تركيا سوريا شمال وشرق سوريا

د١عـ ـش يُنفّذ 4 هجـ.ـمات في شرق الفرات منذ مطلع العام… فما علاقة محور أستانة بذلك؟

شهد مطلع العام الجديد عودة نشاط تنظيم “الدولة الإسلامية” بشكل ملحوظ، في إطار تكثيف خلايا “التنظيم” لعملياته وذلك في ضرب أهداف ومواقع عسكرية وشن هجمات مباغته ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

ووفقاً لمتابعات المرصد السوري لحقوق الإنسان، حيث شن “التنظيم” 4 هجمات في شرق الفرات والتي تركزت بشكل أساسي على أرياف دير الزور الشرقي والغربي والحسكة.

وقال المرصد أن التنظيم شن 3 هجمات في دير الزور أسفرت عن مقتل عنصر من قوى الأمن الداخلي “الأسايش” وإصابة آخرين بجراح، وهجوماً واحداً في الحسكة أسفرت عن مقتل عنصرين من تنظيم “الدولة الإسلامية”.

في التاسع عشر من يوليو / تموز 2022 عُقدت قمة ثلاثية في طهران جمعت بين زعماء دول إيران وروسيا وتركيا، إذ طغى حينها الملف السوري على طاولة النقاش بينهم وعلى رأسها العمل على كيفية إخراج القوات الأميركية من سوريا ووضع الخطط من أجل ذلك.

كان من بين الخُطط الموضوعة حينها هي توكيل المهمة الرئيسية لتركيا لإخراج أميركا من سوريا وذلك عبر مهمتين؛ الأولى من خلال التهديدات التركية المتكررة وزيادة هجماتها على مناطق شمال وشرقي سوريا، والتي استهدفت من بينها عبر طائرة مسيّرة قاعدة مشتركة لقوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي لتخطيط وانطلاق العمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية، في شمال محافظة الحسكة في الـ 22 نوفمبر 2022.

أمّا الخطة الثانية، تمثلت في سياق تجنيد تركيا الخلايا المرتبطة بها بهدف استهداف الدوريات الأمريكية في شمال وشرق سوريا، حيث لا يخفى على أحد مدى كثرة الخلايا المرتبطة بتركيا على الأرض مما يساعد في مباشرة الخلايا القيام بمهامها في زعزعة استقرار المنطقة خاصةً مع الهجمات البرية والجوية التي تنفذها باستمرار والتي تسهل أيضاً من تحركات تنظيم الدولة الإسلامية.

ورغم ذلك فشلت هذه الأطراف من التوصل لإخراج التحالف الدولي وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية من سوريا، لهذا قرّرت (تركيا، إيران، روسيا والحكومة السورية) في الجولة العشرين لاجتماع أستانا الذي عُقد في 20 و21 حزيران 2023، الاتفاق على خُطط جديدة لزيادة الضغط ووضعها في موقف حرج جداً.

إذ ظهرت بوادر الاجتماع الرباعي للعلن وذلك مع محاولة هذه الأطراف خلق توترات وخلافات بين قوات سوريا الديمقراطية والعشائر العربية في دير الزور، بعد أن قاموا بإرسال مسلحين من غرب الفرات لشرقه وشن هجمات ضد قوات قسد وإظهار ذلك أنها ثورة عشائرية ضد الوجود الأمريكي وقسد تحت مسمى «فزعة العشائر» وتوجيه الآلة الإعلامية رغم أن مقاطع فيديو وصور وتقارير أكّدت أن لا وجود لأي ثورة عشائرية في المنطقة وإنما ما جرى هو عمل منظّم قامت بها أطراف أستانة خاصةً مع ترأس هذه المجاميع المسلحة قيادات ضمن فصائل مدعومة من قبل إيران وعلى رأسهم “هاشم مسعود السطام” قائد ما يُعرف باسم “أسود العكيدات”، إضافة إلى المدعو “فراس العراقية” قائد مجموعات الدفاع الوطني في دير الزور.

وتزامن ذلك مع شن تركيا هجمات برية عبر فصائلها على قوات سوريا الديمقراطية باسم العرب السنة الذين يتعرضون للتمييز على يد تركيا نفسها والتي تدعم الفصائل التركمانية وتسعى لتصفية الفصائل العربية السنية رغم أنها تابعة لها.

ولم ينتهِ الأمر هنا إذ شنت تركيا هجمات جوية عنيفة ضد مرافق خدمية وبنى تحتية في شمال وشرق سوريا، الأولى كانت في تشرين الأول 2023 والثاني في كانون الأول 2023.

فهدف إيران وتركيا وروسيا والحكومة السورية هو واحد يتمثل بإخراج الولايات المتحدة من المنطقة من أجل القضاء على الإدارة الذاتية والسيطرة على مصادر النفط والغاز، ولذلك تدعم هذه الأطراف بشكل أو آخر مختلف التنظيمات التي تشن الهجمات على شمال وشرق سوريا ومن بينها تنظيم الدولة الإسلامية.

فالحكومة السورية وإيران تقدمان الدعم للتنظيم وتسهلان مروره من مناطق سيطرته في عمق البادية السورية الخاضعة لسيطرة الحكومة إلى مناطق شمال وشرق سوريا عبر نهر الفرات.

وفي هذا السياق كان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد كشف خلال عام 2023 كيف أن إيران والحكومة السورية لعبتا دوراً كبيراً في تسهيل هجوم تنظيم الدولة على سجن الصناعة في مدينة الحسكة عام 2022 والذي يضم عناصر التنظيم المعتقلين وخصوصاً القادة منهم والذين يتعبرون خطيرين جداً وذلك بالتنسيق مع تركيا.

ووثق فريق منظمة “أبحاث تسليح النزاع شمال شرقي سوريا”, خلال إحدى تقاريره الشهرية الصادرة في كانون الثاني 2023 العلاقة بين تنظيم “داعش” و”الجيش الوطني” الموالي لتركيا بحيازة أسلحة تعود لجهة واحدة.

إذ عثر فريق البحث التابع للمنظمة البريطانية, على مواد استخدمها عناصر “داعش” في ثلاث عمليات كبرى لاستعصاءات وقعت في عدة سجون، من بينها استعصاء سجن الصناعة بالحسكة مطلع 2022.

وكشف فريق البحث، خلال عمليات التحري بعد كل استعصاء للتنظيم وجود علامات مميزة على الأسلحة المستخدمة، تعود لجهة واحدة، هي “الجيش الوطني السوري” الموالي لتركيا, بحسب الفريق.

كما أن تركيا تأوي عناصر وقادة التنظيم في المناطق السورية الخاضعة لسيطرتها، ومنحتهم هويات مزيفة وأمنت الحماية لهم، كما قُتل أبرز زعماء التنظيم أبو بكر البغدادي في أكتوبر/تشرين الأول 2019 ثم أبو إبراهيم القرشي في فبراير/شباط 2022 على يد القوات الأميركية في محافظة إدلب شمال غرب سوريا وعلى بعد مئات الأمتار من نقاط المراقبة التركية.

مشاركة المقال عبر