بعد انسـ ـحاب قـ ـوات وزارة الدفـ ـاع من السويداء… هل تتجّه المحافظة إلى الحصـ ـار الاقتصادي

بعد أيام من التصعيد العسكري والهجمات الدامية التي شنّتها قوات تابعة لوزارة الدفاع والداخلية لدى الحكومة السورية المؤقتة، على مناطق عدة من محافظة السويداء جنوب غربي سوريا، ذات الغالبية الدرزية وارتكاب عمليات إعدام ميدانية، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن وزارة الدفاع سحبت قواتها بالكامل من المحافظة، تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أُعلن عنه يوم أمس الأربعاء، ومع هذا الانسحاب أكدت مصادر محلية أن السويداء دخلت في مرحلة “الحصار الاقتصادي” التي فرضته الحكومة السورية المؤقتة عبر منع التجار من التعامل مع تجار السويداء ومنع صرّافي سوريا من تحويل الحوّالات المالية، وسط مناشدات بفتح طرق باتجاه مناطق الكورد وفتح المعبر الحدودي بين الأردن والسويداء.

انسحاب القوات الحكومية جاء بعد ضغطٍ دولي وهجمات إسرائيلية مُكثّفة استهدفت مواقع عسكرية في دمشق وريفها، بالإضافة إلى مناطق في درعا والسويداء، مستهدفة مخازن أسلحة وتحركات لقوات وزارة الدفاع لدى الحكومة المؤقتة، بينها قيادة الأركان في دمشق ومحيط القصر الجمهوري.

هجمات دامية ومئات القتلى والجرحى

ومنذ بدء التصعيد الغير مسبوق والتي لم تشهدها المحافظة بهذا العنف، فقد سقط أكثر من 374 قتيلاً توزعت على الشكل التالي بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان:

ـ 107 من أبناء محافظة السويداء (بينهم 28 مدنياً).

ـ 207 من عناصر وزارة الدفاع والأمن العام. والعدد الفعلي أكبر من ذلك بكثير.

ـ 18 من وزارتي الدفاع والداخلية جراء الغارات الإسرائيلية والعدد مرشح للارتفاع في ظل وجود جرحى.

ـ 27 حالة إعدام ميداني قام بها عناصر وزارة الدفاع والأمن العام والبدو بحق مدنيين.

فيما بلغ عدد الجرحى (700) جريح في المشافي. إلا أن مصادر محلية من المحافظة تفيد بأن أعداد القتلى أكبر بكثير من المُعلن خاصةً وأن المنطقة شهدت اشتباكات دامية ولم يتسنى بعد من توثيق العدد الحقيقي.

وبعد الانسحاب الكامل لقوات وزارة الدفاع والأمن العام من محافظة السويداء وسيطرة الفصائل المحلية من أبنائها، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة أظهرت مشاهد جثامين ملقاة على جانب الطرق، إلى جانب مشاهد وثّقت أضراراً كبيرة لُحِقت بمحال تجارية نتيجة التخريب إلى جانب عمليات النهب.

الوضع الإنساني يتطلب إغاثة عاجلة

نتيجة الاشتباكات الدامية التي جرت منذ يوم الأحد 13 يوليو / تموز، وعمليات النهب والسرقة التي قامت بها قوات وزارة الدفاع والداخلية التابعة للحكومة السورية المؤقتة بحسب أهالي السويداء، حيث فُقِدت الكثير من الاحتياجات المعيشية الرئيسية من الأسواق إلى جانب خروج المشفى الوطني عن الخدمة نتيجة دخول قوات وزارة الدفاع إليها وارتكاب مجزرة بداخلها وتخريب المعدات والأجهزة الطبية.

إدارة المشفى الوطني في السويداء وجّهت نداء استغاثة طارىء وعاجل وأعلنت أن المشفى بات خارج الخدمة بشكل كامل حيث توقفت أجهزة غسيل الكلى وجميع المعدات الطبية المرتبطة بالمرضى.

وأضافت أنه توجد داخله أكثر من 150 جثة ولا تتوفر أي قدرة على استقبال مزيد من الوفيات أو الإصابات. مشيراً أن الطاقم الطبي يعمل في ظروف شديدة الصعوبة ويواجه عجزاً تاماً في الأدوية، المستلزمات الأساسية، وأدوات الإسعاف الأولي.

وطالبت إدارة المشفى الوطني في السويداء:

ـ تأمين إعادة إيصال الكهرباء وتشغيل المولدات.

ـ فتح ممرات إنسانية آمنة لوصول الإمدادات الطبية وفرق الإغاثة.

ـ وفير الوقود لتشغيل غرف العمليات وأجهزة الإنعاش.

ـ تأمين المواد الطبية الأساسية، خاصة لمرضى الحالات المزمنة والطارئة.

ـ ضمان سلامة الطواقم الطبية والإسعافية أثناء أداء مهامهم.

ـ نقل الجثامين بطريقة تحفظ كرامة الموتى وتسمح بدفنهم وفق الإجراءات اللازمة.

ـ الوضع يتدهور بسرعة، وكل ساعة تأخير تعني مزيداً من الأرواح المهددة.

ـ ندعو جميع الجهات الدولية، والمنظمات الإنسانية، والهلال الأحمر والصليب الأحمر، إلى التدخل الفوري.

فرض حصار اقتصادي على السويداء

مصادر محليّة أفادت أن الحكومة السورية المؤقتة فرضت حصاراً على السويداء حيث أجبرت التجار وخاصةً في درعا على وقف التبادل التجاري مع تجار السويداء.

وأضافت المصادر أن الحكومة منعت أيضاً صرّافي سوريا من إرسال الحوالات المالية إلى السويداء.

وتُشكّل هذه الخطوة كارثة إنسانية حقيقية على أهالي محافظة السويداء، خاصةّ وأن المحافظة شهدت أياماً مأساوية إلى جانب وجود جرحى ومرضى ونقص كبير في المستلزمات الطبية وخروج الأجهزة الطبية الضرورية عن العمل، وهذا ما يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً للضغط على الحكومة المؤقتة لفك الحصار قبل أن تزداد معاناة الأهالي بشكل مضاعف.

السويداء.. بلد منكوب ومناشدات لفتح الطرق

أصدرت الرئاسة الروحية للموحدين الدروز برئاسة حكمت الهجري بياناً للرأي العام، أعلن خلاله بأن محافظة السويداء بات “بلداً منكوباً”، كما أعلن الحداد العام وفاءاً على أرواح شهداء السويداء.

ودعا البيان أبناء الطائفة الدرزية إلى رصّ الصفوف ومواساة أهالي الشهداء بالصبر والوقوف بجانبهم ولملمة الجراح بوعي ومسؤولية ومحبة. كما طالب بفسح المجال للفرق الطبية وفرق توثيق الانتهاكات.

بيان الموحدين الدروز طالب بفتح الطرق باتجاه الأخوة الكورد، كما توجه إلى جلالة الملك عبدالله الثاني في المملكة الأردنية الهاشمية التوجيه لفتح معبر حدودي بين السويداء والأردن.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى