الأخبار

التضييق على السوريين يتصاعد في تركيا… رسائل تهجير ودعوات طرد

عادت أشباح التهجير لمطاردة السوريين في تركيا، في ظل حملات كراهية تشمل دعوات لطردهم إلى بلادهم، بعد إرسال بلديات تركية عدة رسائل نصية إلى سوريين تعلن فيها استعدادها لنقلهم إلى الحدود على نفقتها، ومنح مبالغ مالية للأسر التي تقرر العودة.

ويؤكد السوري المقيم في منطقة “أسينيورت” بإسطنبول، وائل الحاج، وصول رسائل إلى السوريين تطالبهم بالعودة إلى بلادهم “من دون تحمّل أي أعباء مالية” عبر نقلهم على نفقة البلدية، مشيراً إلى أن “القصة ليست جديدة، بل هي مستمرة، حتى خلال ذروة تفشي كورونا، وسبق أن نقلت بلدية أسينيورت سوريين إلى معبر باب الهوى، ولكن في الفترة الحالية تصاعدت الحملة، والآن التسجيل مفتوح في البلدية لمن يريد العودة في ظل إغراءات تتضمن مبلغاً مالياً”.

في المقابل، أعلنت وزارة الداخلية التركية مطلع الشهر الجاري، إغلاق حدود العاصمة أنقرة أمام تسجيل الحماية المؤقتة، إضافة إلى ولايتي إسطنبول وإزمير، وتحديد هوية السوريين الذين يتمتعون بصفة الحماية المؤقتة في أنقرة، والمسجلين في مقاطعات أخرى لإعادتهم إلى المقاطعات التي سُجِّلوا فيها، وستكون إجراءات إقامتهم في تلك المقاطعات متبوعة بالتزام الإخطار.

وأكدت الداخلية التركية مواصلة احتجاز المهاجرين الذين ليس لديهم وضع حماية، أو تصريح إقامة من قبل وحدات إنفاذ القانون في مراكز الترحيل من أجل تنفيذ إجراءات العودة، وتطبيق جميع أنواع العقوبات في ما يتعلق بأماكن العمل التابعة للأجانب الذين ليس لديهم لائحة ضريبية.

وعلم “العربي الجديد” من مصادر خاصة، أن المجلس التنفيذي لحزب العدالة والتنمية الحاكم، ناقش قبل أيام، إعادة السوريين في المدن الكبرى إلى المدن المسجلين فيها، وإرسال المهاجرين الذين لا يحملون إقامة أو بطاقة حماية مؤقتة إلى مخيمات في المناطق الحدودية، فضلاً عن إيقاف كل معاملات التسجيل الجديدة للحصول على بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك) في المدن الكبرى، وتطبيق عقوبات على أماكن العمل التابعة لطالبي اللجوء الذين يعملون من دون إذن، أو ليس لديهم ترخيص.

ويؤكد رئيس تجمّع المحامين السوريين الأحرار في تركيا، غزوان قرنفل، تواصل كثير من اللاجئين السوريين مع التجمع للاستفسار عن مصيرهم في ظل تصاعد حملات التحريض على ترحيلهم من قبل أحزاب تركية معارضة، مضيفاً لـ”العربي الجديد”، أن “مختلف أشكال الضغط ستمارس على السوريين في تركيا حتى الانتخابات القادمة في عام 2023″، إذ تعتمد الأحزاب المعارضة على السوريين كورقة سياسية لاستمالة الناخب التركي.

ويوضح قرنفل: “يجب أن يدرك العنصريون الأتراك أن وجود السوريين حالة قانونية يجب التعاطي معها من منظور الالتزامات القانونية للدولة بموجب المواثيق الدولية الموقعة، وبموجب الاتفاقية المبرمة بينها وبين الاتحاد الأوروبي، وأنها بموجب هذه الالتزامات القانونية لا يمكنها ترحيل السوريين إلى بلدهم قبل انتهاء الصراع، ووفق حل سياسي يضمن لهم عودة آمنة وكريمة وطوعية، كما يجب على حكومتهم أن تعمل على تعزيز هذا الإدراك لديهم”

ويشير إلى أن “فكرة الترحيل ليست صناعة تركية خالصة، بل هي خلاصة توافق إقليمي ودولي، وتركيا جزء منه، وهذا يوجب على الحكومة التركية ضمان سلامة السوريين المقيمين على أراضيها، وحماية موارد رزقهم، والكف عن الرضوخ للابتزاز الشعبوي الذي يشجع العنصريين على ممارسة المزيد من التحريض، وعليها مواجهة الخطاب العنصري بالأدوات القانونية للحد من ارتداداته المجتمعية”.

ويتعرض السوريون لحملات تنمّر وكراهية متصاعدة منذ جريمة قتل شاب تركي على يد لاجئ سوري في أنقرة، ووصلت إلى حد الدعوة لطرد السوريين من قبل مسؤولين أتراك، كما فعل رئيس بلدية “بولو” المنتمي إلى حزب الشعب المعارض، تانجو أوزجان، الذي اتخذ إجراءات عدة لطرد السوريين والأجانب من الولاية عبر رفع أسعار الطاقة والمياه عشرة أضعاف، ووقف المساعدات، ووقف منح رخص لمزاولة العمل.

ويقول عضو في حزب “العدالة والتنمية” طلب عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”: “بعض الأحزاب المعارضة سيزيد استخدامها لورقة السوريين كلما اقتربت الانتخابات، خاصة بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي تراجع نسبة مؤيديهم، وزيادة شعبية حزب العدالة والتنمية. جميع الدعوات بالطرد، أو الترحيل القسري، أو تلك المتضمنة إغراءات لوجستية أو مالية، مخالفة لقانون الحماية المؤقتة، ولنهج الدولة التركية، وليس لأحد أن يطرد السوريين، وعليهم في حال التضييق عليهم، أو تهديد مصالحهم، إقامة دعاوى قضائية، والقانون التركي إلى جانبهم”.

وحسب آخر رقم لهيئة الإحصاء، يبلغ عدد السوريين المقيمين على الأراضي التركية 3 ملايين و645557 شخصاً، منهم 47.5 في المائة دون الـ18 سنة، ويبلغ عدد النساء والأطفال من بينهم نحو مليون و583373 شخصاً. فيما يظهر آخر مسح قدمه مركز أبحاث الهجرة إلى البرلمان التركي حول اللاجئين السوريين، أن معظمهم سعداء في تركيا، وأن أكثر من نصفهم على استعداد للبقاء بدلاً من العودة إلى وطنهم، بعد أن كانت هذه النسبة لا تتجاوز 16.7 في المائة خلال سنوات اللجوء الأولى. لكن بحسب المسح ذاته، أكد كثير من الأتراك الذين كانوا في السابق ينظرون إلى السوريين على أنهم ضحايا، أنهم صاروا يرونهم عبئاً يتزايد على المجتمع

المصدر: العربي الجديد

مشاركة المقال عبر