مخـ ـطط جديد تقـ ـوده أنقرة ودمشق لتصـ ـفية الأقلـ ـيات في سوريا بأيدي الهفل
الهفل شارك في جرائم جرمانا وصحنايا

كشفت معلومات موثـ ـوقة عن مخـ ـطط خطـ ـير تقـ ـوده الاستـ ـخبـ ـارات التركية بالتنسيق مع هيـ ـئـ ـة تحـ ـريـ ـر الشـ ـام، يهدف إلى تنـ ـفـ ـيذ عمـ ـلـ ـيات تصـ ـفية وجـ ـرائـ ـم جمـ ـاعـ ـية بحق الأقلـ ـيات في سوريا، عبر استخدام مجمـ ـوعـ ـات عشـ ـائرية مسلّـ ـحة بقيادة المـ ـدعـ ـو إبراهيم الهفل.
وتشير معلومات ميدانية مؤكدة إلى أن الهجمات التي استهدفت الأقليات الدينية والطائفية في جنوب سوريا، ولا سيما في مناطق جرمانا وصحنايا والممرات الرابطة بين دمشق والسويداء، جاءت نتيجة تنفيذ مخطط منسق بين الاستخبارات التركية وهيئة تحرير الشام. وقد اعتمد هذا المخطط على استخدام مرتزقة العشائر بقيادة إبراهيم الهفل، الذين نُقلوا إلى المنطقة بشكل منظّم بهدف تنفيذ عمليات عنف ممنهجة ترمي إلى بث الفوضى وتأجيج التوترات الطائفية. وبحسب مصادر مطلعة، فإن هذه العمليات جرى التحضير لها مسبقاً ضمن خطة أوسع تهدف إلى زعزعة الاستقرار في الجنوب السوري وتوجيه رسائل سياسية وأمنية عبر وكلاء محليين بعيدًا عن الواجهة الرسمية لتركيا وهيئة تحرير الشام.
بحسب التسريبات، فقد وجّه كل من أنس خطاب، وهو من أبرز قادة هيئة تحرير الشام والقيادي الميداني في الهيئة المدعو أبو مصطفى العراقي، تعليمات واضحة لإبراهيم الهفل بضرورة إرسال مسلحين من عشيرته العكيدات، إلى جانب عناصر من لواءي البوجامل والبكير، نحو المناطق المذكورة. وقد استجاب الهفل لهذه الأوامر بشكل فوري، وأرسل مجموعاته المسلحة إلى محيط دمشق لتنفيذ المهام المكلفة بها نهاية آذار الفائت.
ويأتي هذا التحرك في سياق تكتيك متعمد تلجأ إليه هيئة تحرير الشام، التي تسعى إلى تجنّب الظهور المباشر في عمليات استهداف الأقليات، خشية الاتهامات الدولية وتحت ضغط المراقبة الإقليمية. ولهذا السبب، أوضحت المصادر أن “وزارة الدفاع والأمن العام لا يستطيعان في الوقت الراهن فتح جبهة ضد الدروز”، وأوكلت المهمة إلى مرتزقة العشائر، الذين يُنظر إليهم كمجموعات منفصلة لا تربطها رسمياً بالهيئة أو بتركيا.
والجدير بالذكر أن العناصر التي يعتمد عليها إبراهيم الهفل اليوم، كانت سابقًا تتحرك بأوامر مباشرة من الحرس الثوري الإيراني والنظام السوري السابق، وشاركت في عمليات قمع وهجمات على مواقع لقوات سوريا الديمقراطية. أما الآن، فقد تم إعادة توجيه هذه المجموعات لخدمة الأجندة التركية، وذلك من أجل تنفيذ مجازر أو زعزعة الاستقرار دون المساس بصورة الجهات الرسمية الداعمة.
ووفق مصادر مطلعة، فإن العملية تتضمن نقل هذه الفصائل إلى مناطق ذات حساسية طائفية بهدف تنفيذ جرائم تطهير عرقي، مع التركيز على قطع الطرق الحيوية الرابطة بين دمشق والسويداء، ما يشير إلى نوايا عدوانية تتعدى السيطرة العسكرية إلى إعادة تشكيل التوازنات السكانية.
التحذير لا يقتصر على الجنوب فقط؛ إذ تتوقع المصادر استخدام هذه العناصر لاحقًا في شن هجمات على شمال وشرق سوريا، لا سيما في ريف دير الزور، حيث سبق وأن شاركوا في عمليات مشابهة. ويأتي ذلك ضمن محاولة تركية مستمرة لضرب الاستقرار في تلك المناطق وخلق ذريعة لتوسيع تدخلها العسكري.
وخلف هذا التحرك تقف شبكة واسعة من التنسيق بين الاستخبارات التركية، وبعض القيادات العشائرية المقربة من فيلق القدس الإيراني، مثل مصعب الهفل، فرحان المرسومي، وخلف المرسومي. وقد تم عقد اجتماعات سرية في مقرات أمنية سورية بحضور ضباط أتراك، مثل الجنرال أحمد أوكار وجميل عصمت، حيث جرى الاتفاق على توزيع الأدوار، وتسليح هذه المجموعات، وتوفير الحماية لهم من أي مساءلة قانونية أو ملاحقة أمنية.
وتشير هذه التحركات إلى خطر داهم على المكونات الدينية والعرقية في سوريا، لا سيما الأقليات، في ظل استمرار التوظيف السياسي للمجموعات المسلحة من قبل أطراف إقليمية تسعى إلى تأجيج النزاعات الطائفية لتحقيق مكاسب استراتيجية. وتبدو تركيا، بحسب مصادر المراقبة، المستفيد الأكبر من استمرار حالة الفوضى ومنع الاستقرار، لأنها تخشى من انتهاء مبررات تدخلها العسكري بمجرد استتباب الأمن.
وأمام هذه المؤشرات، تزداد المخاوف من تحول جنوب دمشق إلى ساحة جديدة للصراع الطائفي المنظم، تحت رعاية مباشرة من أجهزة استخبارات تركيا وهيئة تحرير الشام، ما يتطلب تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي لمراقبة التطورات، ومساءلة الجهات الضالعة في دعم وتحريك هذه الجماعات.
وإبراهيم الهفل، أحد أبرز قادة مرتزقة العشائر، كان على ارتباط وثيق بالحرس الثوري الإيراني والنظام السوري السابق، حيث تولّى سابقًا قيادة مجموعات عشائرية شاركت في هجمات على قوات سوريا الديمقراطية في دير الزور، بناءً على توجيهات مباشرة من فيلق القدس التابع للحرس الثوري. ومع تغير الخارطة السياسية والعسكرية في المنطقة، انتقلت هذه العلاقة إلى مرحلة جديدة من التوظيف، إذ بدأت الاستخبارات التركية، بالتعاون مع هيئة تحرير الشام، في إعادة تنظيم هذه العناصر وتجنيدها لخدمة أجنداتها في سوريا.