تصاعد حدّة الانتـ ـهاكات بحق المدنيين الكورد في منطقة عفرين

اعتداءات ومحاولات قتل

تواصل الفصائل المسلحة الموالية لتركيا وبعض المستوطنين القادمين إلى المنطقة بعد سيطرة تركيا على منطقة عفرين في مارس / آذار 2018 انتهاكاتها بحق المدنيين الكورد، في مشهد يعكس عدم جديّة الحكومة الانتقالية السوريَّة بتنفيذ الاتفاق المُبرم مع قوات سوريا الديمقراطية.

شهد ريف منطقة عفرين، شمالي حلب، مؤخراً سلسلة من الاعتداءات العنيفة التي استهدفت مدنيين كورد، في ظل تزايد حالات الانفلات الأمني والانتهاكات بدوافع عنصرية من قبل بعض المستوطنين.

الاعتداء بالضرب

في ناحية راجو، أقدم المدعو “إبراهيم ناصر” الملقب بـ “أبو مثنى الحديدين”، وهو مستوطن ينحدر من قرية تل ضمان في ريف حلب الجنوبي، برفقة أولاده وإخوته – ويُقدّر عددهم بحوالي 20 شخصاً – على الاعتداء ضرباً على المواطن الكوردي “محمد منان”، مختار قرية بليلكو، بالإضافة إلى اثنين من العمال العاملين معه. الحادثة وقعت في وضح النهار، وسط تجاهل تام من الجهات المسيطرة في المنطقة، ما أثار استياءً واسعاً بين الأهالي.

محاولة قتل

وفي حادثة أخرى أكثر خطورة، تعرّض الشاب الكوردي “كاميران حسن بكر” (31 عاماً)، مساء الجمعة 2 مايو / أيار 2025 لمحاولة قتل بدوافع عنصرية، على يد مجموعة من المستوطنين المنحدرين من عشيرة العجيل والمقيمين في قرية فيركان بناحية شران.

وبحسب شهود عيان، تم إطلاق النار عليه بشكل مباشر، ما أدى إلى إصابته برصاصة في الصدر قرب القلب، وهو حالياً يرقد في أحد مشافي عفرين في وضع صحي حرج.

ووفقاً للمعلومات الواردة، فإن من يقف وراء عملية إطلاق النار هم: “علي عيسى فارة” مختار القرية، والذي أعطى الأمر بإطلاق النار، إلى جانب “أسعد فارة” ابن شقيقه، و”أحمد عرب” و”محمد العجيلي”.

الناشط في مجال حقوق الإنسان، إبراهيم شيخو، أشار إلى الشاب الكوردي كان قد عاد إلى قريته منذ حوالي شهر تقريباً من أماكن النزوح القسري، مضيفاً أن المعتدين حاولوا بعد عودته بإهانته وإزلاله إلا أنه لم يرضخ لهم ، وهذا كان سبباً مباشراً بإطلاق النار عليه.

ولفت “شيخو” إلى أن المُعتدين يقيمون في القرية منذ وقت بعيد وهم (غنامة) يعملون في مجال تربية المواشي، وبعد احتلال منطقة عفرين حملوا السلاح مع فصائل مايعرف سابقاً بـ “الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا في الجبهة الشّامية بقيادة المدعو “عيسى بدالو” المسيطرة على هذه القرى في ناحية شران بريف عفرين.

اتفاق “دمشق ـ قسد”

في إطار تعزيز الحوار السوري – السوري، وتنفيذاً للاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة الانتقالية السورية في 10 آذار الماضي، عقد وفد من الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا اجتماعاً مع محافظ حلب في 20 نيسان الفائت، لبحث أوضاع المهجّرين من عفرين والبالغ عددهم نحو 250 ألف شخص.

وترأس الوفد مستشار الإدارة الذاتية بدران جيا كرد، وضم ممثلين عن مجلسي الشيخ مقصود والأشرفية، إلى جانب منسقية المرأة والقوات الأمنية. فيما استقبلهم محافظ حلب عزام الغريب وعدد من مسؤولي المحافظة، بينهم المكلّف بملف عفرين لدى الحكومة.

الاجتماع ركز على العراقيل الأمنية التي تمنع عودة الأهالي، لا سيما استمرار وجود فصائل مسلّحة خارج السيطرة الحكومية، وتواصل الانتهاكات ضد المدنيين، بحسب ما أوضح جيا كرد. كما دعا إلى وضع جدول زمني للعودة الآمنة، بضمانات حكومية ودولية تحمي العائدين.

محافظ حلب أكد أن العمل جارٍ لحل ملف المهجّرين “بالسرعة القصوى”، مشدداً على التنسيق المستمر مع الإدارة الذاتية لتأمين عودة طوعية وكريمة.

وعود لم تُترجم

ويرى نشطاء حقوقيين كورد إلى أن الوعود المقدّمة من جانب محافظ حلب لم تُترجم عملياً، ففي حين أن الوعود تطرّقت إلى عودة المهجّرين الكورد إلى عفرين وتأمين عودة طوعية وكريمة، إلا أن هذا لم يحصل رغم مرور نحو أسبوعين على آخر اجتماع خاصةً وأنه لم تخرج أي بيانات تؤكد التزامهم بالاتفاق، بالإضافة إلى أن المدنيين الكورد ممن يتواجدون في عفرين يتعرضون أيضاً لانتهاكات جسيمة وسط صمت حكومي.

النشطاء أشاروا أن أهالي عفرين يتطلعون من الإدارة الذاتية التوصل إلى اتفاق مشابه، ويفضلون أن يتم تشكيل قوات أمن داخلي من أهالي عفرين ممن لديهم خبرات في هذا المجال خلال فترة وجود الإدارة الذاتية في عفرين قبل عام 2018. كون إن مثل هذا الاتفاق سيساهم في تعزيز الأوضاع الأمنية بما يخدم توجهات حكومة دمشق التي تتعرض لانتقادات إقليمية ودولية بسبب الفلتان الأمني في البلاد.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى