تركيا سوريا شمال وشرق سوريا

هجـ ـمات قوات الحكومة السورية بدير الزور والتركيّة في شمال وشرق سوريا يخلق فرصاً كبيرة لعودة د١عـ*ـش

أحمد خليل

في خطوةٍ خطيرة تُهدد المنطقة برمتها وتخلق معها فرصاً كبيرة لإعادة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» بقوة على الساحة بعد أن تمكنت قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي من القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» عسكرياً عام 2019 لتنحسر نشاطات التنظيم في الهجوم على شكل خلايا نائمة والتي تزداد وتيرتها مع كل هجوم بري تركي على مناطق شمال وشرق سوريا، إلا أنَّ التهديد الأمني الأخير والهجمات من قبل قوات الحكومة السورية والمجموعات الموالية لإيران في شن قصف بري على مواقع لقوات قسد في دير الزور لمساعدة المسلحين المدعومين من قبلهم تحت مسمى قوات العشائر، والهجمات التركية عبر الطائرات الحربية والمسيرة مؤخراً على مناطق شمال وشرق سوريا تُنذر بخطر محدق وكبير من أخذ المنطقة برمتها إلى فوضى إرهاب كبيرة ستستفيد منه تنظيم الدولة عبر الظهور بشكل أقوى مما كان عليه خاصةً أنه سبق لتركيا أن قصف العام الفائت محيط سجن جركين في مدينة القامشلي من أجل إحداث فجوات فيه، بغية مساعدة معتقلي التنظيم على الهرب، بالإضافة إلى استهداف قوات حماية مخيم الهول الذي يضم الآلاف من نساء وأطفال عناصر التنظيم، حيث تمكنت حينها 25 امرأة من نساء قيادات عناصر التنظيم الهرب إلى مدينة جرابلس الخاضعة للسيطرة التركية.

واليوم استهدف مسلحان يرجح تبعيتهما لخلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” كانا يستقلان دراجة نارية، بالأسلحة الرشاشة تجمعاً لشبان بالقرب من منزلهم في قرية طيب الفال التابعة لبلدة الصور بريف دير الزور الشمالي، مما أدى لإصابة مدني وعنصر من قوى الأمن الداخلي “الأسايش” تم نقلهما إلى إحدى المشافي لتلقي العلاج.

وفي الـ 3 من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، انفجر لغم أرضي عند دوار الشهداء في مدينة منبج الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وأسفر انفجار اللغم الذي جرى تجهيزه عن بُعد عن فقدان عنصر من قوى الأمن الداخلي وإصابة ثلاثة آخرين وذلك أثناء محاولتهم تشكيل طوق أمني لحماية المدنيين، في خطوةٍ جديدة من تنظيم داعش الذي تبنى لأول مرة منذ سنوات بنقل هجماته إلى ريف حلب وتفجير اللغم الأرضي في مدينة منبج.

فرار نساء داعش من الهول نتيجة هجمات تركية

في منتصف ليل يوم الـ 19 من تشرين الثاني 2022، بدأت تركيا عملية جوية ضد مناطق شمال وشرق سوريا، بعد أن اتهمتها بالوقوف خلف تفجير شارع الاستقلال في ناحية تقسيم بمدينة إسطنبول في افتراء واضح بعد أن كشفت المعلومات أن منفذة التفجير تنتمي إلى تنظيم الدولة الإسلامية.

هذه الهجمات استهدفت عموم المنطقة الحدودية وبشكل خاص استهدفت الطائرات الحربية والمسيّرة البنية التحتية والمنشآت الحيوية والمؤسسات الخدمية مثل محطات النفط ومنشآت توليد الكهرباء، بغية ضرب اقتصاد واستقرار المنطقة.

ولكن اللافت جاء بعد عدة أيام بعد قصف مركز مشترك بين التحالف الدولي وقوات مكافحة الإرهاب في قوات سوريا الديمقراطية والتي تدير عمليات استهداف خلايا تنظيم الدولة الإسلامية، ومن ثم استهداف محيط سجن “جركين” في مدينة القامشلي، والمعروف عن هذا السجن بأنه يضم أخطر معتقلي عناصر التنظيم لدى قوات سوريا الديمقراطية.

الاستهداف التركي لمحيط السجن جاء من أجل إحداث فجوات فيه، بغية مساعدة معتقلي التنظيم على الهرب تحت تغطية الطائرات الحربية والمسيرة التركية، خصوصاً أن تركيا وأثناء هجماتها على رأس العين وتل أبيض عام 2019 استهدفت هذا السجن وأحدث فجوة في جدرانه ما أدى لفرار عدد من معتقلي عناصر التنظيم ووصلهم تحت تغطية النيران المدفعية والطيران إلى تركيا.

