قرارات الحكومة المؤقتة في مهب الريح… تركيا تهيمن على القرار السوري

قبل أيام عاد وفد موسع من شمال وشرق سوريا من دمشق، بعد إجراء سلسلة لقاءات مع أطراف في الحكومة السورية المؤقتة برعاية أمريكية. وفد شمال وشرق سوريا وكذلك مسؤولين في الحكومة أكدوا أن أجواء اللقاءات كانت إيجابية.
وتضمنت التفاهمات الأولية وقف إطلاق النار في جميع الجبهات بشكل فوري.
إلا أن ما حصل بعد ساعات قليلة من تلك الزيارة كان مخالفاً للأجواء التي عبر عنها الأطراف. حيث تواردت الأنباء عن خروقات أمنية جديدة من قبل الفصائل التابعة لوزرة دفاع الحكومة المؤقتة وبشكل خاص في جبهات دير حافر في ريف حلب. كمان شهدت الحواجز الأمنية في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية خروقات أمنية من قبل الفصائل وسط استمرار فرض الحصار.
الموقف المتناقض للحكومة المؤقتة جاء عقب لقاء جرى بين مسؤولين من الحكومة مع مسؤولين من الحكومة التركية في أنقرة.
وأمس، جرى لقاء أمني عسكري بين مسؤولين في الحكومة الانتقالية والسلطات التركية، حيث اجتمع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ووزير الدفاع يشار غولر ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن في. أنقرة، مع وزير الخارجية أسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة.
تركيا تهيمن على القرار السوري
السلطات التركية استدعت على الفور مسؤولين في الحكومة السورية عقب زيارة وفد شمال وشرق سوريا. مما يؤكد بشكل جلي أن جميع القرارات السياسية والعسكرية والاقتصادية في المناطق التابعة للحكومة المؤقتة تصدر فعلياً من أنقرة، حيث لا يملك رئيس الحكومة أو وزراؤه صلاحية اتخاذ أي قرار دون موافقة تركيا.
التوجيهات التركية هي التي تحدد مواقف الحكومة
الخروقات التي جرت من قبل سلطات الحكومة المؤقتة حتى قبل مضي 24 ساعة على اتفاق وقف إطلاق النار، تشير بما لا يدع مجالاً للشك أن الحكومة المؤقتة ورئيسها يعملان ضمن توجيهات تركية مباشرة، مما يفقدهما القدرة على اتخاذ قرارات وطنية مستقلة تخدم مصالح السوريين.
هذا الأمر يثير العديد من التساؤلات حول جدوى المفاوضات بين الإدارة الذاتية والحكومة المؤقتة في ظل فقدان الحكومة لأي صلاحية في اتخاذ القرارات المصيرية.
منذ بداية سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وانهيار مؤسسات الدولة وبشكل خاص مؤسسة الجيش والأمن والمخابرات، لا تدخر تركيا جهداً لاستثمار هذا الفراغ لصالحها بما يتيح لها التحكم بمصائر السوريين والتغلغل إلى داخل الإدارة المؤقتة والتحكم بقرراتها وتوجهاتها بما يخدم السياسات والأطماع التركية في المنطقة.
المنظومة الأمنية والاستخباراتية التي تعمل تركيا على بنائها ونشرها في سوريا تعزز مخاوف السوريين من سيطرة المخابرات التركية على مفاصل الحياة العامة، وكذلك على مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية، مما يعني السيطرة على القرار السياسي للسوريين بما يخدم السياسات والأطماع التركية في سوريا والمنطقة.