رد أمريكي سريع على “الإنـ ـذار الأخير” لأرودغان.. الأدميرال براد كوبر يلتقي مظلوم عبدي

لم يمض وقت طويل على تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لقوات سوريا الديمقراطية و”إنذاره الأخير” بشن عملية عسكرية جديدة في مناطق شمال وشرق سوريا، حتى جاء الرد الأمريكي المباشر بزيارة الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأمريكية إلى شمال وشرق سوريا ولقائه بالقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.
مسار تركي “غير حميد” في سوريا
لم تدخر تركيا جهداً منذ لحظة سقوط نظام الأسد في سوريا وصعود هيئة تحرير الشام إلى السلطة، من أجل التوغل بشكل مباشر على مختلف الأصعدة العسكرية والاستخباراتية والسياسية والاقتصادية، في مسعى واضح للسيطرة على زمام الأمور في سوريا، معتبرة أن الساحة السورية باتت مساحة مشاع لتركيا مع زوال وتراجع النفوذ الروسي والإيراني.
وتنفذ تركيا مسارها وفق خطة ممنهجة تهدف إلى فرض الوصاية المباشرة على دمشق، التي أصبحت خاضعة بشكل شبه كامل للقرار التركي، خاصة مع هيمنة هيئة تحرير الشام على السلطة في سوريا والعزلة التي تعانيها دولياً.
ومن خلال تعيين مستشارين عسكريين وتجاريين ودينيين في سفارتها بدمشق، تسعى أنقرة إلى تعزيز نفوذها في مختلف المجالات، مستغلة ضعف السلطة المركزية وتبعيتها لأنقرة.
محاولة عرقلة المسار الأمريكي والغربي حول سوريا
بدا واضحاً أن قوى عالمية كبرى وقوى إقليمية مؤثرة، عملت بجهد من أجل تعويم سلطة هيئة تحرير الشام بما ينسجم مع مسار معين يقضي بفرض نوع من الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي. حيث تغاضت هذه القوى بما فيها أمريكا عن ماض “الهيئة” وزعيمها، وكذلك بدأت تدريجياً برفع العقوبات المفروضة على سوريا.
وتزامن ذلك مع مسار سياسي تضمن بالدرجة الأولى فتح بوابات التفاوض والتقارب بين دمشق والإدارة الذاتية، والذي توج مبدئياً باتفاقية 10 آذار الموقع بين رئيس الحكومة المؤقتة أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي
إلا أن هذا المسار يبدو أنه تعارض كلياً من مسارات تركيا ومخططاتها، حيث ذكرت العديد من التقارير الإعلامية عن ضغط وتأثير تركي مباشر على حكومة دمشق للمماطلة في تنفيذ بنود اتفاقية آذار، وكذلك عرقلة جولة مفاوضات كان من المقرر أن تتم في باريس برعاية أمريكية فرنسية.
تصعيد في الخطاب التركي ورفع وتيرة التهديد بالتدخل العسكري
في محاولة يائسة من تركيا للالتفاف حول السياسات التركية والغربية على سوريا، تحاول تركيا جر قوات سوريا الديمقراطية إلى توقيع اتفاقية قد تقضي في النهاية إلى حل قوات سوريا الديمقراطية تحت مسمى “الدمج” مما يعني زوال آخر الأسوار أما تركيا لبسط نفوذه الواسع على سوريا بشكل كامل، فقد صعت المسؤولون الأتراك من لهجتهم تجاه قسد والإدارة الذاتية. وآخر تلك التهديدات جاءت على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي هدد بعملية عسكرية جديدة في شمال وشرق سوريا.
الرد الأمريكي جاء سريعاً
كان الرد الأمريكي على تهديدات أردوغان سريعاً، وأسرع من “استلال السيف من غمده” بحسب قول أردوغان.
حيث أجرى الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأمريكية زيارة إلى سوريا، التقى خلالها القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وأكد التزام التحالف الدولي بدعم قسد والاستمرار بالعمل المشترك ضد الإرهاب وتأمين المخيمات وحماية سجون داعش.
147 مليون دولار مخصصات البنتاغون لدعم قسد خلال العام الجاري و130 مليون دولار لعام 2026
وبينما كانت تروج دوائر إعلامية وسياسية تديرها تركيا بانسحاب القوات الأمريكية من شمال وشرق سوريا، أعلن البنتاغون في شهر تموز من العام الجاري عن تخصيص 130 مليون دولار من ميزانية 2026 لدعم قوات سوريا الديمقراطية، فيما لا يزال العمل جارياً بقرار سابق تم فيه تخصيص 147 مليون دولار للهدف ذاته خلال عام 2025.
يرتكز الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) على عدة محاور رئيسية:
- على الصعيد العسكري يتم تزويد هذه القوات بشكل مباشر بالأسلحة والذخائر، وتقديم الدعم الجوي خلال المعارك ضد تنظيم داعش، و تدريب وتسليح وحدات النخبة والقيام بعمليات مشتركة.
- أما من الناحية الأمنية والاستخباراتية تتبادل الولايات المتحدة معلوماتها الاستخباراتية الحيوية مع قسد لمواجهة التهديدات، ولا سيما تلك المتعلقة بتنظيم داعش.
- تقدّم الولايات المتحدة دعماً مالياً متواصلاً، من خلال تخصيص ميزانية سنوية، يساهم في دفع رواتب العناصر وتمويل الإدارات المحلية في المنطقة.
- وفي مجال الحماية والدعم السياسي فإن الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة يشكل عامل ردع، أمام الهجمات المحتملة من قبل القوات التركية أو حتى قوات أخرى.
ماذا عن الدعم الأمريكي للحكومة الانتقالية في دمشق
من الواضح أن الحكومة الانتقالية في دمشق لا تحظى بنفس الدعم الذي تحظى به قوات سوريا الديمقراطية، ويمكن رؤية هذا الأمر من عدة نواحي:
- لا تقدم واشنطن أي دعم عسكري مباشر، فلا توجد قوات أمريكية تقاتل إلى جانب الحكومة الانتقالية.
- كما أن الدعم الاقتصادي المقدم لا يزال منخفضًا وبطيئًا، ومشروطًا عادةً بتنفيذ إصلاحات.
- وتتعامل الولايات المتحدة مع الحكومة الانتقالية بحذر، وتراقب سلوكها، خاصة في مجالات حقوق الإنسان والتعامل مع الأقليات.
- والنقطة الأهم أن الولايات المتحدة لا توفر حماية عسكرية للحكومة الانتقالية التي تُجبر على التعامل مع أطراف إقليمية متنافسة ومتنافرة (روسيا، إيران، تركيا) دون وجود ضامن قوي.