أن الحكومة السورية لم تتخلى عن ذهنيتها الأمنية وقمعها العسكري للشعب السوري من أجل إسكاته وفرض سطوتها على الشعب كي لا يخرج في تظاهرات مطالبة بإسقاطها في ظل الفساد المستشري في مفاصلها وتحكم تجار الحرب والأزمات بقوت الشعب وغياب الخدمات بشكل تام في مناطق سيطرتها.
وبالتزامن مع نموذج التسويات الذي تروج له الحكومة السورية، شكلت الحكومة مجموعات مسلحة من بعض بعثييها في شمال وشرق سوريا والذين كانوا مرتبطين سابقاً بالنظام البعثي العراقي وكانوا يجندون العناصر لقتال القوات الأميركية في العراق، وأطلقت على هذه المجموعات اسم “المقاومة الشعبية”.
وتقوم هذه المجموعات باستهداف قوى الامن وقوات سوريا الديمقراطية وكذلك شيوخ ووجهاء العشائر العربية واتهام قوات سوريا الديمقراطية بالوقوف وراءها وذلك من أجل ضرب النسيج الوطني في المنطقة والذي ظل متماسكاً بوجه الحكومة السورية وكذلك الفصائل الموالية لتركيا وتنظيم الدولة الإسلامية.
ويشرف على هذا المخطط الجديد الذي يستهدف أمن واستقرار مناطق شمال وشرق سوريا والساعي لخلق فتنة عربية كردية وحصول اقتتال بينهم لتستفيد منها الحكومة، ضابط في المخابرات الجوية يتخذ من مطار القامشلي مقراً له.
ويدعى الضابط أحمد شعبان، وهذا الضابط سبق للحكومة السورية أن زرعته كعميل ضمن صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، حيث شغل المدعو أحمد شعبان منصب أمير في التنظيم ولمدة 4 سنوات.
ويعقد المدعو أحمد شعبان، اجتماعات مع بعض البعثيين في المنطقة ويطالبهم بتشكيل خلايا مسلحة من العشائر وإطلاق تسمية “المقاومة الشعبية” عليهم، حيث سبق لإعلام الحكومة السورية الرسمي أن نشر مؤخراً أخبار كاذبة عن استهداف ما تسمى “المقاومة الشعبية” لقوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي في المنطقة، ومن بينها نشر وكالة سانا التابعة للحكومة خبراً كاذباً عن اغتيال مدير المركز الإعلامي لقسد فرهاد شامي من قبل ما تسمى المقاومة الشعبية، رغم نفي شامي لتلك الأخبار الكاذبة.
وبالتوازي يعمل أحمد شعبان مع مسؤولين آخرين في الحكومة السورية بمحافظة الحسكة، على الترويج لما يسمى “المصالحات والتسويات”.

مشاركة المقال عبر