الرئيسية سوريا

القوات الأميركية تعود إلى كوباني … هل تخسر تركيا مناطق سيطرتها؟

أعادت القوات الأميركية تموضعها في كوباني بعد أن انسحبت منها عام 2019 بقرار من دونالد ترامب، ولكن إدارة بايدن لها أهداف أخرى، بالمقابل فأن تركيا التي تتعاون بشكل وثيق مع روسيا باتت قريبة من خسارة مدوية في ريف حلب، فالروس والإيرانيون يتجهزون للسيطرة على الباب وقطع أوصال مناطق سيطرة تركيا في سوريا.

منذ مطلع نيسان، بدأت القوات الأميركية بإعادة تموضع لقواتها في شمال وشرق سوريا، وعادت إلى عدة قواعد كانت قد انسحبت منها بقرار من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي وعد أردوغان بالانسحاب وفتح الطريق أمامه للسيطرة على تل أبيض ورأس العين/سريه كانيه.

والقواعد التي عادت إليها القوات الأميركية هي في محيط الرقة والطبقة وقاعدة خراب عشك في ريف كوباني، والتي كانت سابقاً غرفة عمليات الكوماندوس. فلماذا أعادت أميركا تفعيل هذه القواعد وخصوصاً قاعدة خراب عشك؟

تشير المعلومات إلى أن القوات الأميركية ستبدأ قريباً عمليات صيد دقيقة تستهدف قيادات تصنفها واشنطن إرهابية وتنشط في مناطق سيطرة تركيا في تل أبيض ورأس العين، بعد أن انتهت من وضع قاعدة بيانات بكل الأٍسماء التي سيتولى فريق من وحدات مكافحة الإرهاب في قوات سوريا الديمقراطية وقوة دلتا الأميركية التابعة للبنتاغون، بتنفيذها.

وقوة دلتا المعروفة باللغة الإنجليزية باسم “Delta Force” هي إحدى وحدات القوات الخاصة الأميركية، وتوكل إليها مهام تحرير الرهائن والاستطلاع والعمليات الخاصة.

وسبق وأن أعلنت القيادة المركزية للقوات الأميركية عن تصفية القيادي في تنظيم حراس الدين التابع لتنظيم “القاعدة” عبد الحميد المطر بغارة جوية استهدفته في الـ 22 من تشرين الأول عام 2021 في بلدة السلوك الخاضعة لسيطرة تركيا.

كما نفذت القوات الأميركية عدة عمليات استهدفت قادة في تنظيم القاعدة في مناطق سيطرة تركيا، وأكدت أن القاعدة يستخدم سوريا كملاذ آمن لإعادة البناء والتنسيق مع الجماعات الخارجية التابعة لها والتخطيط لشن هجمات تشكل خطراً على الولايات المتحدة.

وبحسب المعلومات، فأن هذه القاعدة الاستخباراتية ستستخدمها القوات الأميركية لملاحقة خلايا تنظيم الدولة الإسلامية خصوصاً أن هذه الخلايا نشطة في مناطق سيطرة تركيا، حيث خطط التنظيم من هذه المناطق شن الهجمات على سجن الصناعة في مدينة الحسكة من أجل تحرير معتقلي التنظيم، وأكد قادة التنظيم الذين اعتقلوا أنهم كانوا يسعون لنقل العناصر إلى تلك المناطق ومنها إلى تركيا، وهذا ما تراه أميركا خطراً يهدد أمنها القومي، وبذلك هي فضلت العودة والعمل هذه المرة وبشكل علني بعدما كانت تعمل بشكل سري في هذا الملف، خصوصاً أنها قامت بتصفية كل من خليفتي تنظيم الدولة الإسلامية البغدادي وقرداش في مناطق سيطرة تركيا.

ليس هذا فحسب، بل للولايات المتحدة الأميركية حسابات أخرى في إعادة تفعيل هذه القاعدة، والتي من أهمها أن هذه القاعدة قريبة من مناطق تواجد القوات الروسية في سوريا، وبالتالي هي تريد ضبط تحركاتهم في المنطقة كما هو الحال في تل تمر، وهذا يعني بشكل أو آخر أن الطريق الدولي الـ M4 بات تحت رعاية أميركية روسية مشتركة وما هو سيقيد تحركات تركيا وفصائلها في المنطقة أيضاً.

الموضوع الآخر الذي تسعى إليه القوات الأميركية هو توفير مناخ مناسب لعمل الشركات الأجنبية في المنطقة، بعد أن أعفت مناطق شمال وشرق سوريا من عقوبات قيصر، لأن الولايات المتحدة تؤكد دوماً أن إعادة الاستقرار إلى المنطقة هو الطريق الوحيد لتجفيف منابع تنظيم الدولة الإسلامية وتنمية المنطقة عبر فتح المجال أمام الاستثمارات الخارجية ويجري الحديث أن شركة لافارج الفرنسية سوف تعود إلى المنطقة حيث يقع مقر الشركة بالقرب من الطريق الدولي.

وهناك هدف أميركي آخر أيضاً من هذا التمركز، فهو رسالة إلى تركيا، لأن التمركز في هذه القاعدة سيردع تركيا عن أي هجوم قد تنوي شنه على المنطقة من أجل السيطرة على عين عيسى وكوباني، وسط معلومات تفيد أن السيناتورات في مجلس الشيوخ متفقون على إدراج أي فصيل يشارك في هجمات على المنطقة على القائمة السوداء وإدراج قاداتها على قائمة المستدفين الواجب تصفيتهم لأنهم يشكلون خطراً على الأهداف الأميركية في سوريا.

في السابق كانت أميركا قد وجهت رسالة مبطنة إلى تركيا، الرسالة في ظاهرها كانت موجهة إلى الفصائل الموالية لأنقرة، ولكن المقصود كان الأخيرة، فحوى الرسالة كان أن الفيلة عندما ترقص عليك الابتعاد، والآن الصراع بين أميركا وروسيا (الفيلة) بلغ أشده مع الحرب الأوكرانية، وقد حان الوقت لكي تدفع تركيا ثمنها في الرقص بين أقدام أميركا وروسيا، فالطرفان لا يأتمنان جانب أردوغان، ولذلك يسعى الطرفان لكبح جماحه لأنه بالأساس رجل ضعيف وبلاده تعاني أوضاعاً سيئة ونظام حكمه آيل للسقوط إن لم يستكن ويتوقف عند حدوده.

مع إعادة التموضع الأميركي في شمال وشرق سوريا، بدأت روسيا أيضاً بالتحرك أمام خطط أردوغان في التمدد والسيطرة بالشرق الأوسط وسوريا، حيث نقلت قوات روسية رفقة الحرس الثوري الإيراني إلى قاعدة كويرس الجوية العسكرية الواقعة بين السفيرة في الغرب و‌دير حافر في الشرق في محافظة حلب.

الهدف الروسي والإيراني هو مدينة الباب، والغايات كثيرة منها تقطيع أوصال المناطق التي تسيطر عليها تركيا، وتحجيم نفوذها وقطع الطريق أمام مخططاتها وتسهيل استهداف بقية المناطق الخاضعة لسيطرتها خلال الفترة القادمة.

مشاركة المقال عبر