تركيا سوريا

الترحيل من تركيا.. كابوس يؤرق السوريين ويضعهم أمام «مصير مجهول»… وتركيا تصفها بالعودة «الطوعية الآمنة والمحترمة»..!

لا يكاد يمر يوم دون تسجيل عمليات ترحيل السلطات التركية للاجئين السوريين من أراضيها نحو الأراضي السورية شمالي البلاد، عبر المنافذ الحدودية، وأبرزها معابر باب الهوى بريف إدلب الشمالي، وتل أبيض في الريف الشمالي لمحافظة الرقة وباب السلامة شمالي حلب، وحمام بريف عفرين.

وأمس الخميس، رحّلت السلطات التركية بشكل قسري عشرة لاجئين سوريين من ولاية أورفة إلى الأراضي السورية عبر معبر باب الهوى بريف إدلب الشمالي التي يُديرها كادر من “حكومة الإنقاذ”، التي تعتبر بطبيعة الحال، إحدى أذرع “هيئة تحرير الشام” المدنية.

وقال أحد اللاجئين السوريين من الذين تم ترحيلهم قسراً لموقع «فوكس برس» أن السلطات التركية اعتقلته بطريقة تعسفية وقد تعرض للضرب والشتم بعد أن حاول الاستفسار عن سبب عملية الترحيل المفاجئة ودون قيامه بمخالفة القوانين علماً أنه يحمل وثيقة حماية مؤقتة (كملك) نظامية وأذونات سفر، ما يعني عدم وجود أي مخالفة قانونية.

وأضاف أن السلطات التركية أجبرته على توقيع أوراق خاصة بالعودة “الطوعية” تحت تهديد السلاح.

وتابع أن السلطات التركية سلّمته برفقة 9 أشخاص آخرين إلى قسم مكافحة الإرهاب التابع لهيئة تحرير الشام عبر معبر باب الهوى، مشيراً أن الأخيرة فرضت عليهم دفع مبلغ 250 ليرة تركية مقابل الإفراج عنهم.

شهادات اللاجئين السوريين والتقارير الحقوقية الصادرة عن المنظمات الدولية حول عمليات الترحيل القسرية التي تقوم بها السلطات التركية تُكذّب الادعاءات الصادرة عن الجهات الرسمية التركية بأن اللاجئين يعودون طوعاً وبشكل آمن إلى بلادهم.

وفي هذا السياق؛ أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس الخميس، أن أكثر من مليون سوري عادوا إلى سوريا “عودة طوعية”، وأن أكثر من 470 ألفًا منهم في إدلب.

وذكر مستشار الصحافة والعلاقات العامة في الوزارة، زكي أكتورك، خلال مؤتمر صحفي عقده، أن أنشطة المساعدات الإنسانية ودعم البنية التحتية من أجل تطبيع الحياة في سوريا، تجري بالتنسيق مع المؤسسات والمنظمات العاملة ذات الصلة، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية.

وأوضح أن من عادوا من السوريين كانت عودتهم “طوعية وآمنة وباحترام” إلى منازلهم وأراضيهم.

وسبق وأن حذرت منظمة العفو الدولية في تقرير لها صدر في أواخر أكتوبر / تشرين الأول 2019 من الخطر المحدق باللاجئين السوريين الذين ترحلهم تركيا قسراً إلى مناطق تسيطر عليها في سوريا، ووصفتها “بمناطق النزاع”.

وأشارت المنظمة إلى أن زعم تركيا بأن “اللاجئين يختارون العودة مباشرة إلى منطقة النزاع، أمر خطير وغير نزيه، بل إن الاستطلاعات التي أجريت في المنطقة تظهر أن الناس يتعرضون للخداع والتضليل أو يجبرون على العودة”.

تتحفظ المواقع الإعلامية السورية الممولة من قبل تركيا، إضافةً إلى المعابر الخاضعة لسيطرة “الجيش الوطني السوري” على ذكر مفردات “ترحيل” أو “إعادة قسرية”، وتدرج المرحلين تحت بند “العائدون طوعياً”، رغم اعتقال السلطات التركية لهؤلاء الأشخاص والاعتداء عليهم بالضرب والتهديد وتوجيه الشتائم، ليتم الزج بهم في حافلات عسكرية وباصات خاصة لنقل السجناء مكبلي الأيادي حيث يتم تسليمهم لسلطات المعبر.

وتأتي عمليات الترحيل القسرية في وقت تشهد فيها المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا في سوريا فلتاناً أمنياً كبيراً من خلال انتشار جرائم القتل والخطف والتعذيب، إلى جانب التفجيرات والاغتيالات والاقتتال الداخلي المستمر، إضافةً إلى انهيار سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي مؤخراً حيث بات السوريين يعيشون في مأزق اقتصادي ومعيشي جديد، وفي مواجهة مباشرة مع غلاء وتقلبات أسعار الأدوية والسلع الغذائية والصناعية والوقود، مع تراجع كبير في الحركة الشرائية وحركة العمل.

وفي حزيران 2020، بدأ السوريون في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا بريف حلب وإدلب شمال غربي سوريا، بالتعامل بالليرة التركية بدلاً من العملة الوطنية السورية التي شهدت حينها انهياراً كبيراً أمام الدولار، وتسبّب انهيارها في ذلك الوقت بخسائر كبيرة عند التجار ورؤوس الأموال والصناعيين في المنطقة والموظفين والعمال.

ويأتي تراجع قيمة الليرة التركية وانعكاسها على الحياة المعيشية والاقتصادية عند سكان مناطق شمال غربي سوريا مع ارتفاع نسبة الفقر والعوز في شمال سوريا إلى قيمة 5018 ليرة تركية، في حين ارتفع حد الفقر المدقع، إلى قيمة 3790 ليرة تركية. كذلك وصل حد الفقر إلى مستويات جديدة، حيث تمثّل العائلات الواقعة تحت حد الفقر في الشمال السوري نحو 89.24 في المائة من عدد السكان، في حين بلغت نسبة العائلات التي وصلت إلى حد الجوع 39.64 في المائة، وفقاً لمنظمة «منسقو استجابة سوريا»، التي تهتم بتغطية الجانب الإنساني في المنطقة الشمالية والغربية من سوريا.

وأشارت في تقريرها إلى أن «أكثر من 11 ألفاً و372 عائلة فقدت مصادر دخلها نتيجة الزلزال الأخير الذي تعرضت له المنطقة في السادس من شباط، ووصلت نسبة البطالة العامة إلى 87.3 في المائة بشكل وسطي (مع اعتبار أن عمال المياومة ضمن الفئات المذكورة)».

وسجلت الليرة التركية أدنى هبوط تاريخي لها مؤخراً، مسجلة 26.02 ليرة للدولار و28.41 ليرة لليورو، لتخسر إجمالا منذ بداية العام ما نسبته 28 في المائة من قيمتها.

مشاركة المقال عبر