المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك – واجهة دبلوماسية لاستثمارات مشـ ـبوهة؟

طموحات تتجاوز الطاقة: الفوسفات هدف استراتيجي

يتصاعد الجـ ـدل حول الدور الغـ ـامض الذي يؤديه توماس باراك، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، في ظل تشابك مصالحه السياسية مع شبكة واسعة من الأنشطة التجارية العابرة للحدود، ما يثـ ـير تساؤلات حقيقية حول تضـ ـارب المصالح واستخدام المنصب الدبلوماسي لتحقيق أهداف ربحية.

باراك المستثمر قبل أن يكون دبلوماسياً

توماس باراك، رجل أعمال أميركي من أصول لبنانية، يُعد من الشخصيات البارزة في مجال الاستثمار الخاص والصفقات العالمية، ومعروف بعلاقاته الوثيقة بالمؤسسة السياسية الأميركية، خاصة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث أدار لجنة تنصيب ترامب في 2017 وكان مستشاراً مقرّباً له في ملفات الشرق الأوسط وهو حالياً يشغل منصب سفير الولايات المتحدة إلى تركيا ومبعوثها الخاص إلى سوريا.

ويدير باراك شركة “ديجيتال بريدج” (DigitalBridge)، المعروفة سابقًا باسم Colony Capital، وهي شركة استثمارية ضخمة لها أعمال في تركيا بمجالات العقارات والطاقة، وتشكل بوابة رئيسية له للتوغل في السوق الإقليمي.

اختراق السوق السورية عبر بوابة الطاقة

رغم أن باراك يشغل منصباً دبلوماسياً حساساً كمبعوث خاص لسوريا، إلا أن تحركاته تكشف عن تداخل مريب بين المهام الرسمية والمصالح التجارية، لا سيما في ملف مشاريع الطاقة الكبرى في سوريا.

ورغم أن باراك لا يظهر علناً في صفقات سوريا بشكل مباشر، إلا أن شركته تمتلك مصالح غير معلنة في مشاريع تنموية ضخمة داخل البلاد، تتم بالتنسيق مع شركات واجهة وشركاء محليين – سوريين وقطريين – لتجنّب الظهور في الواجهة، في ظل القيود القانونية والأخلاقية التي تحظر على المسؤولين الحكوميين الأميركيين الانخراط في أعمال تجارية داخل مناطق النزاع.

علاقات خفية مع “Power International” والقرابة مع رجال أعمال سوريين

وتحظى DigitalBridge بعلاقات استثمارية متشابكة مع شركة “Power International Holding”، وهي شركة قطرية مقرها في الولايات المتحدة، يديرها معتز ورامز الخياط، وهما ابنا شقيقة رجل الأعمال السوري محمد حمشو، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع النظام السوري السابق وشبكات المال والنفوذ في دمشق.

ويمثل هذا الرابط قناة نفوذ خفية تربط مصالح باراك التجارية بالأوساط الاقتصادية السورية، خاصة أن عائلة معتز وارمز الخياط يترأسان شركات ضمن التحالف الذي وقع مؤخراً مذكرة تفاهم مع الحكومة السورية الانتقالية في مجال الطاقة، عبر ذراعهم الاستثمارية UCC Concession Investments. والتحالف يضم شركات: UCC Concession Investments التابعة لـ”باور إنترناشيونال القابضة” القطرية، شركتا Cengiz Enerji وKalyon GES Enerji Yatirimlari التركيتان، وشركة Power International USA المسجلة في الولايات المتحدة.

وفي 29 أيار/مايو 2025، وقّعت الحكومة السورية المؤقتة مذكرة تفاهم مع تحالف شركات بقيادة “UCC القابضة” القطرية، ضمن مبادرة “إحياء الطاقة في سوريا”، لبناء محطات كهرباء بكلفة تصل إلى 7 مليارات دولار.

ورغم عدم حضور باراك شخصياً لحفل التوقيع الذي جرى في قصر الشعب بدمشق، فإن تحركات شركته وارتباطها بشبكات الطاقة القطرية-التركية تشير إلى وجود تنسيق غير مباشر يتيح له الاستفادة من الفرص الاقتصادية الناشئة في سوريا، عبر شركاء يشاركونه المصالح والنفوذ الإقليمي.

وتربط “ديجيتال بريدج” علاقات تجارية غير معلنة رسمياً مع هذا التحالف، خصوصاً عبر استثمارات متقاطعة مع شركة “Power International Holding” المملوكة للأخوين معتز ورامز الخياط.

واجهات محلية: عماد غريواتي نموذجاً

وفي سبيل توسيع دائرة استثماراته وتجنب الرقابة المباشرة، يستخدم باراك شبكة من رجال الأعمال السوريين كواجهات محلية. من أبرزهم عماد غريواتي، رجل الأعمال السوري المقيم سابقاً في الإمارات، والذي كانت الحكومة السورية المؤقتة قد فرضت عليه إجراءات تحفظية، قبل أن ترفعها مؤخراً في خطوة وصفت بأنها “تمهيد لعودته كواجهة استثمارية مشروعة” لشبكات خارجية من ضمنها DigitalBridge.

طموحات تتجاوز الطاقة: الفوسفات هدف استراتيجي

إلى جانب مشاريع الطاقة، يسعى باراك – وفقاً لمصادر مطلعة – إلى الدخول في عقود استثمار حقول الفوسفات في بادية تدمر، بالتعاون مع شركات رومانية لها حضور في السوق السورية. ويُدار هذا التحرك أيضاً عبر شركاء محليين بهدف الالتفاف على القيود التي تفرضها التشريعات الأميركية على مسؤوليها الحاليين.

تضارب مصالح… وصمت أميركي

ويثير هذا التداخل العميق بين المصالح الدبلوماسية والتجارية أسئلة خطيرة حول تضارب المصالح داخل الإدارة الأميركية، لا سيما أن باراك يحتفظ بمنصبه كمبعوث خاص إلى سوريا بينما ترتبط شركته بمشاريع تجارية على الأرض السورية عبر قنوات التفافية.

ورغم حساسية منصبه كمبعوث خاص، لا يخفي باراك نيته في استغلال موقعه لتسهيل الأعمال التجارية لشركته والشركات المرتبطة بها، متكئاً على شبكة علاقاته مع رجال أعمال مقربين من الرئيس ترامب وشخصيات نافذة في الخليج وتركيا. وتُظهر تحركاته نمطاً من “الدبلوماسية المربحة”، حيث تُستخدم قنوات التفاوض السياسية لفتح الأبواب أمام عقود واستثمارات ضخمة.

وتطالب جهات حقوقية وسياسية بإجراء تحقيق شفاف في الولايات المتحدة حول طبيعة عمل باراك وصلاته التجارية، ومدى التزامه بالمعايير الأخلاقية المفروضة على المسؤولين الحكوميين، خاصة في ملفات حساسة كملف سوريا، حيث يمكن للنفوذ الاقتصادي أن يُستخدم كوسيلة ضغط سياسي.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى