الأخبار تركيا سوريا

تركيا تفـ*ـرض التتريك في عفرين وتد*مر ثقافة وتاريخ المنطقة

منذ أن سيـ*ـطرت تركيا على منطقة عفرين وهي مستمرة بارتـ*ـكاب الجر*ائم ليس فقط بحق البشر، بل بحق تاريخ المنطقة عبر التد*مير الممـ*ـنهج لكل ما يشير إلى خصوصية المنطقة ومن سكنوها تاريخياً وذلك في مسعى لتتريكها واقتطاعها لاحقاً وضمها إلى الأراضي التركية في إطار تطبيق ميثاقها الملي الذي يهـ*ـدد وحدة دول المنطقة.

ومنذ أن فرضت تركيا سيطرتها على عفرين وهي تسعى للقضاء على تاريخ المنطقة وطمس هويتها الكوردية في إطار مشروع ما تسميه تركيا الميثاق الملي الذي يرى في هذه المنطقة ومناطق أخرى في سوريا والعراق كجزء من الأراضي التركية.

سيطرة تركيا على عفرين في 18 آذار عام 2018، تسببت بتهجير مئات الآلاف من سكان المنطقة الأصليين، وبدلاً منهم، وطنت تركيا أكثر من 400 ألف نازح سوري ومن عوائل عناصر المجموعات التابعة لها والمنضوية فيما يسمى الجيش الوطني.

ومنذ بداية السيطرة، شكلت المخابرات التركية ما يسمى مجالس محلية في هذه المنطقة واتبعتها لـ “الحكومة السورية المؤقتة” والتي تتخذ من تركيا مقراً لها وتستلم رواتبها من الحكومة التركية لإدارة المنطقة، ولكن في حقيقة الأمر فأن الأمر مختلف تماماً.

وكشفت تقرير لشبكة BBC في 7 آذار 2019 نقلاً عن أحد قيادات الفصائل الموالية لتركيا في عفرين بأن مجلس عفرين يتبع إدارياً لمقاطعة أنطاكيا (هاتاي) التركية المجاورة لمدينة عفرين.

ولجأت تركيا لتشكيل هذه المجالس من أجل التغطية على الجرائم المرتكبة ولكي توهم الرأي العام بأن المنطقة تدار من قبل الائتلاف السوري وسكانها، ولكنها في حقيقة الأمر تدار في غرف الاستخبارات التركية كما يتم إدارة الائتلاف والمجموعات المسلحة التي تستخدمها أنقرة كرأس حربة في حروبها الخارجية لتحقيق أطماعها.

وفي الخطوة الأولى بعد سيطرتها على مدينة عفرين، وطنت تركيا أهالي الغوطة وحماة وإدلب في مدينة عفرين كبداية لتنفيذ مخططها لتغيير ديمغرافية المنطقة، وسرعان ما طبقت أنقرة خطوتها الثانية والتي تمثلت بتوطين التركمان على طول الشريط الحدودي بين عفرين والأراضي التركية وإخراج المدنيين من قرى ناحية شران وبلبلة.

منظمة حقوق الإنسان في عفرين كشفت في تقرير لها، عن توطين تركيا للتركمان في ناحية شران وصولاً إلى ناحية بلبلة وتقديم مبالغ مالية كبيرة لهم لضمان بقائهم هناك.

وبعد توطين التركمان بدأت تركيا بخطوتها التالية عبر بناء جدار فاصل بين مناطق عفرين وضم بعض الأجزاء للأراضي التركية، وفي هذا السياق قامت تركيا ببناء جدار اسمنتي، بدءاً من قلعة سمعان وانتهاءً بمعبر باب السلامة في منطقة إعزاز بعمق 1 كيلو متر في ناحية شران وبلبله.

كما بنت تركيا جداراً إسمنتياً على طول الشريط الحدودي في ناحية بلبلة وناحية راجو لفصل تلك الناحيتين عن الأراضي السورية وضمها إلى الأراضي التركية لاحقاً.

وفي سياق ذلك، سيطرت تركيا على مسافة 315 متر من قرية باليا وكيلو متر واحد من قرية زعرة التابعتين لناحية بلبلة وذلك من خلال بناء جدار اسمنتي على الشريط الحدودي، والسيطرة على التلال الاستراتيجية في الناحية.

وفي إطار طمس هوية عفرين الكوردية، أقدمت تركيا وفي انتهاك صارخ للقوانين الدولية، على تغيير أسماء معالم منطقة عفرين وإزالة اللفتات التعريفية في مدخل المدينة وإطلاق تسميات تركية عليها.

وفي هذا السياق غيرت تركيا اسم قرية قسطل جندو إلى سلجوق أوباسي، وقرية كوتنلي إلى ظافر أوباسي، وقرية كرزيلي إلى جعفر أوباسي.

كما غيرت تركيا أسماء الساحات المشهورة في مركز مدينة عفرين مثل ساحة آزادي (الحرية) إلى ساحة أتاتورك، ودوار نوروز إلى صلاح الدين الأيوبي، والدوار الوطني إلى دوار 18 آذار، ودوار كاوا الحداد إلى دوار غصن الزيتون، وتغيير اسم ساحة السراي إلى ساحة أردوغان، هذا بالإضافة إلى رفع الأعلام التركية وصور أردوغان وصور أتاتورك فيها وكأنها ولاية تركية.

