للمشاركة في القتال ضدَّ قسد.. وفد من العدالة والتنمية التركي يجتمع مع قبيلة العكيدات في دير الزور

تواصل تركيا تحركاتها المشبوهة الساعية إلى خلط الأوراق في سوريا بما يخدم أجنداتها التوسعيّة لإعادة رسم خريطة النفوذ على حساب الأمن والاستقرار، سواءً عبر دعم فصائل مُسلّحة أو عشائر كانت تُدين بالولاء المُطلق للنظام السوري السابق والحرس الثوري الإيراني وخاصةً في دير الزور، والعمل على إعادة تنظيمهم وتمويلهم لوجيستياً وعسكرياً لشن هجمات مُنسّقة ضدَّ قوات سوريا الديمقراطية بهدف إفشال اتفاق العاشر من آذار.
التحركات التركية تأتي في سياق معقد من التدخلات الخارجية والمحلية التي تسعى من وراء ذلك النيل من الاستقرار والأمن الذي تعيشه مناطق شمال وشرق سوريا.
وفد تركي في دير الزور
مصادر مطلعة كشفت أن وفداً من حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم وبتفويض مباشر من قبل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان زار مؤخراً مدينة دير الزور والتقى مع شيوخ قبيلة العكيدات.
المصادر أوضحت أن الوفد التركي ضمَّ كل من حسن بالجان، وزهر الدين قدور، وهما من قيادات حزب العدالة والتنمية، ومارت سرينكان، رئيس منظمة أويناش التركية، فيما حضر الاجتماع من قبيلة العكيدات، مصعب وإبراهيم وسامي الهفل.
وتشير المعلومات أن الهدف من وراء زيارة وفد حزب العدالة والتنمية إلى دير الزور والاجتماع مع شيوخ قبيلة العكيدات، يأتي في سياق إصدار التوجيهات للقبيلة بغرض المشاركة في القتال ضد قوات سوريا الديمقراطية، وسط تعهدات من قبل الجانب التركي بتوفير الأسلحة والدعم اللوجيستي لهم.
وتخطط تركيا شن هجمات ضد قوات سوريا الديمقراطية تحت ما يسمى “جيش العشائر”، في محاولة لتضليل الرأي العام وإظهار أن العشائر العربية تعادي الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، في إطار محاولات متكررة لخلق فتنة طائفية بين العرب والكورد وضرب الاستقرار في تلك المناطق وخلق ذريعة لتوسيع تدخلها العسكري، بعد فشل محاولات مشابهة دبرتها تركيا والنظام السوري السابق وإيران.
اجتماع مماثل في ريف دمشق
في سياق متصل، اجتمع الوفد التركي في ريف دمشق مع شخصيات من عشائر البدو من السويداء وعشائر من محافظات سوريّة أخرى، بحضور قيادات أمنية من هيئة تحرير الشام. وجرى خلال الاجتماع التطرق إلى وضع محافظة السويداء وضرورة عودتها تحت كنف سلطة دمشق عبر التحضير لشن هجمات جديدة مع التأكيد من قبل الجانب التركي أنها ستساند أي عمليات ضد الطائفة الدرزية في مناطق جنوب سوريا، من خلال التمويل بالمال والسلاح.
ومنذ التدخّل التركي في سوريا، حاولت استمالة بعض العشائر إلى جانبها واستخدامها كأداة ضدَّ بقيّة السوريين لتنفيذ مطامعها التوسعيّة والاحتلالية، وبرز هذا الأمر بشكل أكبر مع سقوط النظام السوري السابق من خلال التحركات في مناطق جديدة كما حصل في الآونة الأخيرة عندما اجتمعت الاستخبارات التركية مع عشيرتي حسنة وبني خالد في مدينة حمص وتعهدت بتقديم دعم مالي سخي والسلاح لهم مقابل تنفيذ أوامرها.
الهفل من حضن الأسد وإيران إلى الحضن التركي
قبل ما يزيد عن عامين، وتحديداً في الـ 27/8/2023، أطلقت قوات سوريا الديمقراطية وبمساندة من قبل قوات التحالف الدولي عملية أمنية تحت مسمى “تعزيز الأمن”، ضد خلايا تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لتشمل قيادات من مجلس دير الزور العسكري وتجار مخدرات ومجرمين وتتحول لعملية أمنية داخلية وخارجية.
قوات سوريا الديمقراطية عزلت واعتقلت حينها المدعو أحمد الخبيل (أبو خولة)، قائد مجلس دير الزور العسكري لارتكابه عدة جرائم جنائية بحق الأهالي والإتجار بالمخدرات والتجاوزات المتعلقة بتواصله والتنسيق مع جهات خارجية معادية للثورة، إضافةً إلى سوء إدارته للوضع الأمني ودوره السلبي في زيادة نشاط خلايا داعش، واستغلال منصبه في مصالحه الخاصة والعائلية بما يخالف النظام الداخلي لقوات سوريا الديمقراطية.
وفي تلك الفترة برز بوضوح تعامل مصعب وإبراهيم الهفل مع النظام السوري السابق والحرس الثوري الإيراني، حيث تعاونت قبيلة العكيدات وشاركت في عمليات قمع وهجمات على مواقع قوات سوريا الديمقراطية ومنازل المدنيين في دير الزور تحت مسمى “جيش العشائر”.
المخابرات الإيرانية شاركت في تقديم الدعم والمشورة لقبيلة العكيدات لتنفيذ المخطط، في حين أن المخابرات التركية شاركت أيضاً في المخطط عبر إرسال عناصر تابعة لها إلى ريف دير الزور للمشاركة بشكل مباشر في القتال ضد قسد والادعاء بأنهم من أبناء المنطقة.
وبعد سقوط نظام الأسد، انتقل مصعب وإبراهيم الهفل إلى إعلان ولائهم التام لسلطة دمشق الممثلة بهيئة تحرير الشام، معبرين على استعدادهم لقتال قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا.
تركيا المستفيد الأكبر من عدم استقرار سوريا
تشير هذه التحركات إلى خطر داهم على المكونات الدينية والعرقية في سوريا، في ظل استمرار التوظيف السياسي للمجموعات المسلحة من قبل أطراف إقليمية تسعى إلى تأجيج النزاعات الطائفية والعرقية لتحقيق مكاسب استراتيجية. وتبدو تركيا، بحسب مصادر المراقبة، المستفيد الأكبر من استمرار حالة الفوضى ومنع الاستقرار، لأنها تخشى من انتهاء مبررات تدخلها العسكري بمجرد استتباب الأمن.