وتوضحت النوايا التركية بشكل أكبر عندما استهدفت قوات حماية مخيم الهول الذي يضم الآلاف من نساء وأطفال عناصر التنظيم، خصوصاً أن هناك المئات من أشبال الخلافة الذي تم تدريبهم على يد نساء عناصر التنظيم المتشددات، وذلك بغية خلق المجال لنساء وصبيان التنظيم الفرار.

هذا ما حدث بالفعل، إذ فرت نحو 25 امرأة من نساء قيادات عناصر التنظيم من المخيم وتم تهريبهن بسرعة إلى مدينة جرابلس الخاضعة للسيطرة التركية.

وبعد ذلك بعدة أيام، فر عدد من الأطفال الذين تم تحضيرهم من قبل نساء التنظيم كأشبال الخلافة من المخيم تحت تغطية الطائرات الحربية والمسيرة التركية، ولكن قوات سوريا الديمقراطية ألقت القبض عليهم بعد وقت قصير.

بحسب اعترافات الأطفال، فأنه تواصل معهم عناصر التنظيم المتواجدين في إدلب والذي يحصلون على الحماية من نقاط المراقبة التركية، وأخبروهم بأن الطائرات بدأت تحوم فوق المخيم وبإمكانهم الفرار وتم تحديد نقاط لهم من أجل التوجه إليها، ليتم استلامهم من عناصر التنظيم ونقلهم إلى مدينة رأس العين الخاضعة للسيطرة التركية.

باحثون في مكافحة الإرهاب يحذرون من الهجمات التركية

تسعى تركيا بشتى الوسائل لزعزعة أمن واستقرار المنطقة عبر شن الهجمات البرية والجوية بحجة حماية أمنها القومي وأكاذيب باتت معروفة للقاصي والداني وهي تأمين فرار عناصر التنظيم وأفراد عوائله من المعتقلات والمخيمات في شمال وشرق سوريا، من أجل إعادة استخدامهم في الحروب التي تشنها في عموم المنطقة، من أجل تحقيق أحلامها بالوصول إلى حدود الميثاق الملي قبل حول منتصف عام 2023 حيث يمضي 100 عام على تأسيس الجمهورية التركية.

ويرى الباحثون في مجال مكافحة الإرهاب إن الهجمات التركية على شمال وشرق سوريا، واستهداف المدنيين والعسكريين والمنشآت الحيوية والبنى التحتية تضر بالقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتفتح المجال لإعادة تنظيم نفسه من جديد وشن الهجمات في المنطقة، لأن قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبر رأس الحرب في هذه العمليات ستركز على حماية المنطقة من الهجمات التركية وسيضعف تأثيرها في مجال مكافحة الإرهاب.

ويشير الباحثون أن تداعيات التصعيد العسكري على شمال وشرق سوريا، وبالأخص على السجون التي يتواجد فيه الآلاف من عناصر تنظيم داعش إضافةً إلى المخيمات التي تضم عوائل تنظيم الدولة الإسلامية والتي تسعى تركيا جاهدة لإعادة إحيائه من جديد.

ويحذر الباحثون في مجال مكافحة الإرهاب من أن الآلاف من عوائل تنظيم داعش موجودون في مخيم الهول، ينتظرون الفرصة المناسبة لإعادة تشكيل التنظيم من جديد، وأن استمرار الهجمات التركية في المنطقة يجعل المنطقة في حالة فوضى تساعد داعش على إبراز نفسه من جديد على الساحة السورية وخطراً حقيقياً على العالم.

هجمات قوات الحكومة السورية يساعد في ظهور داعش

اضطربت الأوضاع مؤخراً في عدة قرى وبلدات بمدينة دير الزور في الجزء الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية نتيجة اشتباكات بين قسد من جهة ومسلحين مدعومين من قبل قوات الحكومة السورية وإيران وذلك تحت مسمى قوات العشائر والهدف هو السيطرة بشكل كامل على مدينة دير الزور.

لم يتوقف دعم قوات الحكومة السورية وإيران بمد المسلحين بالأسلحة والذخائر لقتال قوات سوريا الديمقراطية، لتدخل قوات الحكومة السورية مباشرةً على الخط وتبدأ بشن هجمات وقصف على مواقع قسد حيث استهدفت لمرتين خلال الشهر الجاري منازل المدنيين ونقطة لمركز الأمن العام في مدينة هجين بريف دير الزور الشرقي، إضافة إلى استهداف مواقع قسد على ضفاف الفرات.

وتعقيباً حول الأوضاع المضطربة في دير الزور السورية، قال المتحدث السابق باسم التحالف الدولي لمـ.ـحاربة داعش، مايلز كاغينز، أن هذه الاشـتباكات «تُوفر فرصة لظهور خلايا داعـش التي توجد في وادي نهر الفرات، مضيفاً أن الأمر الأكثر إثارةً للقلق هو تدفق المقاتلين من الميليشيات الموالية لـ تركيا وإيران».

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

مشاركة المقال عبر