تصـ ـاعد القـ ـتل الانـ ـتقـ ـامي في سوريا يُـنـ ـذر بانـ ـزلاق خطـ ـير نحو العنـ ـف والاحتـ ـقان الطـ ـائفي

تشهد سوريا موجة مقـ ـلقة من عمـ ـليات التصـ ـفية والقـ ـتل الانتـ ـقـ ـامي، التي ازدادت وتيرتها خلال الأيام الأخيرة، ووقعت في مناطق متفرقة من مناطق سلـ ـطة دمشق، مستهـ ـدفةً أشخاصاً على خلفـ ـيات طائـ ـفية أو ارتبـ ـاطات سياسية سابقة بالنـ ـظام البـ ـائد. وجرى تنفـ ـيذ هذه العمـ ـليات من قبل مسـ ـلحين مجهـ ـولين في بعض الحالات، وفي حالات أخرى على يـ ـد عنـ ـاصر من القـ ـوى الأمـ ـنية، ما يعكس مؤشرات خطـ ـيرة لانفـ ـلات أمـ ـني وانـ ـزلاق البلاد نحو دوامـ ـة من العنـ ـف الأهلي والاحتـ ـقان الطـ ـائفي.

وفي تقرير حديث، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 11 شخصاً، بينهم 7 ضحايا على خلفيات طائفية، خلال أقل من 24 ساعة.

وشدد التقرير على أن هذه الحوادث تنذر بكارثة اجتماعية في ظل غياب المحاسبة، ودعا إلى تحقيقات مستقلة وشفافة لمحاسبة المتورطين، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الطائفية.

تفاصيل العمليات وفقاً للمحافظات:

حمص:

قُتل شاب ثلاثيني من أبناء الطائفة الشيعية بينما كان يروي أرضه الزراعية قرب قرية الديابية برصاص مسلحين مجهولين، فيما شهدت المدينة أيضاً مقتل مواطنَين وإصابة آخر من الطائفة العلوية خلال توجههم إلى سوق الخضار، إثر استهدافهم من قبل مجموعة مسلحة.

دمشق:

شهدت العاصمة عمليتي تصفية؛ الأولى طالت رجلاً من أبناء الطائفة العلوية قُتل بعد اقتحام منزله، والثانية في مخيم اليرموك حيث قُتل رجل متهم بانتهاكات خلال سنوات الحرب، بعد خروجه مؤخراً من أحد سجون السلطة الجديدة.

طرطوس:

قُتل شاب من منطقة رويسة المندرة – صافيتا أثناء محاولته عبور الحدود إلى لبنان بطريقة غير شرعية، بعد تعرضه لإطلاق نار مباشر من حاجز أمني في الصفصافة.

اللاذقية:

قُتل ثلاثة شبان من الطائفة العلوية في القرداحة خلال حملة دهم أمنية. أحدهم أُردي قتيلاً أثناء محاولة الفرار، والاثنان الآخران جرى إطلاق النار عليهما خلال ملاحقة بدراجة نارية، وتوفي أحدهما لاحقاً متأثراً بجراحه. كما عُثر على جثة ثالثة في قرية جرماتي دون معلومات حول الفاعلين.

حماة:

قُتل رجل في حي باب قبلي على يد مسلحين مجهولين، بعد أن وُجهت له سابقاً تهم تتعلق بتعاونه مع الأجهزة الأمنية للنظام البائد.

إدلب:

سجلت المدينة عملية تصفية استهدفت رجلاً متهمًا سابقًا بالتعاون الأمني مع النظام، حيث قُتل بالرصاص المباشر من قبل مجهولين.

دعوات عاجلة وتحذيرات حقوقية

المرصد السوري لحقوق الإنسان عبّر عن قلقه الشديد من استمرار هذه العمليات، التي وصفها بأنها “ذات طابع طائفي انتقامي”، محذراً من تداعيات سياسة الإفلات من العقاب، ومؤكدًا أن غياب المساءلة يفتح الباب أمام مزيد من العنف والثأر، ما يقوّض جهود التعافي الوطني في البلاد.

كما شدد المرصد على ضرورة وقف فوري لهذه الجرائم وفتح تحقيقات محايدة ومستقلة، وإطلاق عملية عدالة انتقالية حقيقية تضمن الإنصاف للضحايا وتمنع تكرار الانتهاكات، في ظل افتقار البلاد إلى منظومة قضائية شفافة.

وفي ظل الأوضاع المعقدة والمضطربة التي تعيشها سوريا، تبدو هذه العمليات بمثابة ناقوس خطر ينذر بانهيار توازن هش، ويهدد بنسف أي جهود لبناء الاستقرار المجتمعي. وبين العنف الطائفي والانتقام السياسي، تبقى الحاجة ملحّة إلى خريطة طريق للعدالة والمصالحة، تضع حداً لحلقة الدم، وتؤسس لمجتمع يحكمه القانون لا الانتقام.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى