الدكتور يحيى العريضي: السويداء المستقلّة
ليس مستغرب ممَّن يتبع هوى سيّده ألّا يفهم معنى الاستقلال، وأن يقرأ فيه دعوة للانفصال

نشر الدكتور يحيى العريضي مقالاً على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي عن السويداء بشكل خاص وسوريا عموماً، أشار فيها إلى أن السويداء كانت مستقلة أيام نظـ ـام الأسد وهي الآن مستقلة أيام السلـ ـطة الجديدة التي سماها بـ “سلـ ـطة الإ.ر.هـ ـاب التي تشكل امتـ ـداداً لآلـ ـة القـ ـتل والطغـ ـيان الأسـ ـدية”.
وجاء في المقال:
ربما لا يدرك أصحاب الانتماء الوطني المؤدلج، وأولئك الذين اختصروا الهوية الوطنية بأنفسهم، أن السويداء مستقلة منذ سنوات. ربما لا يعلم الصبية الذين يوجهون الاتهام للسويداء وأهلها بالعمالة والخيانة بأن مطالبتها بالاستقلال هي تأكيد على موقفها الثابت، وليس إعلان جديد.
– السويداء مستقلّة بموقفها الأخلاقي والإنساني والوطني السوري عن نظام الأسد الذي هدم المدن والقرى فوق رؤوس السوريين.
– السويداء مستقلة عندما رفض أهلها إرسال أكثر من أربعين ألفاً من أبنائهم للخدمة الإلزامية في جيش النظام؛ ليس خوفاً من الموت، بل خوفاً من عار قتل أهلهم وأخوتهم من السوريين.
– السويداء مستقلة عن منظومة الإجرام و القتل و الاستبداد أياً كانت، وليس عن سوريا؛ والسبب بسيط، يدركه كل من لديه وعي بالفرق بين النظام والدولة.
– وكما كانت مستقلة عن نظام الأسد سابقاً، فهي الآن مستقلة عن سلطة الإرهاب التي تشكل امتداداً لآلة القتل والطغيان الأسدية.
ليس مستغرب ممَّن يتبع هوى سيّده ألّا يفهم معنى الاستقلال، وأن يقرأ فيه دعوة للانفصال؛ فالتأكيد على موقف السويداء الثابت بالاستقلال هو صرخة وجودية وسياسية مستمرة؛ لأن الظلم لا يزال قائماً، ولأن أبناء السويداء الذين هتفوا لحرية الوطن السوري كاملاً، لا يزالوا يدركون بأن الطغيان لم ينتهِ، بل بدّل جلده فقط. استقلال السويداء هو رفض التبعية لسيادة الإرهاب و عبيده. الاستقلال في السويداء حالة وجودية مستمرة وليست جديدة؛ حالة مرتبطة باستقلال الإرادة و الفكر و الإنسان، وابتعاد عن الإرهاب و الإجرام و التكفير و القتل.
السويداء مستقلة سياسياً عندما رفضت وصاية نظام الأسد عليها سابقاً، و ترفض حالياً وصاية منظومة الإرهاب و الخضوع لها.
لقد حصلت السويداء على استقلالها السياسي، عندما حملت راية التخلّص من الاستبداد الأسدي، و لا يزال استقلالها قائماً بتمسكّها بمطالب التخلّص من الاستبداد الجولاني.
* السويداء مستقلة سياسياً لأنها تدرك أن شبيحة الأسد اختصروا الوطن سابقاً به، وأن شبيحة الجولاني الآن يحاولون اختصار الوطن به أيضاً.
* السويداء مستقلة أخلاقياً وفكرياً، وهو الشيء الثابت الذي لا تدركه جوقة الأبواق الجديدة، فالإنسان في هذه الجغرافيا مستقلٌ عن الجهل والتخلّف، وتكفير الأخرين، و تأييد القتل و لإجرام و الإرهاب تحت أي مسمى.
الاستقلال القائم منذ سنوات لدى أبناء السويداء هو استقلال أخلاقي قبل أن يكون سياسياً، يعيد تعريف الهوية الوطنية السورية خارج القهر والطغيان، وللتأكيد على أن الانتماء الحقيقي ليس مرتبطاً بولاء للسلطة، بل بالقيم التي يقوم عليها الوطن بذاته. هذا هو شكل و جوهر الاستقلال الذي تريده السويداء لنفسها ولأهلها في كل الجغرافيا السورية؛ فهي تكره و ترفض الاستبداد والاستعباد.