كما افتتحت تركيا جامعات في المنطقة تتبع للجامعات التركية، وبدأت بتدريس اللغة التركية بالقوة للمواطنين الكورد والعرب هناك ، وسط رفع الأعلام التركية، إلى جانب افتتاحها مركزاً ثقافياً من أجل الترويج للثقافة التركية مقابل منع السوريين من أداء طقوسهم الثقافية.

وفي خطوة للقضاء على تاريخ المنطقة، دمرت تركيا أكثر من 50 موقعاً أثرياً و78 تلاً أثرياً. وفي هذا السياق، نشرت مديرية الآثار في مقاطعة عفرين تقريراً قالت فيه، أن تركيا دمرت أكثر من 70% من الآثار المتواجدة في تل عين دارة الأثري نتيجة القصف الهمجي الذي استهدف الموقع الأثري في 29 كانون الثاني  2018. ولاحقاً بعد السيطرة على المنطقة استخدمت تركيا والفصائل التابعة لها الجرافات والآليات الثقيلة في عمليات الحفر وتدمير ما تبقى من آثار.

وفي موقع النبي هوري، قام لواء صقور الشمال بحفر الموقع وتخريبه بالآليات الثقيلة ونتيجة تلك الأعمال ظهرت لوحات فسيفسائية نادرة تم نقل جميعها إلى الأراضي التركية.

فيما دمر فصيل العمشات موقع “خرابي رزا” في قرية ترميشا في ناحية شيه ونهب لوحات فسيفسائية، كما حفر فصيل الحمزات والسلطان مراد مواقع في قرية براد في ناحية شيراوا ودمروا كنيسة مار مارون ونهبوا آثارها، كما حولت تركيا تل جندريسه الأثري إلى قاعدة عسكرية.

ولم ينفذ تل حلوبيه وبرج عبدالو وقرية كفر روم وتل شوربا وتل لاق في ناحية شران، وتل دودري في ناحية ميدانكي، وتل الجاجية في قرية دير بلوط وتل سنديانكه في ناحية جندريسه، وتل عبيدان في ناحية بلبله، من جرائم تركيا حيث دمرت القوات التركية هذه المواقع بشكل كامل.

الاعتداءات التركية على المواقع الأثرية لا تدل إلا على وجود خطة ممنهجة للقضاء على التراث وكل مقومات الحضارة في الشمال السوري والوصول إلى محو الهوية والذاكرة، وما يدل على ذلك هو أن القصف الذي وقع على عفرين كان قصفاً جوياً وبرياً في مناطق تخلو من الأهداف العسكرية، ومن هنا نكتشف ما تصبو إليه هذه القوات من أجل تدمير البنى الأثرية وتغييب التاريخ مدفوعين باعتبارات عنصرية شتى.

على ما يبدو أن ثقافة التخريب أو الدمار مرتبطة بأعداء الحضارة الإنسانية، إذ أن قصف وتدمير معبد عين دارا ما هو إلا محاولات لطمس معالم الوجود الإنساني وإلغاء التاريخ في هذا المكان، لكن ما حصل هو انتهاك واعتداء ليس فقط على موقع أثري وإنما هو اعتداء على كل المواثيق الدولية والإنسانية التي تحظر قصف المواقع الأثرية في حالات النزاع.

وطال التدمير التركي الممنهج الإرث المسيحي المشرقي في براد، وهذا ما يمكن تسميته بـ إرهاب دولة تجاه إرث مسيحي فريد في الشمال السوري. إذ أن تدمير ضريح القديس مارون في قرية براد الذي يعد موقعاً أثرياً مسيحياً له قيمته التاريخية والدينية والذي يعد محجّاً لأكثر من ستة ملايين مسيحي ماروني من كل بقاع العالم.

ويطلق مفهوم التتريك على عملية تحويل أشخاص ومناطق جغرافية من ثقافتها الأصلية إلى التركية بطريقة قسرية أو بالإكراه أو الإجبار والقهر غالباً.

ولم تسلم مزارات عفرين أيضاَ من ممارسات تركيا التي دمرت المزارات الدينية وخصوصاً مزارات الإيزيديين.

وتعرض مزار” حنان، مزار بارسا خاتون، شيخ حميد، قره جورنه، جل خانه بناحية شرا، مزار شيخ زيد في مدينة عفرين، مزار شيخ جنيد وشيخ محمد في ناحية جندريسه، مزار شيخ موس في ناحية راجو، مزار علي داده في ناحية شيه، مزار شيخ زيد في مدينة عفرين” للتخريب من قبل تركيا وفصائلها.

وجاء الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة في السادس من شباط المنصرم، كفرصة ذهبية لتركيا، من أجل استكمال تغيير ديموغرافية المنطقة والقضاء على تاريخها وثقافتها بشكل كلي، من خلال بناء المستوطنات وجرف التلال والمواقع الأثرية.

مشاركة المقال عبر