الأخبار سوريا

العيد أقبل… الأسـ ـر الفقـ ـيرة تتمسك بآخر خيوط البهجة لتـ ـبثه في أطفالها الصغار

مع قرب حلول عيد الفطر، تحاول الأسر السورية الفقيرة والتي تبلغ نسبتها 90 % من السوريين الذين يعيشون على أرض الوطن، التمـ ـسّك بآخر خيوط البهجة والفرح لتـ ـبثها في أطفالها الصغار، عسى أن تتمكن من زرع بسمة أمل على محيّاهم بمناسبته.

ففي وقت يفترض أن يعج بالحياة والسعادة والتجدد يجد المواطن نفسه منهكاً، محاصراً ما بين رغبته بالاحتفال مع أسرته وأطفاله بمناسبة العيد، وبين واقعه الأليم الذي حوّل العيد إلى مناسبة ثقيلة وموجعة نتيجة الغلاء الفاحش، وتدني الأجور الذي حال دون قدرة رب الأسرة على تأمين مستلزماته، حتى ضمن حدودها الدنيا.

ففي أخر أيام شهر رمضان المبارك، بدأت الأسواق تزدحم بالمواطنين في عموم المدن السورية، وبدأ أصحاب المحالات بعرض بضائعهم بطرق مغرية لعلها تلفت انتباه المارة لشرائها، ورغم كل الازدحام البشري في الشوارع والأسواق، إلا أن المحلات تكاد تكون فارغة من الزبائن.

حالة الركود شديدة، فرغم زيادة المعروضات وتنوعها والتفنن بعرضها، إلا أن الإقبال على الشراء ضعيف جداً، نتيجة الأسعار الصادمة وقلة حيلة المواطنين وعجزهم.

المشهد العام الظاهر في أسواق دمشق ومحالها يوحي ببهجة العيد، لكن في العمق منه هناك مشهد آخر على النقيض تماماً، فالسمة الغالبة على وجوه الناس المزدحمة في الأسواق هي مظاهر البؤس والحرمان والأسى، بل والجوع البادي على صحتهم وسحناتهم.

فمرتادو الأسواق، على كثرتهم، يكتفون بالنظر إلى واجهات المحال ومعروضاتها دون الجرأة على الاقتراب منها أو شرائها، وفي أحسن الأحوال ربما يرضون غرورهم بالاستفسار عن أسعارها فقط.

وتبلغ التكلفة الوسطية لكسوة جديدة للفرد الواحد 500 ألف ليرة تقريباً، ولذلك تجد غالبية العائلات صعوبة في تأمين متطلبات جميع أفرادها للعيد.

ففي الأسواق الشعبية، يتراوح سعر بنطلون الجينز النسائي بين 150-300 ألف ليرة، أما الكنزة فبين 75-300 ألف ليرة، وفي حال رغبةِ السيدة بطقم كامل فلن تجده بأقل من 600 ألف ليرة.

أما ألبسة الأطفال فيتراوح سعر الجينز الولادي بين 75-150 ألف ليرة، الكنزة أو القميص 75-120 ألف ليرة، وفي حال رغبةِ الطفل بطقم كامل فتكلفته بين 200 -300 ألف ليرة.

الألبسة الرجالية أيضاً كانت لها حصتها من الارتفاع، حيث يتراوح سعر الجينز الرجالي بين 175 – 300 ألف، أما القميص أو الكنزة فتأرجح أسعارها بين 100–300 ألف ليرة.

سوق الأحذية ليس أفضل حالاً من الألبسة، حيث تتراوح أسعار الأحذية الولادية بين 75-200 ألف ليرة، في حين يتراوح سعر الأحذية النسائية بين 150-250 ألف ليرة، بينما تتراوح أسعار الأحذية الرجالية بين 200 إلى 300 ألف ليرة.

وهذه الأسعار هي بالنسبة للأسواق الشعبية، أما الأسواق المركزية فالسعر يكاد يكون مضاعفاً، ويقتصر زبائنها على الطبقة ميسورة الحال.

وفي ظل ارتفاع الأسعار وتردي الوضع المعيشي لغالبية السوريين، تلجأ العديد من الأسر إلى أسواق البالة للألبسة المستعملة، ربما تجد فيها ملاذاً ينقذ ما تبقى من أمل، فالأسعار فيها تكون أقل بكثير من أسعار السلع الجديدة.

وفي ظل الرواتب المتدنية التي يتقاضاها المواطنون خصوصاً في مناطق سيطرة الحكومة السورية والتي لا تتجاوز 300 ألف ليرة سورية، يبقى المواطن عاجزاً عن شراء ألبسة العيد لأفراد عائلته وخصوصاً الأطفال، فالعيد لا تكتمل بهجته عند الأطفال إلا بارتداء الملابس الجديدة، وقد سُلبت منهم هذه الفرحة.

وكان المجتمع السوري سابقاً يبدأ التحضير للعيد قبل حلوله بأسبوع من خلال إعداد أنواع مختلفة من الحلويات والمعجنات، ولكنها اليوم باتت من الكماليات التي بات غالبية السوريين بعيدين عنها، أما الحلويات والمعجنات الجاهزة فقد أصبحت ضرباً من الخيال ولم يعد بإمكان السوريين شرائها.

ففي العاصمة دمشق، تتراوح أسعار الشوكولاته بين 200-400 ألف ليرة للكيلو غرام الواحد، أما الراحة بالفستق الحلبي «النوغا» فتتراوح بين 150-350 ألف ليرة، المن والسلوى بين 85–200 ألف ليرة، في حين بدأت أسعار السكاكر من 50 ألف ليرة، أما «التوفي» أو «الكراميل» فتراوح سعر الكيلو غرام منها بين 50-100 ألف ليرة.

أما عن أسعار «البرازق» «الغريبة» «والعجوة» فهي تتأرجح بين 50_150 ألف ليرة حسب نوع السمن المستخدم، وهو نباتي غالباً، في حين سجل سعر البقلاوة 350 ألف ليرة كحد أدنى، حالها حال باقي أصناف الحلوى العربية، التي تجاوزت أسعارها 600 ألف للإكسترا منها.

ويقول أصحاب المحال التجارية على اختلاف أنواعها، أن إقبال المواطنين هذا العيد كان قليلاً جداً مقارنةً بالعام الماضي، حيث وصلت نسبة الإقبال هذا العام إلى الربع فقط مقارنة بعيد الفطر الماضي، والتي كانت منخفضة عن نسبة الإقبال في العيد الذي قبله أيضاً، بتراجع سنوي في الإقبال على الشراء.

اليوم وفي ظل الوضع الأليم الذي يعيشه السوريون، امتد الظلم والحرمان ليطال فرحة الأعياد والمناسبات، فبعد سلب الكبار طقوس هذه الفرحة خلال العقود الماضية تباعاً، انضم الصغار إلى قائمة المحرومين منها خلال السنوات الماضية.

مشاركة المقال عبر