تحقـ ـيق لـCNN يكشف انتهـ ـاكات مـ ـروعة لفصـ ـيل يقـ ـوده قـ ـائد رفيع في الجيش السوري الجديد

دعوات لإدراج فصيلي "الحمزات" و"العمشات" على القوائم السوداء لدى مجلس الأمن

كشفت شبكة CNN في تحقـ ـيق موسع، عن شهـ ـادات صـ ـادمة لنساء تعـ ـرضـ ـن لانتهـ ـاكـ ـات جسـ ـيمة – بينها اختـ ـطـ ـاف، تعـ ـذيـ ـب، واعتـ ـداءات جـ ـنسـ ـية – على يد فصـ ـائل مسـ ـلحة كانت تتبع لـ”الجيـ ـش الوطني” المـ ـدعـ ـوم من تركيا، ويقودها حاليًا سـ ـيف بـ ـولاد، المعروف باسم “أبو بـ ـكر”، الذي يشغل الآن منـ ـصبًا رفيعًا في الجيـ ـش السوري الجديد التابع لسلـ ـطة دمشق.

التحقيق الذي استند إلى مقابلات حصرية مع ناجيات، ووثائق مصورة من داخل سجون سرية، ألقى الضوء على الجرائم المرتكبة من قبل “فرقة الحمزة” بقيادة بولاد، والتي كانت قد خضعت لعقوبات أمريكية في آب/أغسطس 2023 بسبب سجلها الحقوقي المروع، خاصة ضد النساء الكورديات.

شهادات الناجيات

وقالت لونجين عبدو، وهي ناشطة كوردية تبلغ من العمر 29 عاماً، إنها أمضت سنوات محتجزة في أحد سجون “الحمزات”، وتعرضت لانتهاكات جسيمة.

مضيفة: “تعيين سيف بولاد قائداً عسكرياً يُعدّ إهانة لمعاناتنا. هذا يعني أن من عذبونا يُكافؤون بدلاً من محاسبتهم”.

التحقيق كشف أيضًا أن بولاد شارك شخصياً في عمليات التعذيب والاغتصاب، بل وتم توثيق تصوير نساء وهن عاريات داخل مراكز احتجاز تديرها جماعته.

خلفية بولاد والعقوبات الأمريكية

سيف بولاد، وهو ضابط سابق في الجيش السوري من منطقة بزاعة بريف الباب، عمل كـ”والي” لتنظيم داعش في مدينة قباسين عام 2014، قبل أن ينتقل لقيادة “فرقة الحمزة”. وقد فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات عليه وعلى فصيله بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مناطق خاضعة لسيطرتهم، لا سيما في مدينة عفرين ذات الغالبية الكوردية.

وتشير الوثائق إلى أن سجون “الحمزات” السرية كانت تشهد اعتداءات جنسية ممنهجة، وخُصصت غرف لاغتصاب المختطفات، بتواطؤ ضمني من أجهزة تركية، بحسب مصادر التحقيق.

الممارسات الممنهجة في عفرين

فصيل الحمزات، إلى جانب فصيل سليمان شاه المعروف بـ”العمشات”، متهمان بعمليات تهجير قسري للكورد من قرى ريف الباب وعفرين، وتوطين نازحين تركمان مكانهم. وقد تم توثيق إفراغ 70 قرية كوردية في ريف الباب وحده، إضافة إلى مصادرة أملاك الكورد، وفرض إتاوات مالية على من تبقى منهم.

النساء الكورديات كن الأكثر تضرراً، حيث تعرضن للاختطاف والابتزاز والاغتصاب، في حين ظل الجناة بلا محاسبة. في إحدى الوقائع، تم الكشف عن سجن سري بعد اقتحامه من قبل متظاهرين في أيار/مايو 2020، ليُعثر على 11 امرأة معتقلة في ظروف مهينة، إحداهن كانت عارية تماما وهو نفس السجن الذي كانت تتواجد فيه لونجين.

تواطؤ وتجاهل رسمي

التقرير يتزامن مع تعهدات أطلقها رئيس سلطة دمشق أحمد الشرع بعد الإطاحة بالنظام السابق، بالتوجه نحو دولة حقوقية وديمقراطية. إلا أن تعيين سيف بولاد على رأس فرقة عسكرية في محافظة حلب يُثير شكوكًا واسعة حول مدى التزام السلطة الجديدة بمحاسبة الجناة.

ومن جهتها، هيومن رايتس ووتش كانت قد أصدرت تقريرًا في شباط 2024، أكدت فيه أن المناطق التي تسيطر عليها تركيا ليست “آمنة”، بل تُدار بمنطق السلاح، معتبرة أن ما يجري فيها يرتقي لجرائم حرب، وأن تركيا تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة بوصفها قوة احتلال.

لجنة التحقيق الأممية: أدلة دامغة

لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا أصدرت تقريرًا منتصف 2023، أكدت فيه أن القوات التركية والفصائل التابعة لها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين الكورد، تشمل؛ الاعتقال التعسفي والتعذيب، الاغتصاب الممنهج، التهجير القسري وتغيير التركيبة السكانية.

مشاركة ضباط أتراك في مراكز الشرطة في رأس العين وتل أبيض

وشددت اللجنة على مسؤولية تركيا القانونية كقوة محتلة، مطالبة بتحقيق دولي مستقل ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.

تحركات لتوثيق الجرائم

منظمات محلية بدأت منذ 2023 حملة لجمع شهادات الناجيات وتوثيق الانتهاكات بالصوت والصورة، تمهيدًا لتقديمها إلى محاكم دولية. المطالبات تتزايد من أجل إدراج الفصيلين “الحمزات” و”العمشات” على القوائم السوداء لدى مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية.

خلاصة

التحقيق الذي أجرته CNN لا يكشف فقط عن سجل مروع من الجرائم والانتهاكات، بل يطرح تساؤلاً مصيرياً: هل تسير سوريا نحو العدالة الحقيقية بعد عقود من الحرب، أم نحو تبييض صفحة الجناة تحت شعارات التغيير؟

الإجابة ستتضح من قدرة سلطة دمشق على محاسبة المتورطين، لا تمكينهم.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى