سوريا

تحالف الأحزاب المنشقة عن العدالة والتنمية يهدد شعبية أردوغان

تتحرك الأحزاب التي انشقت عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا من أجل كسب أنصاره تحسبا للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة للعام القادم، وهو ما من شأنه أن يؤثر على شعبية الحزب وشعبية رئيسه رجب طيب أردوغان.
وقال متابعون للشأن التركي إن أحزاب رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو (المستقبل)، وعلي باباجان وزير الاقتصاد الأسبق وكبير مفاوضي ملف انضمام بلاده للاتحاد الأوروبي (ديفا)، ومجموعات أخرى منسحبة من العدالة والتنمية تستعد لبناء جبهة سياسية استعدادا للانتخابات، وإنها تركز على التحرك لاستقطاب الغاضبين من سياسات أردوغان، خاصة أن الأسماء المعارضة عملت في مواقع حكومية ذات أهمية وتمتلك مصداقية داخل الحزب وفي الشارع.
وفيما يعود الفضل لباباجان في نجاح التجربة الاقتصادية التركية التي يباهي بها أردوغان، فإن أحمد داود أوغلو كان أحد مهندسي التجربة التركية، وهو صاحب نظرية تصفير المشاكل التي مهدت للنجاح الاقتصادي قبل أن يتخلى عنها أردوغان ويورط تركيا في حروب وأزمات كثيرة، فضلا عن الرئيس السابق عبدالله غول الذي يحظى بشعبية كبيرة في البلاد بسبب أسلوبه الهادئ في إدارة الأزمات بعيدا عن الشعبوية، بحسب تقرير لصحيفة العرب.
وأشار المتابعون إلى أن القيادات المنشقة عن الحزب ما تزال لديها صداقات متينة داخله، وهي تستثمر في عملية الاستقطاب المشاكل الكبيرة داخل الحزب الذي فقد آلياته القديمة وصار يحتكم إلى رضا القيادة والولاء لأردوغان وفقدت مؤسساته تأثيرها.
كما أن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد جعلت الكثير من منتسبي الحزب وأنصاره غاضبين على سياسات أردوغان التي ستجعل الحزب يخسر كل ما حققه في سنوات طويلة، وهم يبحثون عن أحزاب نظيفة بعيدة عن الفساد والمحسوبية وقادرة على الوفاء للشعارات القديمة لحزب العدالة والتنمية وهويته المحافظة.
ويعتقد المراقبون أن تحالف الأحزاب الجديدة المنبثقة عن العدالة والتنمية (تحالف الأمة) سيكون قادرا على دخول البرلمان ومنافسة الحزب الأم خاصة إذا مضت في مسارها الحالي القائم على التحالف مع أحزاب علمانية مناوئة لسياسات أردوغان. كما أن هذا التحالف سيكون قادرا على التأثير في شعبية أردوغان خاصة إذا استمر في دعم مرشح المعارضة كمال كيليجدار أوغلو .
وقال أحمد داود أوغلو إن تحالفًا منفصلاً بين أحزاب المستقبل والسعادة وديفا الديمقراطية والتقدم، والتي تنبع من نفس الأرضية السياسية، سيكون مفيدًا من أجل الحصول على المزيد من النواب في البرلمان التركي.
ورأى رئيس الوزراء التركي السابق، أنّه سيكون من المفيد لحزب المستقبل، أن ينضم حزبا ديفا بزعامة باباجان والسعادة بقيادة تميل كارامولا أوغلو إلى حزبه بهدف تشكيل تحالف منفصل وحتى الدخول في الانتخابات بقائمة مشتركة.
وتابع في تصريحات تلفزيونية “سيكون من المفيد جدًا لهذه الأحزاب الثلاثة أن تتبنى موقفًا مشتركًا يمنح الثقة (في وجود بديل) لأولئك الذين صوتوا لصالح حزب العدالة والتنمية.”
وذكر داود أوغلو أن “تحالف الأمة قام بأشياء مهمة لكنه لم يستمر بعد الانتخابات البلدية. يجب إعادة النظر في الهياكل (…) المهم أن تحصل المعارضة على أكبر عدد من النواب في البرلمان.”
وإذا دخلت هذه الأحزاب البرلمان بشكل منفرد فستكون لها فرص محدودة في الوصول إلى عتبة 7 في المئة لدخول البرلمان ، لكن مُجتمعة يُمكنها أن تجمع النسبة المطلوبة.
وما يثير مخاوف أردوغان أن ينجح هذا التحالف الثلاثي في تحويل جزء من الجمهور المحافظ للحزب إلى داعم لزعيم الحزب الجمهوري كيليجدار أوغلو الذي سيكون الأقرب إلى تقديمه كمرشح للمعارضة بما فيها المعارضة التي خرجت من رحم العدالة والتنمية.
وقبل أيام، تحدثت مصادر صحافية عن أن ستة من قادة أحزاب المعارضة التركية لم يختلفوا حيال ترشيح كيليجدار أوغلو.
وبحسب صحيفة “جمهوريت”، فإنّه لا اعتراض بين القادة على ترشيح كيليجدار أوغلو، زعيم أكبر أحزاب المعارضة في البلاد. لكن محللين سياسيين يعتقدون أن زعيم الحزب الجمهوري سبق أن واجه أردوغان وخسر أمامه، وأن الأولوية يجيب أن تكون لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (51 عامًا)، الذي سبق أن تحدى أردوغان وهزم مرشح حزبه في أكبر المدن التي كانت حاضنة دائمة للعدالة والتنمية.
ويقول عنه أستاذ العلوم السياسية في جامعة كوتش بإسطنبول جارك أوغلو “مشهور، شاب، نشيط”. وأضاف “يمكنه التعامل مع أردوغان، وسيبدو أردوغان قديمًا في مواجهته”.
واكتسب إمام أوغلو خبرة في خوض الانتخابات المتنازع عليها، حيث تخشي المعارضة أن يلجأ أردوغان إلى تكتيكات مخادعة في محاولة للتشبث بالسلطة.
وعام 2019، انتخب إمام أوغلو رئيسًا لبلدية إسطنبول بفارق ضئيل، لكن أردوغان ألغى نتائج الانتخابات بدعوى التزوير، قبل أن ينجح إمام أوغلو في الفوز بجولة الإعادة بأغلبية ساحقة.

مشاركة المقال عبر