الأخبار سوريا

في سوريا.. شيوخ قبائل وعشائر يهانون ويعتقلون وآخرون يُكرمون

أظهرت الأحداث الأخيرة في عدد من المناطق السورية كيفية التعامل مع شيوخ ووجهاء العشائر سواء من قبل قوات الحكومة السورية أو فصائل الجيش الوطني أو قوات سوريا الديمقراطية.

وشهدت الساحة السورية خلال الأيام الأخيرة الماضية عدة أحداث كان محورها شيوخ ووجهاء العشائر خصوصاً العربية منها.

ولعل أبرز تلك الأحداث تعرض أحد شيوخ قبيلة الجبور العربية للاعتداء والإهانة على يد قائد مجموعات الدفاع الوطني التابعة لقوات الحكومة السورية في مدينة الحسكة، قبل عدة أيام أثناء تواجده في المربع الأمني. وعليه حشدت القبيلة شبانها الذين اقتحموا مساء اليوم المربع الأمني واندلعت اشتباكات بينهم وبين عناصر الدفاع الوطني، أصيب على إثرها 4 من أفراد قبيلة الجبور وعنصر من الدفاع الوطني الذين حاولوا استهداف شيخ قبيلة الجبور الشيخ عبد العزيز المسلط بالرصاص الحي.

وفي الوقت الذي كان فيه الجميع ينتقد تصرف الحكومة السورية تجاه شيوخ العشائر العربية الذين يتميزون بمكانة اجتماعية خاصة ليس فقط ضمن قبائلهم وعشائرهم بل ضمن المجتمع ككل، فالمعروف بأن شيوخ ووجهاء العشائر والقبائل هم أشخاص حكماء يتدخلون دوماً لفض النزاعات وحقن الفتن والدماء وقطع الطريق أمام تطور الأحداث، تعرض شيخ عشيرة “البوشعبان” في ريف مدينة حلب للاعتقال على يد فصائل الجيش الوطني.

واعتقل شيخ العشيرة أثناء مشاركته في وليمة بحضور قيادات في الجيش الوطني والائتلاف السوري ببلدة الراعي الخاضعة لسيطرة تركيا والفصائل التابعة لها، وسبب الاعتقال كان إن الشيخ انتقد ممارسات فصائل الجيش الوطني بحق سكان المنطقة وعمالة وارتزاق بعضهم، خصوصاً مع انتشار الاختطاف والاغتصاب ونهب ممتلكات المواطنين وتهريب البشر واعتقالهم.

هذان الحدثان ليسا حادثتين أو واقعتين بين شخصين أو عدة أشخاص وهي ليست خلافات شخصية على مواضيع حياتية يمكن أن تحدث مع أي شخص كان، بل هي أحداث تعبر عن ذهنية التعامل مع شيوخ القبائل والعشائر.

فالحكومة السورية عندما تريد تجبر شيوخ العشائر الموالية لها على التجمع وإصدار بيانات بما يتناسب مع سياستها وحينما لا تكون بحاجة العشائر فأنها تتعرض للشيوخ.

أكبر مثال على ذهنية الحكومة السورية في التعامل مع العشائر العربية هو ما شهدته قرى ريف القامشلي أثناء زيارات ضباط قوات الحكومة السورية والقوات الروسية إلى شيوخ العشائر في ريف القامشلي، حيث لم يعد الضباط أي اهتمام للعادات والتقاليد العربية وقيمة مجالس شيوخ العشائر، حيث انتشرت لهم صور وهم يسيرون بأحذيتهم ضمن مجالس الشيوخ في انتهاك واضح للأعراف المجتمعية وإهانة للشيوخ وعدم احترام مكانتهم أمام أبناء عشائرهم وقبائلهم.

أما الفصائل الموالية لتركيا، فهي سبق وأن اختطفت واعتقلت شيوخ عشائر عربية في مدينة تل أبيض، وانتهكت حرمات منازلهم في وقت يستجير الناس بمنازل الشيوخ لحماية أنفسهم من القتل والضرب والإهانة على يد غيرهم ليتدخل الشيوخ ويقوموا بحل الخلافات حتى وإن تطلبت دفعت دية عن الدخيل.

العشائر العربية طالما تميزت بالكرم وحسن الضيافة، وسعى شيوخها دوماً لوأد الفتن والوقوف بوجه كل ما هو مضر لمصلحة الشعب، ومنعت دوماً الصدام بين المكونات وعززت اللحمة الوطنية وشاركت منذ القدم في الدفاع عن الأرض السورية، ولكن اليوم يتعرض شيوخها ووجهاءها للاعتقال والإهانة، على يد الحكومة السورية والجيش الوطني.

ما فعلته قوات الحكومة السورية والجيش الوطني بشيوخ العشائر يذكرنا بما فعله تنظيم الدولة الإسلامية بهم، حيث أهملهم واستهدفهم أينما كانوا من أجل فرض سيطرتهم على المجتمع من خلال التخلص من الشيوخ الذين حافظوا على السلم الأهلي، فغياب الشيوخ ومن يتوقف الجميع بسماع كلمة منه، يؤدي إلى انتشار الفوضى والقتل والتشتت، ويبدو أن هذا ما تسعى إليه قوات الحكومة السورية والجيش الوطني.

بالمقابل من ذلك، شهدت مناطق شمال وشرق سوريا، مؤخراً عدة اجتماعات بين شيوخ ووجهاء العشائر والقبائل في الحسكة والرقة والطبقة وصرين وعين عيسى وتل أبيض ومناطق أخرى. الملفت للانتباه أن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي كان يشارك بنفسه في تلك الاجتماعات ويتبادل أطراف الحديث مع الشيوخ عن الشؤون العسكرية والسياسية والاجتماعية وحتى الخدمية.

ففي تلك الاجتماعات، استمع مظلوم عبدي لمطالب شيوخ العشائر والتي هي مطالب الشعب وليست مطالب شخصية للشيوخ خصوصاً فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والخدمية، وأكد أنه سيبذل قصارى جهده في التواصل مع مؤسسات الإدارة الذاتية من أجل الوقوف على تلك المشاكل وحلها في أقرب وقت. ومن بين تلك الوعود تأمين نحو 50 صهريج ماء يقدمون المياه لأهالي الحسكة بشكل مجاني حتى نهاية شهر آب الجاري حيث درجات الحرارة المرتفعة.

إن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ومجلس سوريا الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية تولي احتراماً كبيراً لشيوخ ووجهاء القبائل والعشائر، وهؤلاء بدورهم يحافظون على السلم الأهلي في المنطقة ويؤكدون دوماً وقوفهم إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية. هذا هو الفرق بين المناطق السورية والتعامل مع الشيوخ وسادة القوم.

مشاركة المقال عبر