د..ا..عـ ـش يعيد ترتيب صفـ ـوفه في سوريا ويعـ ـين والـ ـيـ ـاً جديداً لحلب

أبو دجانة الجبوري قيادي سابق في جبهة النصرة

في تطور لافت على الساحة السورية، أفادت مصادر خاصة لصحيفة “الشرق الأوسط” بأن تـ ـنـ ـظـ ـيم د..ا..عـ ـش قـ ـام بتعـ ـيين قيـ ـادي جديد على رأس فـ ـرعه في محافظة حلب، هو أبـ ـو دجـ ـانة الجـ ـبـ ـوري، أحد القـ ـادة السابقين في “جبـ ـهة النـ ـصـ ـرة”، وذلك في خطوة يُنظر إليها كجزء من محـ ـاولة التـ ـنـ ـظـ ـيم إعـ ـادة ترتيب أوراقه ومـ ـواقـ ـعه في سوريا، بعد سنوات من الضـ ـربـ ـات الأمـ ـنـ ـيـ ـة والانـ ـحـ ـسـ ـار العسـ ـكـ ـري.

شخصية محورية منشقّة

و”أبو دجانة الجبوري”، وهو سوري من مدينة حلب، له تاريخ طويل من القتال والتنظيم، حيث سبق أن شارك في المعارك في العراق بعد الغزو الأميركي، قبل أن يعود إلى سوريا ويمضي عامين في سجن صيدنايا. شغل لاحقاً مواقع قيادية بارزة في معسكرات “جبهة النصرة”، لكنه انشق عنها وانضم إلى “داعش” عام 2014، متبنياً توجهه الأكثر تطرفاً.

ويمثل تعيينه رسالة رمزية واستراتيجية، لما يمتلكه من معرفة دقيقة ببنية “هيئة تحرير الشام” (النصرة سابقاً)، ما يجعله أداة مفيدة في الصراع المفتوح بين الطرفين، خاصة في ظل تصاعد التوتر بين داعش والهيئة، وتوجيه اتهامات متبادلة بين التنظيمين وصلت إلى حد تكفير القيادة الجديدة للهيئة.

دلالات اجتماعية وسياسية

اختيار الجبوري ليس فقط على أساس خبراته الأمنية، بل أيضاً لأسباب اجتماعية وعشائرية، فهو ينتمي إلى عشيرة “الجبور” الواسعة الامتداد في سوريا والعراق، الأمر الذي قد يُسهّل عليه استقطاب أبناء العشائر الساخطين على الترتيبات السياسية الحالية، وخاصة مع تنامي الغضب داخل الأوساط المتشددة بسبب التقارب الأخير بين سلطة أحمد الشرع وواشنطن وتل أبيب.

يُنظر إلى الجبوري كذلك كـ”بديل محلي” عن قيادات “داعش” السابقة التي اتُّهمت بالانفصال عن الواقع السوري، ما قد يساعد التنظيم على استعادة حواضنه الشعبية التي فقدها في السنوات الماضية.

عودة أمنية تدريجية

وفي السياق الأمني، تبنّى تنظيم “داعش” للمرة الأولى منذ فترة هجومين متزامنين في بادية السويداء، استهدفت الأولى قوات تابعة لسلطة دمشق، والثانية “قوات سوريا الحرة” المدعومة أميركياً في قاعدة التنف. وأسفر أحد الهجومين عن مقتل عنصر وإصابة ثلاثة آخرين.

وشهدت مناطق حلب وريف دمشق اشتباكات وعمليات اعتقال لعناصر مرتبطة بالتنظيم، بعضها كان يخطط لهجمات على مواقع دينية في العاصمة، أبرزها مرقد السيدة زينب.

تصاعد في وتيرة الهجمات

ووفقاً لتقارير تنظيمية داخلية، منها ما نُشر في مجلة “النبأ”، فإن عدد الهجمات التي يشنها التنظيم ارتفع بشكل ملحوظ منذ بدء القوات الأميركية تقليص وجودها في سوريا في نيسان الماضي، حيث بلغ متوسط العمليات أربعة عشر هجوماً شهرياً، مقارنة بخمسة فقط في الأشهر السابقة.

وتعتمد هذه الهجمات على أسلوب “الخلايا الصغيرة” و”الذئاب المنفردة”، ما يعكس ضعفاً في القدرات المركزية، لكنه في الوقت ذاته يُشير إلى مرونة تكتيكية وتحوّل في أساليب التنظيم من السيطرة إلى العمل الأمني التخريبي.

استغلال الفراغ الأمني

وبعد سقوط نظام بشار الأسد في نهاية عام 2024، استغل داعش الفراغ الأمني الحاصل في بعض المناطق ونجح في إعادة هيكلة بعض وحداته، مستفيداً من أسلحة ومخازن النظام التي استولى عليها. مناطق انتشاره الحالية تشمل البادية السورية، وأجزاء من دير الزور، وصحراء حمص، إضافة إلى جيوب في السويداء ودرعا.

وينذر عودة “داعش” إلى المشهد السوري بتصاعد موجة جديدة من عدم الاستقرار الأمني، خاصة مع استمرار الخلافات بين الفصائل المسلحة وغياب حل سياسي شامل. ويشكل تعيين أبو دجانة الجبوري مؤشراً واضحاً على محاولة التنظيم تجديد نفسه محلياً، والاستفادة من تحولات ما بعد الأسد، في مشهد معقد تتداخل فيه البُعد الأمني مع العوامل الاجتماعية والإقليمية.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى